Menu

"حلا": لنذكر عجزنا

بوابة الهدف الإخبارية

خاص_بوابة الهدف

حين هجم قطيع الفاشيين الصهاينة على "حلا" لم يكن دافعهم فقط كراهيتهم، كانوا يقومون بدورهم في حفل التنكيل بنا، كانوا يتماثلون مع دورهم في مخيلتنا، ومع قبح المشروع الصهيوني بكل تفاصيله وأذرعه؛ قتلة جبناء ينطلقون لمهاجمة بيت منفرد لعائلة فلسطينية، ويختارون طفلة صغيرة لاختطافها والتنكيل بها، ولكن ما علينا أن نتعلمه من هذا الدرس أكثر تعقيدًا بكثير من توصيفنا الصحيح للغزاة.

"حلا مشهور القط" لنحفظ هذا الاسم ونحفره في الذاكرة جيدًا، كرمز لعجزنا العام؛ سياسيًا ووطنيًا، فمنذ سنوات تراجع الردع الفلسطيني للمستوطنين ميدانيًا، كجزء من تراجع الموقف الفلسطيني إجمالًا، وانحسار الانتفاضة، وتردي الموقف الرسمي الذي راهن غالبًا على قول الكلمات المهادنة، أو البحث عن مائدة للتفاوض، هذا هو واقعنا الفلسطيني؛ ألا لو تخيلنا أن التنسيق الأمني سيردع المستوطنين عن اقتحام بيوتنا وقتل أطفالنا. لم يهاجم المستوطنين الصهاينة حلا لأنهم يكرهوننا أكثر من ذي قبل، ولكن ليقينهم أن هذا الفعل سيمر دون عقاب، وأنه لا يوجد فعليًا من هو جاهز لقتلهم حين يحاولون قتل أطفالنا في مخادعهم؛ فهناك ملايين من الفاشيين والعنصريين حول العالم، يتوقون لفعل ما هو أكثر من ذلك، لكن ما يمنعهم هو وجود الرادع، وعدم استعدادهم لخسارة رقابهم لأجل اللهو برؤوس أطفال الآخرين.

عبر مسار التسوية والاستسلام والخيبة الثقيلة التي جاء بها مشروع أوسلو، لم ينال الفلسطينيين إلا قضم قوتهم من قبل عدوهم، ومع بدأ الانتفاضة الثانية لمشروع أوسلو على انتفاضة الأقصى، تم تنظيف الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية ممن شكلوا تهديد للمستوطن الصهيوني ومستوطنته؛ فانتقل الأمر من تكديس آلاف الجنود الصهاينة لحراسة بيوت المستوطنة، إلى تحول المستوطنين لتشكيل مسلح يشكل تهديد يومي ومباشر على الفلسطيني في بيته. وبعد أن كانت القرية والبلدة الفلسطينية المتاخمة لتجمعات المستوطنين، نقطة حشد للنضال ضدهم، أو محور تماس في المواجهة الشعبية مع الصهاينة، باتت قرانا وبلداتنا تبحث عمن يحميها، في ضوء تراجع كبير في البنى النضالية وروافعها السياسية والتنظيمية والمجتمعية.

ما لا يمكن فهمه هو الاستمرار في البحث عن جدوى في الشكاوى ولغة استجداء الحماية أو العون والإنصاف من القوى العالمية، فيما يتم إهمال الحقيقة المؤكدة حول جدوى المقاومة، وقدرتها فعليًا على تحقيق ظرف حياة أفضل حتى بالمعنى الفردي؛ ناهيك عن دورها كأداة رئيسية في معركة تقرير المصير وتحرير الأرض.