Menu

تحليلالكيان وبايدن والمهمات العاجلة في السياسة الصهيونية

بوابة الهدف - أحمد مصطفى جابر

لانخطئ منهجيا عندما نقول أن بايدن وترامب، يتخذان نفس المواقف الاستراتيجية تجاه القضية الفلسطينية وتجاه مجمل حركة التحرر العالمية، محملين بإرث تاريخي طويل من السلوك الديمقراطي والجمهوري من العدوان والرجعية حول العالم، وكلاهما الحزب الجمهوري ونظيره الديمقراطي، ممثلين حقيقيين للامبريالية الأمريكية، في صورها البشعة في مجمل الحالات.

ولكن المنهج أيضا يفيدنا أن الصورة العامة لاتعكس دائما التفاصيل، ولاتعكس دور العوامل المختلفة في المعادلة في الوصول إلى النتيجة النهائية يصح هذا في السياسة كما هو في الكيمياء.

هذا يفرض علينا أن نرصد الحراك الصهيوني –الأمريكي بعد ترامب، وفي عهد بايدن والجمهوريين، صحيح أن بايدن ينتظر نتيجة نهائية ليحسم فوزه، وصحيح أن الممكن في السياسة وسوسيولوجية الانتخابات أن يفوز ترامب بـالـ57 صوتا المتبقية ليهزم بايدن ولكن هذا مستبعد، ونناقش هنا على كل حال، موقف الكيان الصهيوني وما يمكن أن يفعله في حال فوز بايدن المرجح.

الواقع يقول إن القلق الصهيوني يتزايد وهو قلق محق، بعد أن اتخذ هذا الكيان سلوكا شبه عدائي مع الحزب الديمقراطي، منذ عهد أوباما جعل قواعد هذا الحزب تنصرف عن الاهتمام بالكيان، وتتحسس رجعيته تجاه قضاياها خصوصا يهود أمريكا الذين أصبحوا يشعرون بافتراق عميق عن الكيان وخصوصا عن السياسات التي يمارسها بنيامين نتنياهو داخليا، وبالتالي فإن الكيان الذي يجد نفسه حقق انجازات كبيرة في سيل التطبيع العربي معه يجد في الواقع إنه و بصرف النظر عن تعزيز العلاقات مع الدول العربية وإمكانية عقد المزيد من الاتفاقات، سيحتاج "إسرائيل" إلى مراقبة حثيثة للسلوك الديمقراطي من الموضوع النووي الإيراني وكذلك كيفية التصرف مع السلطة الفلسطينية التي تعتقد بمقدار حذر من الأحقية أن السياسات الأمريكية ستتغير، ولن يكون تأييد الكيان الصهيوني في البيت الأبيض كما هو في عهد ترامب والعصابة الأنيجليكانية.

وبالتالي وبافتراض دخول جو بايدن البيت الأبيض في كانون ثاني/ 20 يناير ، فإن لدى بنيامين نتنياهو سلسلة من المهام العاجلة لأداءها ، إذا وجد الوقت في ظل أزمة إعصار كورونا الذي يضرب الكيان والمشاكل الداخلية الأخرى مع زميله في الحكم، ومشاكله الشخصية والجنائية قط للانخراط في أمور لا تتعلق بكورونا ، وشؤونه الشخصية ، والمشاجرة مع أزرق وأبيض وغيرها من الأمور التي تلتهم جدول أعماله وسيجد نفسه مضطرا للعمل في السياق الأمريكي مجددا بعد أن نام على أنغام ترامب 4 سنوات كاملة.

وبالتالي يرى معلقون صهاينة أن على الكيان أن يبادر لفتح قنوات اتصال شابها الصدأ مع مسؤولي الحزب الديمقراطي وحملة بايدن، وخصوصا فريقه للسياسة الخارجية في محاولة لفهم ثلاث قضايا رئيسية: استعداد بايدن للعودة للاتفاق النووي مع إيران، وماهي التنازلات التي سيقدمها للجمهورية الإسلامية لكي تتطور صيغة الاتفاق التي أبرمها أوباما ومدى ذهابه قدما في رفع العقوبات والحصار عن إيران ويرى الصهاينة أن على نتنياهو أن يبادر بشراء رأي بايدن، خصوصا أن المستمع إليه هذه المرة ليس صورته في مرآت البيت الأبيض، ترامب الأكثر تطرفا وتهورا ووقاحة أيضا.

ويراقب الكيان الصهيوني النزاع طويل الأمد بين مساعدي بايدن حول المسألة النووية، وأهم الشخصيات ربما توني بلينكان الذي سيكون مستشار الأمن القومي وتوماس دونيلون الذي قد يكون وزيرًا للخارجية إذا لم يقبل السناتور كريس كونز من ديلاوير ، ولاية بايدن ، المنصب، بلينكان ، على سبيل المثال ، تحدث مؤخرًا عن زوج والدته اليهودي الذي قام بتربيته ، وعن قصص معاناته في معسكر الإبادة مايدانيك في بولندا، وهو ودونيلون مهتمان بالحساسيات "الإسرائيلية" وقد أثبتا ذلك أكثر من مرة في الماضي.

المسألة الثانية التي تتطلب تفاهمات مبكرة بدون تأخير هي مسألة استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث يعتقد الصهاينة أن الرئيس الفلسطيني على وشك إبلاغ بايدن بأنه مستعد لاستئناف المفاوضات مع "إسرائيل" برعاية أمريكية ، بشرط إزالة خطة ترامب من الطاولة.

أبو مازن سيبلغ الأمريكيين أنه سيعود إلى الطاولة على أساس خطة كيري التي رفضها الفلسطينيون في حينه وبالتالي يعتقد محللون صهاينة أن على الكيان أن يسعى للتنسيق مع الأمريكيين في كيفية الرد على التحول الفلسطيني، وعرقلة مجموعة بايدن التي قد تسعى للتجاوب مع المطالب الفلسطينية.

المجال الثالث يتعلق بالزخم المستمر في مسألة التطبيع العربي الصهيوني، حيث أن نتنياهو سيسعى لإقناع بايدن وجماعته بالالتزام بخط ترامب على هذا المستوى ، والبحث عن صيغة لدفع اتفاقيات التطبيع مع المغرب وسلطنة عمان ، وتحقيق تفاهمات سريعة مع السودان تتحمل "إسرائيل" مسؤوليتها لفشلها في توقيع اتفاقيات منظمة.

في حالة المغرب ، على سبيل المثال ، يرى الصهاينة أنه سيكون هناك تحول إلى علاقة كاملة ومرئية إذا كان بايدن على استعداد للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية التي استولى عليها الملك الحسن الثاني قبل 45 عامًا عندما تم إجلاء الإسبان وهذا طبعا سيزعج الجزائر وبالتالي على بايدن مواجهة أزمة معها.

أيضا يتطلب هذا كفاحا صهيونيا في الكونغرس بعد أن كان مجلس الشيوخ في جيب تل أبيب عليها أن تواجه الأن أغلبية ديمقراطية في المجلسين، حيث أن الدعم في مجلس الشيوخ مهم جدا للكيان وسيدعم اتصالاته مع بايدن.