انتقدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وروسيا، مساء اليوم الأربعاء، بشدة قرار المملكة المتحدة برفع سقف مخزونها من الأسلحة النووية للمرة الأولى منذ عقود.
وجاء ذلك بعدما بررت لندن ذلك بضرورة الحفاظ على "ردع موثوق به"، حيث قررت حكومة بوريس جونسون رفع سقف ترسانتها النووية للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الباردة، وذلك في ختام المراجعة الاستراتيجية للأمن والدفاع والسياسة الخارجية التي نشرت الثلاثاء الماضي.
وتضمنت الوثيقة رفع سقف مخزون الرؤوس الحربية النووية من 180 إلى 260، بزيادة تبلغ حوالي 45%، ما يضع حدًا لعملية نزع السلاح التدريجية التي جرى تنفيذها منذ سقوط الاتحاد السوفياتي قبل ثلاثين عامًا.
ولقيت الخطوة انتقادا لاذعا من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، خصوصاً وأن لندن تكرر دائماً مطالبة طهران باحترام التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، والتي بدأت بالتراجع عنها تدريجيا منذ 2019 في أعقاب الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاق عام 2018.
وكتب ظريف عبر "تويتر": يقول بوريس جونسون بنفاق إنه قلق بشأن انتاج إيران لسلاح نووي حقيقي. وفي نفس اليوم يعلن أن بلاده توسع ترسانتها النووية.
وأضاف "على عكس بريطانيا وحلفائها تعتقد إيران أن الأسلحة النوويّة وأسلحة الدمار الشامل وحشيّة يجب تدميرها".
يذكر أن المادة السادسة من المعاهدة على أن الدول الموقعة تتعهد خوض مفاوضات بحسن نية لاتخاذ تدابير فعالة تتعلق بوقف سباق التسلح النووي في موعد مبكر وبنزع السلاح النووي.
ووفق معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تصنف المملكة المتحدة المنضوية فيها، ضمن خمس دول تمتلك سلاحاً نووياً، أما إيران، وهي أيضا من الموقعين على المعاهدة، فتصنف ضمن الدول غير الحائزة لأسلحة نووية والتزمت، من خلال المعاهدة بعدم تصنيعها أو حيازتها.
وتعد لندن أحد أطراف الاتفاق النووي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، والذي أبرم سنة 2015 بين إيران والقوى الست الكبرى، حيث يهدف الاتفاق إلى الحد من الأنشطة النووية وضمان سلمية برنامج طهران، في مقابل رفع العديد من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وتنفي إيران دوما سعيها لتطوير سلاح نووي.
وانسحبت الولايات المتحدة عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق بشكل أحادي، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
كما وأبدت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، استعدادها للعودة الى الاتفاق، لكنها تشترط على إيران العودة الى احترام التزاماتها بموجبه.
ومن جهته، ندد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، بالقرار البريطاني، قائلاً "نأسف بشدة لأن المملكة المتحدة اختارت هذا الطريق لزيادة الرؤوس الحربية النووية، هذا القرار يضر بالاستقرار الدولي والأمن الاستراتيجي.
وأضاف أن حيازة رؤوس نووية هو ما يهدد السلام في كل أنحاء العالم.
وتتعارض خطوة بريطانيا مع الاتفاق بين موسكو وواشنطن في كانون الثاني/يناير على تمديد الاتفاقية النووية بين البلدين وهي آخر ما تبقى حول خفض الأسلحة بين الخصمين السابقين في الحرب الباردة، لكن المملكة المتحدة دافعت عن خطوتها، معتبرة أنها "الحد الأدنى" للحفاظ على الردع.
ورأى وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، أن روسيا وإيران وكوريا الشمالية هي دول تعتمد "الانتهازية المفترسة".
وقال خلال مداخلة عبر الفيديو في منتدى آسبن للأمن في الولايات المتحدة "نحن نحرص على الاحتفاظ، بالحد الأدنى، بردع موثوق به".
وأضاف "نريد أن نرى عالما خاليا من السلاح النووي، لكن لا أعتقد أن ذلك سيحصل بالتخلي الأحادي عن سياسة التأمين القصوى التي نحتاج إليها".
ووفقًا لوثيقة السياسة الخارجية البريطانية، فإن هذا القرار الذي يتخذ بعد الالتزام الذي قطعته لندن في عام 2010 بتقليص التسلح بحلول منتصف العقد 2020، تبرره "مجموعة متزايدة من التهديدات التكنولوجية والعقائدية".
وعلى صعيد آخر، اعتبرت الوثيقة أن روسيا تشكل "التهديد المباشر الأكبر للمملكة المتحدة" وبأنها تطرح "مجموعة كاملة" من المخاطر.
وعلق بيسكوف على ذلك بالقول اليوم إن لندن تحدثت عن "تهديد عابر" من دون أن تقدم له أي تفسير، مشددا على أن "روسيا ليست مصدر أي تهديد".
شهدت العلاقات بين موسكو ولندن تدهورا كبيرا بعد اتهام بريطانيا لروسيا بتسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال بغاز الأعصاب نوفيتشوك في بلدة سالزبوري عام 2018.