Menu

التطبيع الرسمي العربي ومخاطره على المشروع الوطني الفلسطيني

حمدان الضميري

شهدنا في الآونة الأخيرة تسارعا لأنظمة عربية في الخليج وخارج منطقة الخليج نحو العدو الكيان الصهيوني وإعلان هؤلاء رسميا عن تطبيع علاقاتهم بهذا العدو. هذا الإعلان وإن مثل للبعض مفاجأة إلا أنه كان متوقعا لأن هذه الأنظمة كانت على علاقة مع هذا الكيان سابقا وإن كانت هذه العلاقة من تحت الطاولة أي بالمخفي وبعضها كالنظام المغربي سبق له أن قام بلقاءات علنية سابقا وكان هذا النظام سباقا قبل غيره في هذا النوع من الاتصالات والعلاقات، وهنا لا مفر من ذكر دور النظام المغربي في اتصالات ولقاءات جرت بين نظام السادات مع الكيان الصهيوني على الأراضي المغربية وهذا كان قبل توقيع اتفاقيات كامب ديفيد.

نعم، التواصل بين بعض مكونات النظام الرسمي العربي والكيان الصهيوني العنصري قديمة وما تم الاعلان عنه مؤخرا سوى تتويج لعلاقات تعود لعقود سابقة.

قبل الدخول في مكونات المشروع الوطني الفلسطيني لا بد من ذكر بعض المعطيات الرقمية عن الشعب الفلسطيني في أيامنا هذه. حسب إحصائية أصدرتها أكاديمية اللاجئين الفلسطينيين يبلغ تعداد الشعب الفلسطيني في نهاية عام 2019 عدد 13,573,000، ويتوزع هذا العدد الاجمالي بالشكل التالي: 6,636,000 في داخل فلسطين التاريخية بمكوناتها الجغرافية الثلاث الضفة وغزة ومناطق 48 بينما يتواجد خارج فلسطين التاريخية 6,937,000، أي أن فلسطينيي الشتات يمثلون أغلبية حيث يشكلون 51% من كافة أبناء الشعب الفلسطيني، في اطار فلسطينيي الشتات يتواجد في الدول العربية عدد 5,765,000، هذا عدد مهم جدا ولا بد من أن يلعب دوره في إطار مشروع وطني فلسطيني متكامل.

لا يمكن أن نتخيل تغييب هذا العدد المهم من القيام بدورهم في النضال الوطني الفلسطيني، لأن في ذلك إضعاف وإفقار لعوامل قوة لمشروع عليه أن يكون متكاملا وكل فئة تقوم بدورها في إطاره.

مرتكزات المشروع الوطني الفلسطيني ثلاثة:

  1. العامل الأول هو العامل الذاتي أي العامل الوطني الفلسطيني، الشعب الفلسطيني هو المعني بالدرجة الأولى عن مسار الصراع مع الكيان الغاصب، قوة العامل الذاتي الوطني الفلسطيني ترتكز على مدى مساهمة كافة أبناء الشعب الفلسطيني في المسار النضالي مع احترام خصوصيات الجغرافيا والمعطيات السياسية لهذه الجغرافيا، وهنا تأتي أهمية وجود مؤسسات وطنية ديمقراطية فلسطينية جامعة، وهنا لا بد من إعادة التأكيد على أهمية إعادة إحياء م.ت.ف كإطار جامع تمثيلي وديمقراطي.

نعم هناك تعددية سياسية وفكرية داخل الشعب الفلسطيني وهذا عامل يغني نضالنا الوطني ويعطيه بعدا ديمقراطيا؛ قانون الوحدة والصراع هو القاعدة التي علينا تطبيقها داخل علاقاتنا، حيث نؤكد على أهمية الوحدة بوجه العدو لاسترداد حقوقنا الوطنية كاملة، مع إدارة خلافاتنا الداخلية في إطار مؤسسات تجمعنا يكون الحوار المسؤول والمصلحة الوطنية هما الناظم لإدارة الخلافات ولنا داخل مؤسسات م.ت.ف تجربة غنية سبقت اتفاقيات أوسلو المشؤومة.

2) المرتكز الثاني للمشروع الوطني الفلسطيني هو البعد العربي أو الحاضنة العربية والتي يجب حتما أن تكون مشاركة لنا في نضالنا الوطني، داعمة ومناهضة للمشروع الصهيوني والذي يستهدف كل المنطقة العربية، للأسف النظام العربي الرسمي متواطئ ومشارك ومتحالف في بعض الحالات مع المشروع الصهيوني، والتطبيع هو أحد أوجه هذا التحالف الثنائي تحت الخيمة الإمبريالية الأمريكية. لكن ولحسن الحظ أن هذا التطبيع الخياني بين مكونات في النظام الرسمي العربي والكيان الصهيوني الغاصب يواجه رفضا واضحا من قبل الشارع العربي، أي من الجماهير العربية. وهنا الورقة الأهم والتي علينا العمل بها وإعطائها الأهمية التي تستحق، تجارب التطبيع السابقة بين مصر والأردن مع الكيان الغاصب فشلت شعبيا وهذا بالإمكان البناء عليه في مسلسل التطبيع الحالي.

3) المكون الثالث للمشروع الوطني الفلسطيني هو البعد الدولي، وهنا لا بد من الإشارة أنه يتكون من البعد الرسمي والمؤسساتي على الصعيد الدولي، والعمل فيه دبلوماسي وسياسي، وهناك البعد الشعبي والذي حققت فيه القضية الفلسطينية تقدما كبيرا وهذا يتجلى بحركة التضامن العالمية مع قضية الشعب الفلسطيني؛ حركة واسعة متواجدة في الكثير من دول العالم، واستطاعت في الآونة الأخيرة عبر حركة المقاطعة BDS تحقيق العديد من الإنجازات خاصة على الصعيد الأوروبي.

ختاما لا بد من التذكير أن المشروع الوطني الفلسطيني هو مشروع تحرري وديمقراطي وهذه مكونات تشكل الأسس لنجاحه.

* عن جريدة النهج الديمقراطي المغربي العدد (403)