التكرار شبه الكربوني لنتائج الانتخابات في الكيان الصهيوني للمرة الرابعة على التوالي؛ يثير شهية عربية وفلسطينية لبناء قراءات ورهانات على هذه المعطيات، خصوصًا في ضوء ما تحمله النتائج من إشارات على انقسام مجتمع الاستيطان والعدوان مناصفة بين حلفاء بنيامين نتنياهو وخصومه، ولكن الحقيقة البسيطة التي قد تعيدنا جميعًا لأرضية واحدة في النظر للمشهد المعادي، هي عدم وجود أي شواهد لخلاف بشأن مسار إبادة الوجود المعنوي والمادي للفلسطينيين.
وعلى عكس ما يؤمل لا زالت انتخابات العدو تعكس تناقضات خطيرة في الصف الفلسطيني؛ فإصرار قطاع واسع من الحركات والقوى والأحزاب العاملة بين جماهيرنا الفلسطينية في الداخل المحتل على المشاركة في انتخابات الكنيست، يمثل امتداد للرهانات الخطيرة على المنظومة الصهيونية، وتخيل إمكانيات لتحقيق مكتسبات من التعاون معها، وما أوصلتنا له هذه الرهانات من بناء مقارنات مرضية بين المتساقطين في وحل المنظومة الصهيونية، حول درجة تورطهم في خدمتها، وإسهامهم في سياسات إخضاع واستعباد أبناء شعبنا.
إن جدل القائمين على أحزاب الكنيست، والقوائم المشاركة في انتخابات العدو مدعية تمثيل جماهير شعبنا، هو مثال حي على التأثير الكارثي لهذه المشاركة في اي أطر تمثيلية تغطي منظومة القتل وجرائم الحرب والإبادة الصهيونية لشعبنا في كافة أماكن تواجده.
إن أزمة الصهيوني في مخالفته للقيم الإنسانية، وإدراكه لتعديه الوحشي على معنى الوجود الإنساني وشكله، وفي شرعية الفعل الفلسطيني والعربي المضاد له والمخصص لمواجهته وهزيمته ووضع حد لجرائمه، وكل محاولة لتدوير الزوايا أو تخيل علاقة أخرى مع المنظومة الصهيونية إنما تصب في خدمة هذه المنظومة، وتعمل على تقديم تغطية لتناقض الصهيوني وسياساته مع الوجود الفلسطيني الحي، والقيم الإنسانية، وحق شعبنا في تقرير مصيره على أرضه، وواجب العالم في معاقبة الصهاينة على جرائم حربهم.
طريق شعبنا واضح منذ اللحظة الأولى للعدوان الاستعماري الصهيوني، وهو هزيمة هذا المشروع، وتقرير مصير شعب فلسطين في أرضه، وعلى هذا الطريق تمضي جهود المقاومة والقتال في كل شبر من أرض فلسطين وفي كل لحظة من تاريخها.