Menu

العجز عن رواية البطولة: لسنا جثث

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

 مستكين يشهر الشهيد رشاشه؛ راية للحرب وعلمًا للبلاد في قلب البلاد وعاصمتها، فيما تنسلّ عناوين الأخبار كما رصاصات العدو، عن فتى قتله جنود الاحتلال بدعوى نيته تنفيذ عملية.

كان الشهيد محمود عمر كميل، يُغير على جند الأعادي، راميًا بالرصاص مُقبل لا يريد إلا جندلتهم صرعى، وشعب فلسطين لم يخجل يومًا من كفاح الفدائيين وبطولاتهم حتى يلبسهم ثوب الضحية، أو يدعي العجز على فاعل شجاع مبادر مقدام فدائي مضحي، وما على الإعلام العربي والفلسطيني إلا تعلم سرد رواية الشجاعة والتضحية والبطولة، فهذا هو الرد الطبيعي من الشعوب الحية على مآسي الظلم والتهجير، والطريق المقدس لصد الغزو الاستعماري ورده على أعقابه.

وإذ يعكس التهرب من سرد بطولة الشهيد، نوع من السذاجة في مقاربة مفهوم العمل الإعلامي، فإنه يمثل كذلك استبطان لمنطق الهزيمة، وخطاب استعطاف أقوياء هذا العالم باسم فلسطين وأهلها الذي يجري تصويرهم كضحايا ساكنة ضعيفة.. لا ترد كيد عدوها، في تنكر وقح لكفاح هذا الشعب وحقيقته؛ فالحق لا يكمن محوره في أن تكون الميت أو الضحية، لكن في ألا تكون المعتدي أو الغازي والسارق، أو المنحاز للجلادين والقتلة وأعداء الشعوب، فكل طلقة أرسلها شعب فلسطين لصدور الغزاة الصهاينة هي تعبير عن حياة هذا الشعب وانتمائه العميق للإنسانية، وتنصله من الفاشية والعنصرية ورفضه لهما، واستعداده للتضحية والفداء لأجل وقف هذا العدوان.

في مدينة القدس المحتلة عاصمة فلسطين وقلبها؛ جرب العدو كل شيء، من أجل تركيع أهلها، ولكنه جنى الخسارة تلو الأخرى، مع ارتقاء كل شهيد يصعد أسوار البطولة ويعيد اضاءة اسم فلسطين بالرصاص، وحين أرسل الشهيد رصاصه كان يمثل صوت شعب فلسطين و إرادته، ولم يقابله هذا الشعب إلا بكل تقدير واعتزاز وفخر ببطولته. 

كوننا الطرف المُحق في هذا الصراع لا يرتبط بكوننا الأضعف، ومشكلتنا مع المشروع الصهيوني، ليس في كونه أقوى أو أكثر تسليح، لكن فيما يمثله هذا المشروع لا بالنسبة للفلسطينيين، ولكن للمنطقة والبشرية بأسرها؛ فمشاريع العدوان والتمييز العنصري موضعها الطبيعي هو الدفن تحت ركام سلاحها وجبروتها وقلاع ظلمها.