Menu

ديجا فو: الكوارث المكررة

بوابة الهدف الإخبارية

صورة تعبيرية

خاص بوابة الهدف

من يراجع تطورات الأعوام الأخيرة في فلسطين قد يستشعر معاناته من "ديجا فو"، فالتكرار المرير لذات الأحداث والسلوك السياسي والمواقف، وكأن العالم ثابت على حاله أو يدور حول هذه البنى والمواقف.

عام جديد يأتي على فلسطين، يلقي فيه العدو بالمزيد من الخطط والأدوات لإتمام إبادته للوجود السياسي الفلسطيني وشطبه لقائمة الحقوق من أعلاها لأسفلها، ولا يقابل هذا إلا باجترار لمفردات من مسارات ولدت ميتة، ولم تجلب على شعبنا إلا الويلات.

من يطرح اليوم خيار التفاوض أو يخوض ذات الجدل حول سلطة لا تملك من أمرها شيء، فإنه يطرح خيار للاستسلام ولقتل الفعل والحياة السياسية وسلبها أي ذرة من الحياة قد تكون تبقت فيها.

وبينما يستعصي على النظام السياسي الفلسطيني إنتاج السياسات أو الفعل، ناهيك عن مناقشتها وفقًا لمنطق وقواعد سليمة، يظهر شعب فلسطين أن فيه من الحياة وإرادة القتال ما يكفيه ليحقق نصره على عدوه، هذا يفضح دور التفرد والتكلس في المنظومة السياسية التي ثبتتها أوسلو، ويعيد السؤال حول المخرج من حلقات ودوائر تصطنعها هذه المنظومة، وتهدر الزمن والدم الفلسطيني في سياقاتها.

لن يجد الفلسطيني حلول لوضعه في نظريات سياسية استثنائية، أو في سياقات التنظير المنطلق من الهوس بالذوات المتضخمة لطائفة الكتبة والباحثين، المنسوخين على شاكلة مموليهم، ولكن بالأساس من الإجابة على اكثر الأسئلة بديهية وأساسية التي تواجه الإنسان الفلسطيني يوميًا، كيف نواجه سياسات الاحتلال؟ الجندي على الحاجز، المنظومة الدبلوماسية، الخطاب، الغارات الجوية، الحصار، قرار المصادرة، وكيف نتدبر حاجات معيشتنا إلى حين الخلاص من هذا كله؟ وإذ يبحث النظام السياسي الفلسطيني ونخبه و منظريه عن حلول في البيت الأبيض، وعواصم رأسمالية أخرى، فإن ذلك لا يعدو كونه دفاع عن الوضع القائم والامتيازات المتحققة لهذه الشرائح ضمنه؛ فالتغيير المطلوب يجب أن يؤذي هذه الشرائح ويحطم منظومة امتيازاتها المكتسبة على حساب الكفاح الوطني الفلسطيني، وبموجب دورها في تعطيله، وهذا سيكون في شوارع فلسطين وميادينها وليس في أي عاصمة أو سفارة في هذا العالم.

عام جديد للأمل في حرية فلسطين وشعبها، أمل سيبقى مقيد بحبال المنتفعين ومنظومات الارتزاق، إلى أن تحققه سواعد هذا الشعب بتحطيمها لكل هذه القيود، وصياغة شكل التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يحمل هم هزيمة العدو الصهيوني، وينهض بكل مهمة تمليها حاجة وإرادة هذا الشعب. ليكن عام من الأمل في انتصار الشعب المبدع المضحي، على كل قيوده، ونجاحه في استعادة أدواته وحقوقه وسلطته على مصيره الوطني، بما يليق بالتضحيات اليومية التي يقدمها أبناء هذا الشعب.