Menu

أسئلة للحوار الوطني الفلسطيني

صورة توضيحية

خاص بوابة الهدف

بعيدًا عن صيغ الأخبار الرتيبة، وعناوينها التي تزف الوفود وتستقبلها، هناك أسباب حقيقية لمناقشة الجولات المتكررة للحوار الوطني؛ خصوصًا في هذه المرحلة بالذات، فرغم حيازة فصائل العمل الوطني لتأييد الغالبية الكبرى من أبناء شعبنا داخل وخارج الوطن المحتل، هناك خيبة أمل كبيرة مما يدور في لقاءات الفصائل وحواراتها.

لا تراهن الجماهير الفلسطينية كثيرًا على الحوارات الفصائلية ولا تستبشر بها، تكفلت بهذه الخيبة سنوات المماطلة الطويلة في إنفاذ ما يتفق عليه، ناهيك أنها غالبًا ما تمحورت بعيدًا عن هموم الناس وإرادتهم، وارتبطت بالتجاذبات والإرادات الإقليمية والدولية.

أسئلة السلطة وتقسيم الحكم وشكله لا يمكن أن تشكل إجابة على توق جماهير و فلسطين وشعبها لطرح وطني يقارب فرعين أساسيين للمعاناة والآمال، الأول هو العنوان السياسي الوطني المتعلق بمواجهة الاحتلال والتصدي لجرائمه المستمرة بحق الفلسطينيين، وعدم القبول أن يبقى احتلالًا مربحًا ومريحًا، ويشتق أفقًا لتقرير المصير الفلسطيني، والثاني هو معاناتهم الإنسانية والمعيشية التي يعمقها النموذج الاقتصادي القائم في غزة المحاصرة والضفة المحتلة، ويسمح بتحول الحصار في غزة والمعاناة في الضفة لبيئة عمل يجري فيها مراكمة الثروات.

ملايين من الفلسطينيين في الشتات، معظمهم في مخيمات اللجوء القاسية، هم في موضع متأخر جدًا في أولويات برامج العمل المطروحة، فيما شأن السلطة، وزاراتها، أجهزتها، حكمها، انتخابات برلمانها، هي أولوية، سلطة لا تملك ولا نملك من أمرها شيء، يهددنا المحتل و يبتزنا بموازناتها وإيراداتها و"تسهيلات" عملها، دائمًا على الطاولة في الحوار الوطني، فيما مصير الملايين من الفلسطينيين هو ملحق هامشي يجري تدبيره وفقًا لتدابير وضع هذه السلطة وشروط استمراريتها.

نعم نحتاج للحوار الوطني فهو بديل الاحتراب، وآلية عقلانية لتوحيد البنى الفلسطينية في وجه الاحتلال، وصياغة برنامج لمواجهته، والنهوض بحياة كل فلسطيني ممن شردتهم النكبة في هذا العالم، ولكن التجاوز المستمر لهذه العناوين الحيّة، لمصلحة بحث صناعة الأوهام وتحويل الأمر الواقع البائس القائم لواقع مربح بالنسبة لبعض المكونات السياسية والشرائح الضيقة المرتبطة بها، هو جريمة بحق كل فلسطيني.

نحتاج لإرادة وطنية فلسطينية في طرح العناوين على الطاولة السياسية، أي كانت أطراف هذه الطاولة، كما نحتاج ذات الإرادة السياسية في الإصغاء لمعاناة الناس الذين يمزق تجويع أطفالهم عقولهم وإرادتهم، وليس قلوبهم فحسب.

ليس غريبًا أن نقول أن هذه أسئلة ومسائلات المؤمنين بالحوار وبأطر العمل الوطني القائمة؛ فهناك من كفر بها بالفعل في سنوات التشرذم والمماطلة واجترار خطابات السلطات على أنواعها، وتكريس مفاهيم البيروقراطية كسقف لحياة الناس، ومصائرهم الشخصية، وكجدار عملاق بارد تصطدم به طموحاتهم الوطنية في مقارعة الاحتلال قبل حتى أن تصطدم بالاحتلال نفسه.