أدانت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، مساء اليوم الأحد، إعلان المستشار القانوني الصهيوني أفيخاي مندبليت، عن إغلاق ملف التحقيق ضد عدد من محققيّ الشاباك في قضيّة استخدام التعذيب أثناء التحقيق مع المعتقل سامر العربيد بحجّة عدم وجود عدم وجود أدلة لارتكاب مخالفة جنائية بحقه – أي ممارسة التعذيب.
وأكَّدت المؤسّسة في بيانٍ لها وصل "بوابة الهدف" نسخة عنه، أنّ "قرار المستشار القانونيّ هو تصريح واضح لاستخدام التعذيب دون محاسبة، ويعتبر تواطئًا في جريمة التعذيب، ويثبت أنّ لا نيّة لمؤسسات دولة الاحتلال بملاحقة ومحاسبة الشاباك، أو ردعهم عن استخدام التعذيب كوسيلةٍ لنزع الاعترافات من المعتقلين الفلسطينيين بالإكراه"، مُبينةً أنّها "لم تتلق خبرًا من المستشار بخصوص إغلاق ملف التعذيب للعربيد، إضافةً إلى ذلك، ما زالت سلطات الاحتلال ترفض تزويد محامينا بموّاد وملفّات التحقيق اللازمة في قضيّة العربيد وغيرها من المعتقلين الفلسطينيين".
ولفتت الضمير إلى أنّ "الاحتلال سعى، كونه نظام فصل عنصريّ، إلى تهديد الشعب الفلسطينيّ وحقوقه في العيش بحريّة وكرامة، ويستمّر هذا النظام بجرائمه من أجل نزع الشرعيّة والقمع وفرض السيطرة على الفلسطينيين، وبسبب ذلك، لم تتوقف قوات الاحتلال الإسرائيلي عن اللجوء الى التعذيب كإجراءٍ عمليّ في انتزاع الاعترافات من المعتقلين الفلسطينيين، بما فيهم أطفال، ونساء، وطلاب جامعات، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وقادة سياسيين، إذ عملت على استخدام التعذيب بطريقة منهجيّة وواسعة النطاق دون أي شكل من أشكال المحاسبة والحماية، وساعدها في ذلك الدور الذي لعبته الجهات الفاعلة ذات الصلة من محققين وأطباء وقُضاة".
وتابعت: "في تاريخ 25-9-2019، تم اعتقال سامر العربيد من أمام مكان عمله حيث كان برفقة زوجته، وتعرض للضرب بأسلحة القوات الخاصة التي قامت باعتقاله. ومنذ لحظة اعتقاله، نُقِل سامر الى سجن عوفر، وبعدها فوراً مُنِع من رؤية محاميه وتم اقتياده للتحقيق، وخلال اليوم الأول داخل مركز تحقيق المسكوبيّة، تعرض العربيد لتحقيق مستمر لساعات وضرب عنيف وشبح بوضعيات عدة، وعلى الرغم من أن العربيد قد أبلغ القاضي العسكري في اليوم الثاني من اعتقاله -أثناء عرضه على المحكمة لغايات التمديد- بأنه يشعر بألم في صدره، وأنه غير قادر على البلع، وأنه يتقيأ باستمرار، فإن القاضي العسكري تجاهل ذلك تمامًا وقام بتمديد توقيف العربيد لغايات التحقيق، ونُقل سامر بعد جلسة المحكمة مباشرةً إلى مركز تحقيق المسكوبيّة، حيث مارس المحققون بحقّه نفس وضعيات التعذيب حتى فقد وعيه، خلال أقّل من ٤٨ ساعة على اعتقال العربيد، وفي تاريخ ٢٧/٩/٢٠١٩، نُقل سامر إلى مستشفى هداسا في جبل الزيتون، وبعد مرور يومين على اعتقاله كان فاقدًا للوعيّ موصولاً بأجهزة التنفس الاصطناعية، ويعاني من ١١ ضلعًا مكسورًا وفشل كلوي حاد، وكدمات على مختلف أنحاء جسمه".
وأشارت إلى أنّ "الفلسطينيين يعانون من أشكال مختلفة من التعذيب خلال التحقيق، يتجسّد ذلك من خلال عمليات التعذيب الممنهجة خلال شهريّ آب وأيلول من العام ٢٠١٩ والتي طالت نحو ٥٠ معتقلاً من بينهم المعتقل العربيد، ولم تتوانَ دولة الاحتلال بفروعها من توفير غطاء قانونيّ لكلّ ممارسات التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة بحقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. ورغم الحظر المطلق والشديد للتعذيب المكفول في المادة رقم ٥ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة رقم ٢ من اتفاقيّة مناهضة التعذيب، التي صادقت عليها دولة الاحتلال في الثالث من تشرين الأول ١٩٩٣، إلّا أن الممارسات الإسرائيليّة الفعليّة لا تتوافق مع المعاهدات والاتفاقيات التي وقعت عليها، وعلى الرغم من قرار المحكمة العليا الإسرائيليّة لعام ١٩٩٩ الذي يؤكد حظر التعذيب، إلّا أنّ يسمح بممارسة "الضغط الجسديّ المعتدل" في حالات "الدفاع عند الضرورة" كما هو موضّح في قانون العقوبات الإسرائيليّ في المادة ٣٤/١١ لعام ١٩٧٧. ويمثّل دفاع الضرورة ثغرة خطيرة تسمح لسلطات الاحتلال باستجواب شخصٍ بشبهة حيازته معلومات عن "عمليّات عسكريّة"، بالتالي يوّفر غطاء قانونيّ للمحققين لاستخدام التعذيب والمعاملة القاسيّة ضد الأسرى الفلسطينيين في إطار انتزاع معلومات منهم كُرهًا".
وأكَّدت الضمير على "ضرورة المحاسبّة الدولّية لمؤسسات الاحتلال، وعلى المدعي العام لمحكمة الجناية الدوليّة في حالة فلسطين أن يقوم بفتح تحقيق حول ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانيّة، وجرائم حرب بما في ذلك القتل العمد، والتسبب بإصابات خطيرة والتعذيب".
كما طالبت "لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالضغط على دولة الاحتلال لاعتماد تشريعات جنائية مناسبة لتعريف عقوبة التعذيب بموجب القانون الإسرائيلي"، مُشددةً على "ضرورة اتخاذ الدول الأطراف، بما في ذلك الأطراف سامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، إجراءات ملموسة للضغط على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها للقانون الإنسانيّ الدوليّ، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وضمان إجراء تحقيق دولي في جميع شكاوى التعذيب من قبل قوات الاحتلال، تليها مساءلة فعالة للمسؤولين وإنصاف الضحايا".
ودعت "البرلمان الأوروبي بضرورة إعادة النظر بضرورة وجود بعثة تقصّي الحقائق البرلمانية التي تضم أعضاء لجنته الفرعية لحقوق الإنسان، للتحقيق في ظروف اعتقال واستجواب الفلسطينيين المعتقلين لدى دولة الاحتلال".