Menu

استمرار اذابة الهوية الفلسطينية

سياقات المجزرة: عن القتل في الداخل المحتل

خاص_بوابة الهدف

اتخاذ سياسات القمع الصهيوني لأشكال متعددة واعتمادها لتقسيمات مختلفة بشأن صنوف العذاب والقهر والتنكيل الذي تحله بالشعب الفلسطيني، لا يعني اختلاف سياقها العام من حيث أهدافه الرئيسية؛ فلا زال السعي الأساسي هو اخضاع الإنسان والهوية الفلسطينية وإذابتها في مواقع التبعية والخدمة والخضوع للمشروع الصهيوني.

منذ مطلع العام قتل أكثر من ٢٠ فلسطينياً من أهلنا في الأرض المحتلة عام ١٩٤٨م، المسمى الرسمي لهذه المقتلة هو العنف المجتمعي والجريمة، هذه النتيجة يجري تحميلها للمجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل، فيما يغذي الاحتلال شبكات للجريمة المنظمة، تعمل بتعاون كامل مع أجهزته الأمنية وتغطية ودعم منها، لابتزاز وقتل وتعنيف أهلنا في الداخل المحتل، ويضخ العدو سلاحه لقلب مدننا وقرانا من خلال هذه الشبكات، بل ويرسل أجهزة أمنه لتقتل المزيد بذرائع واهية منها مكافحة الجريمة؛ فالمعادلة التي يطرحها الاحتلال هي إما استمرار عمليات القتل التي يغذيها، أو استسلام كامل يعلنه المجتمع الفلسطيني في الداخل لهذا المحتل، وخضوع لمعاييره الأمنية والسير في ركب سياسات "الأسرلة".

هذا التصعيد في العنف الاحتلالي على اختلاف وجوهه، يصاحبه رفع لوتيرة الملاحقة الأمنية والتضييق ضد المناضلين من أبناء شعبنا في الداخل، طال بعضهم باغتيالات نفذها العدو، وهجمة أمنية مستمرة تعمل على منع تواصل أبناء الأرض المحتلة مع امتدادهم العربي والوطني الفلسطيني، في سياقات لا يمكن فصلها نظريًا أو الفصل بين أدوات مواجهتها.

إن أولى مهمات أي اشتغال سياسي فلسطيني، هو الحفاظ على وجود هذا الشعب في أرضه، والدفاع عن هويته كشعب واحد، وكشف وفضح ومجابهة سياسات القمع والقتل الصهيونية، وذلك لا يبدو متيسرًا إذا استمرت مقاربة سياقات القمع باعتبارها "قضايا" منفصلة، أو الاستسلام أمام تقسيمات الاحتلال.

الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية اليوم يقتضي مقاربة ومواجهة هذه السياقات، بإحياء للمطلب الوطني الجامع بالحرية وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، ورفض التقسيمات الاستعمارية وما تفرضه من شروط، بل و إدراك أن هزيمة عمليات تقطيع وعزل الفلسطينيين تكمن بالأساس بالمقاربة الشاملة للعنوان الوطني والتمرد على ما تطرحه السياقات المحلية التي يتحكم فيها الاحتلال.

بالتأكيد هناك حاجة لإدراك التمايز في الأدوات النضالية بين بقعة وأخرى، وكذلك فهم ما تؤدي إليه اجراءات العدو وسياساته، لكن هذا لا يمكن أن يغلب ضرورة نسج السياسة الوطنية الجامعة، ذات الأهداف الواضحة، التي تروم هزيمة المشروع الصهيوني، وتحقيق الاستقلال الوطني لشعب فلسطين على أرضه، ما يجمع الفلسطينيين كشعب لا يكمن في التاريخ والماضي فحسب، بل هذه التطلعات المشتركة نحو مستقبلهم.