Menu

من «عائد إلى حيفا» إلى عائدون إلى حيفا (3 - 3)

هنادي لوباني  

على مشارف حيفا، يقول سعيد (س) لزوجته صفية، التي كانت منصرمة إلى التحديق نحو الطريق غير مصدقة بأنها ستراها مرة أخرى: «أنت لا ترينها، إنهم يرونها لك.. لقد فتحوا الحدود فور أن أنهوا الاحتلال فجأة وفورًا، لم يحدث ذلك في أي حرب في التاريخ.. لسواد عينيك وعيني؟ لا. ذلك جزء من الحرب. إنهم يقولون لنا: تفضلوا انظروا كيف أننا أحسن منكم وأكثر رقيًّا. عليكم أن تقبلوا أن تكونوا خدمًا لنا، معجبين بنا» (كنفاني: 12). يذكرنا سعيد (س) بقول المعماري الإسرائيلي رام كارمي: «إننا لا نخطط التضاريس الطبيعية فحسب، بل التضاريس الذهنية في نفوس البشر، أيضًا»(1)، فترسيخ الهزيمة العسكرية لا يستوي إلا بتكريس ثقافة الهزيمة عند الطرف الفلسطيني. وهنا نرى أن العودة المشروطة، كما المواطنة المشروطة، هي مصيدة أساسها قبول الفلسطيني بالهزيمة، وكسر روحه بقبول الإحسان من العدو بالسماح له بالعودة/المواطنة المؤقتة. يعي سعيد (س) أن المكان هو مكون أساسي في العلاقة بين المعرفة والسلطة، أي في نظم إنتاج المكان وصياغته وتمثيله سرديًّا، وتشكيله ماديًّا من خلال التخطيط العمراني، والذي يتم توظيفه كجزء من عملية اختراع الذات القومية، وبما يخدم مصالح السلطة المسيطرة وإظهار قوتها الشاملة. هذا ما يسميه إدوارد سعيد بالجغرافيا التخيلية (Imaginative Geography)، كمفهوم قائم على منطق القوة والهيمنة، وآليات التمثيل التبايني والإقصائي على المستوى المادي، الذي يعني الأرض وتمزيقها، واقتطاعها، وتشويه تكويناتها، وطمس معالمها التي تعد شاهدًا على هوية ثقافية غير مرغوبة، أو ينبغي تصفيتها وإنهاؤها على المستوى السردي الذي تبنى بواسطته الذوات المستعمِرة والمستعمَرة في ثنائيات الذات والآخر، المركز والهامش، واحتل المستعمِر فيها القطب الأول(2). المشروع الاستعماري في نظر إدوارد سعيد هو منظومة معرفية سلطوية تتجسد وتتحقق عن طريق المد والعنف الجغرافي، الذي يعمد إلى تأسيس نفسه في التاريخ وعلى الأرض والإنسان والهوية على السواء.

وهكذا يمضي سعيد (س) في رحلته، من هزيمة عبور الحدود، التي تحولت من خط هدنة إلى خط "أخضر"، إلى هزيمة تنكر المدينة/البيت/الابن له. في مواجهة الجغرافيا التخيلية والرواية الصهيونية والأسرلة كان لا بد لسعيد (س) أن يستحضر على مستوى الوعي والخطاب سردية أخرى، يتشابك فيها حاضر وذاكرة فلسطيني الداخل مع فلسطيني الشتات ضمن سردية مشروعها خيار وجدوى المقاومة. يصوغ سعيد (س) بالتوازي مع قصته قصة فارس اللبدة، جارهما الذي يتوجه إلى بيته في يافا بعد عشرين سنة معتقدًا أن الذي يعيش في بيته هو يهودي، وليتضح له أن من يعيش في بيته هو رجل فلسطيني من سكان المنشيّة: هدم بيته في الحرب، وانضم للمقاومة، ولما عاد إلى المدينة المهجورة اعتقله اليهود لفترة طويلة، ورفض أن يغادر يافا بعد إطلاق سراحه، فاستأجر بيت اللبدة من الحكومة بكل ما فيه من أشياء وأبقاه على حاله، وبقي فيه مع زوجته وولدين، أحدهما على اسم صاحب صورة وجدها في البيت، أخ فارس اللبدة الشهيد بدر، والتي بقيت محفوظة بأمان مع العائلة عشرين سنة، ولم تزل معلقة في مكانها على الحائط في غرفة الاستقبال.

أدت النكبة إلى انهيار الهيكل المجتمعي الفلسطيني، وتمزيق نسيجه الاجتماعي التقليدي بقطع الأواصر العائلية والقبلية وغيرها من العلاقات الاجتماعية، وتقسيم الشعب ما بين الذين بقوا في داخل أراضي 48، والذين أقاموا في قطاع غزة والضفة الغربية، والذين عاشوا لاجئين في البلدان العربية المجاورة. هذا التشتت الجغرافي أدى إلى انقسام الشعب إلى «الذين في الخارج» و«الذين في الداخل»، داخل مصيدة المواطنة التي فرضت عليهم وقطعت اتصالاتهم مع الخارج الفلسطيني والعربي. قبل نكسة الـ67، غلب الظن بأن الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية، ويتقنون اللغة العبرية، ويقف أولادهم في يوم "استقلال إسرائيل" وينشدون: «بعيد استقلال بلادي غرد الطير الشادي»، فقدوا الوعي الذاتي وشخصيتهم الفلسطينية. في قصة «الحب في قلبي»، التي يختم بها إميل حبيبي مجموعته سداسية الأيام الستة، نقرأ رسائل مهربة من أسيرة مقدسية متهمة بتهريب السلاح أو التستر على تهريبه، كتبتها على ورق سجائر ديجل إلى عائلتها، وتحكي قصة لقائها في سجن الرملة بأسيرة حيفاوية متهمة بالاتصال بالعدو(3). تكشف الرسائل الصورة التي رسمت لفلسطيني الـ48، وتنفض الفتاة المقدسية سذاجة جهلها لما تكتشف مدى قرب عالمها من الفتاة الحيفاوية، بل تطابقهما تقريبًا. يتشارك فارس اللبدة مع الأسيرة المقدسية في تجربة اللقاء بعد عشرين عامًا من القطيعة مع فلسطيني الداخل وفي محاولة الربط بين مكانين وزمنين وحدتهما الهزيمة. وكما المقاومة (التهمة، الأسر، السجن) هي النقطة العقدية (nodal point)، القادرة على تجميع حب الشعر والأغاني والأكل، وذكريات العائلة والوطن، وتجارب المنفى، بشقيه الداخلي والخارجي، فإن صورة الشهيد بدر اللبدة هي النقطة العقدية التي تحدد تجميع وتضمين الأشياء التي يلاحظها فارس اللبدة بعد عشرين عامًا من الغياب، البيت وأثاثه وترتيبه وألوان جدرانه وأشيائه ورائحته.

نعرف من إرنستو لاكلاو وشانتيل موفي أن الفضاء يتكون من عناصر حرة، دلالات عائمة، متنوعة وغير منضمة ومتباينة، وحتى متنازعة، ما يسميه لاكان نقاطًا (Capiton)، ولكنها قادرة من خلال نقاط عقدية على التجمع والتواصل والانتظام في سلسلة تكافؤ موحدة، تضمن معناها وتحدد هويتها مجازيًّا(4). ما يمكن أي نقطة لأن تكون عقدية هو تميز موقعها الدلالي داخل لغة وتراث رمزي وأخلاقي مشترك، وفكرة عامة ومشروع لتحقيق ما هو عادل، ورواية تاريخية موحِّدة قادرة على إثارة الخيال والعواطف، كل هذا يسمح لباقي النقاط أن تتماهى معها. وهكذا تعمل صورة الشهيد بدر اللبدة كنقطة تعريف عقدية، تجمع عناصر المكان، بشرًا وأشياء وذاكرة، تشد أواصر التفاعل بين اليافاوي الباقي على أرضه مع اليافاوي اللاجئ، رغم تحولات التجربة في الزمن، وتربط الحاضر بالماضي لاستعادة زمنٍ مضى، وفهم زمنٍ حاضرٍ، وتكثفهما كنقطة انطلاق إلى مستقبل سيرسم معالمه بالمقاومة من أجل استرداد فلسطين. في المواجهة مع صورة أخيه الشهيد التي ما تزال معلقة حيث كانت، وحدها في الغرفة كلها، وعلى نفس الحائط في صدر الغرفة وبشريط الحداد الأسود العريض الذي مد على زاويتها اليمنى، تكر على وجنتي فارس اللبدة الدموع الممزوجة بحنين ساحر تغلغل في مسامات روحه من شوقه لبيته وما يحتويه من ذكريات وأشياء. يكتشف فارس اللبدة أن اليافاوي هو الوصي الفعلي والأمين على أشيائه وبيته ومدينته. ويكتشف فارس اللبدة أن لا حق له في استرداد صورة أخيه بدر الشهيد، لأن الذي احتفظ بهذه الصورة، وعاش معها، وحفظ روايتها وتفاعل معها هو أحق الناس بامتلاكها. يقول اليافاوي لفارس اللبدة عن صورة أخيه الشهيد: «هذا الرجل لنا نحن. عشنا معه وعاش معنا وصار جزءًا منا.. [هو] جسركم إلينا وجسرنا إليكم» (كنفاني: 57). فعلًا جسر، نكتشف مع فارس اللبدة، ومع كل نظرة وقصة وذاكرة وبسمة ودمعة، أن فلسطينيي الداخل بقوا وصمدوا وتشبثوا بالبقاء في أرض فلسطين بوجه الحرب والمجازر والحكم العسكري، وقوى القمع الإسرائيلية ووحشيتها بالعنف والاعتقالات، ومصادرة الأراضي في النقب والمثلث والجليل وغربي القدس ، وسياسات التهجير البطيء، وعملية الإفقار الممنهجة، وعنصرية المجتمع اليهودي، وفاشية القوات الأمنية. ندرك أنهم مرتبطون بتاريخنا وأرضنا وقضيتنا بشكل جذري ويومي؛ لا هم عملاء لـ"إسرائيل"، ولا هم قديسون ولا منزهون عن ارتكاب الخطايا، بل فقط مختلفون، كما نحن مختلفون، انقسمت مصائرنا، وكل كوّن حياته بسبب الاحتلال بأشكال مختلفة، واختار لنفسه وسلك درب مغايرة لنفس الآلام. ندرك أننا من شعب وذاكرة وقضية واحدة متوفرة على المتعدد فينا، والتي توفر على أن نكون كثرة. نتحول من كينونات منفصلة ومنعزلة إلى تجسيد وحدة فلسطين في علاقات وعلائق فاعلة ومستمرة في ديناميكيتها، كل شيء فيها مترابط، داخليًّا أو خارجيًّا، ويمكن معاينتها من أي منطلق أو ركن أو زاوية، وترفض الخروقات الدائمة، والانفصالات الجذرية، والتحقيب بقطوعات الزمان الموزعة بين ماض وحاضر ومستقبل، والحدود المكانية التي رسمها الاستعمار.

يتخذ فارس اللبدة قراره بالانضمام إلى صفوف الثورة لاستكمال مشروع أخيه بدر الشهيد ومضيفه اليافاوي المناضل. هذا التحول في الوعي ما كان ليحدث أو يتبلور فيه مشروع نزع ملكية الأرض من أيدي سالبيها واستردادها لمالكها الفلسطيني الشرعي لولا إدراك فارس اللبدة العميق لما قاله اليافاوي: «كان يتعين عليكم، إن أردتم استرداده، أن تستردوا البيت، ويافا، ونحن.. الصورة لا تحل مشكلتكم». هنا يدرك فارس اللبدة أن قيمة الصورة هي في ألا تكون أية صورة معلقة على الجدار، مثلها كمثل مفتاح دار جابر في عن الرجال والبنادق، والذي انتقل من الوطن إلى المنفى وبات يمثل النوستالجيا للفردوس المفقود، وذكريات الهزيمة، وحكايات الماضي، وقصص العجائز والأمهات والأعمام عن الخوف والذل والعويل والحيرة والضياع والتخلي، بل أن يكتشف فيها فارس اللبدة لا صورة أخيه فقط، بل صورة من امتشق البندقية، كما اكتشف الصغير في صورة مفتاح دار جابر الحقيقية: فأس الأرض التي لا بد من استعادتها(5). يدرك فارس اللبدة أن عدالة الذاكرة تتطلب أن يدخل في علاقة غيرية مع الصورة: يحولها إلى نقطة عقيدية، تتفاعل في زمنية الذاكرة المركونة في ماضيها قوة نشاط اليقظة والوعي والإدراك والمعرفة، وتتدفق كأداة لنبش الأسئلة الممكنة المستفزة للحاضر المقترن بالاستعمار الإحلالي واستلاب الذات وافتقاد الحق في تقرير المصير، وكجسر عبور من نضال الشعب الفلسطيني في الماضي إلى عمل المقاومة في الحاضر لاستشراف المستقبل في التحرير والعودة والحرية.

هذه النقطة العقدية هي بالذات ما يفتقده سعيد (س) في بيته وما كان له فيه، إلا أنه من خلال سردية فارس اللبدة يحول هذا النقص إلى فائض، إلى قصة ما بعد الهزيمة التي سيكتبها خالد وفارس اللبدة وهما يواصلان درب الشهيد بدر الذي امتشق البندقية واستشهد في سبيل الوطن. يقول سعيد (س) لصفية: «إن دوف هو عارنا، ولكن خالد هو شرفنا الباقي» (كنفاني: 75). وهنا يلفت انتباهنا في القصة أن غسان كنفاني لم يعطِ اليافاوي اسمًا، ولكنه أعطى أولاده اسم سعد واسم بدر. فبحسب عالم غسان كنفاني وحدهم الفاعلون، خنوعًا وخيانة (أبو الخيزران) أو تمردًا ومقاومة (سعد)، في الحاضر والمستقبل هم الذين يستحقون أن يكون لهم اسم، بينما الآخرون لا أسماء لهم، مجرد أجساد تتنفس لا معنى لحياتهم(6). وهذا يعني أن اليافاوي المناضل ليس له اسم لأنه يعيش على أمجاد وذكريات الماضي، يصون ذاكرة الراحلين واللاجئين، مثله كمثل أم الروبابيكا، هند في رواية إميل حبيبي، والتي لم تلجأ إلى لبنان مع من لجأوا في النكبة، وبقيت في بيتها في وادي النسناس في حيفا، وتدبرت أمور حياتها بما كانت تبيعه من فراش ولحف وما وقعت يداها عليه من الأثاث والأمتعة المنهوبة إذ كانت تصلح وتحتفظ بكنوزها التي تجدها في الفراش على أمل إعادتها لأصحابها عندما يعودون(7). وكانت العودة المشروطة بعد هزيمة حزيران، ودق فارس اللبدة باب بيت اليافاوي مرتين، إلا أن بيت هند الذي بقي مفتوحًا لم يطرق بابه أحد. إلا أن كنفاني لا يتركنا بدون استشراف، فيرمز بتسمية أولاد اليافاوي سعد (على اسم الفدائي في رواية أم سعد)، وبدر (على اسم الشهيد بدر اللبدة)، إلى رواية ما زال جيل بعد أكتوبر في الـ48 يسطرها بالمظاهرات الشعبية، وإضراب الكرامة، ومبادرات الاقتصاد الوطني، وراديكالية الأسئلة عن مقاطعة المشاركة والمواطنة.

عائدون إلى حيفا

أحد عشر يومًا. كنا نضبط أعصابنا وننظم أنفاسنا مع فصول المقاومة الشعبية والمسلحة في فلسطين، نرتجف لضوضاء سماء غزة وهي تمطر الصواريخ بهمجية عبثية لتخرج أرضها كأنما زلزلت، وأطبق الدمار والخراب والجثث على كل جزء فيها. ومن قاع هذا الفزع والوجع، كنا نبتسم بعفوية ونصرخ ونهلل ونكبر لرشقات صواريخ المقاومة على القدس و"تل أبيب" وحتى "رامون"، ونصفق فرحًا على مشهد المستوطنين وقد دب الرعب فيهم وتخبطوا، وكأن القيامة قد وصلتهم. وما إن انتظمت دقات القلب حتى كنا نطبق جفوننا، وتغمرنا لحظات من الصمت الثقيل، ونصلي بخشوع وقد اشتعلت غلالات سماء الأقصى بوهج القنابل المسيلة للدموع، وعلا الصخب الاتجاهات، وتصادمت الأكتاف. قطعت خشوع صلاتنا صرخة فتاة في وجه قطعان الجنود والمستوطنين في الشيخ جراح، فتقدمنا خطوة إلى الأمام مع الجموع الزاحفة ومددنا لها يدنا، فرأيناها بجمال نظراتها الحانية كسيقان النرجس وببسمتها الشامخة فوق السحاب ترسم عبير شارة النصر. ابتسمنا لها والدمع يترقرق من عيوننا المحملقة وقد التقى صوت الشعب في حيفا وعكا والناصرة مع صوت الشباب المنتفض في البيرة و"بيت إيل"، وصوت الرصاص في اللد والنقب مع صوت حشود العودة عند الحدود، فعجزنا أن نترجم ما لكل هذا من معان ولا نقوى إلا على نطق سوى كلمة واحدة: «فلسطين صارت أقرب»، ونكررها مرة، واثنتين، وربما أكثر.

أحد عشر يومًا، توحد الفلسطينيون خلف خيار المقاومة، وأشعلوا جبهات غزة والقدس والضفة الغربية والداخل والشتات، وبثوا الروح في القضية الفلسطينية في المنطقة والعالم بعد عقود من محاولات محوها وتشويهها. تسمرنا في مشاهد مقاومتنا وانتفاضتنا ووحدتنا وقد انتابتنا الرهبة، هذه التوليفة المركبة والمختلطة أمام ما هو مدهش ومثير، مهول وقوي، كمثل ما يحدث عند النظر إلى أعجوبة الطبيعة في العواصف والأعاصير.. هذا الخليط من قشعريرة فيزيولوجية وتَجربة فلسفية تثير المتعة، والإحساس بالأمان، والثقة بالنصر الآتي لا محال؛ فإدراك ما يسميه كانط بالـsublime، ويترجم في العربية إلى السامي/الجليل، يعمل على تنشيط الخيال، ورفعة الوعي عن التفاهة، ويحفز الشعور بالانتماء إلى شيء أكبر منا كأفراد ومجموعات ومكونات؛ فالـsublime تدل على السمو والارتقاء إلى الحافة أو الحد الأقصى من التجربة، أو حتى تَجاوزها(8). هذا الارتقاء كمفهوم فلسفي ينسج، ما يصفه جان فرانسوا ليوتار، بالمحايِثة: إدراك السامي دون تذليله للجمود والانتظار والتأملية، وإنما الصعود بالعاطفة المصاحبة للتجربة وعفويتها وإبداعيتها وقيمتها الجمالية وعمقها الوجداني، وإدراك أثرها الحسي في نوع من تحفيز الخيال وقفزته النوعية في الشكل والمحتوى، ورفع سقف الوعي وفتح أفق انشغالاته في عين اللحظة على مغامرة الكشف عن الإمكانيات والممكنات ووجهات نظر ومنظورات من شأنها أن تحدث التغير المنشود(9). عندئذ تتحقق آثار إدراك السامي/الجليل كتجربة غنية، خيالية وجمالية، وغير منفصلة عن الواقع والتاريخ، تجسر الهوة بين استشعار الرهبة والاستجابة للتحدي، بين المتعة وتفاؤل الإرادة، بين الإلهام وفن صناعة المستقبل وتحقيق المستحيل. وما زال جسدنا الفلسطيني الواحد يتطوح في نشوة كالسكر، هي أقرب للانتشاء الصوفي: تتخلخل معا مستقراتنا، فترفعنا ثوابتنا؛ نصطدم بالتحديات، فيحيينا الأمل؛ نلاحق أفقًا يتمدد وتوقعات تتوسع، فتتوالد الأسئلة على كل مفترق، ويباغتنا كبر المسؤولية وحاجتنا إلى المحافظة على معطيات عظمة وضخامة الواقع الذي نعيشه ونضاعفه.

أحد عشر يومًا، انتقلت الذكرى 73 لنكبة فلسطين من حيزها الرمزي المسكون بالأرض المسلوبة، والحقوق المستباحة، والأحلام المسروقة، والنكسات المتتالية إلى ما هو واقعي ويومي وملموس، جاعلة الواقع نفسه، بكل ما فيه من واقعية، ملحمة تفجر الرهبة أمام ما يحفل به هذا الواقع من عظمة وضخامة الأمر المدرك وهوله. أحد عشر يومًا أحيت ضمير العالم، وأحدثت رعبًا وجوديًّا عند الكيان الصهيوني، واستعادة القضية الفلسطينية فيها مشروعها التحرري وفرضته بالمقاومة الشعبية والمسلحة. فما حال قلوبنا؟ قلوبنا تحب البلاد، وقلوبهم تحمي البلاد، قلوبنا تدافع عنهم في كل ساحات الشتات، وقلوبهم تجدد فينا الأمل والذاكرة والحلم والاعتزاز بالانتماء، قلوبنا تعزف لحن العودة، وقلوبهم تدك العدو بالصواريخ وتحول كل لحظة ونقطة احتكاك إلى نقطة اشتباك. قلوبنا وقلوبهم قلب واحد، قلب شعب فلسطين الواحد بكل ما فيه من حنين وأنين وعذاب وشقاء وشوق وتمرد وألم وحلم وذكريات وفي انتظار ساعة الصفر. نقف كشعب واحد في عين النكبة، لا فقط كحدث مفصلي وصاحب الأثر الأكبر، ورغم تفاوت آثاره في حياة الفلسطينيين، بل أيضًا كتجربة جماعية تدل وقائع الشتات، والداخل في 67، وداخل الداخل في أراضي 48 بأن كل عواملها لا تزال موجودة، تُمارس وتتجدد وتتواصل يوميًّا؛ فالنكبة، وفي تحوير لمقولة ويليام فوكنر، أبدًا لم تمت، هي حتى بعد لم تمض.

النكبة مستمرة. ويعقوب، حرامي الشيخ جراح، أصدقهم لما قال: «إذا لم أسرقها، سيسرقها غيري». النكبة مستمرة لأن السرقة مستمرة. في الشيخ جراح، زورت شركة نحلات شمعون الاستيطانية أرض كرم الجاعوني لتزعم ملكيتها منذ العهد العثماني لـ40 عائلة يهودية مهاجرة من جورجيا. استخدم هذا الادعاء كحجة من أجل طرد السكان وهدم منازلهم في معركة قضائية وسياسية طويلة امتدت لسنوات، ونجحت في إخلاء بعض العائلات. في تشرين الثاني 2008، أُصدر قرار بإخلاء عائلة الكرد من منزلها بقرار من محكمتي الصلح والمركزية، وتكرر المشهد في آب 2009 بطرد عائلتي حنون والغاوي من منزليهما. يواصل الكيان نشاطه المحموم للاستيلاء على الأراضي والعقارات والمنازل الفلسطينية عبر تجنيد شركات استيطانية يتم إنشاؤها بغرض الاحتيال على الفلسطينيين وتزوير عقاراتهم لبناء المستوطنات. خلال العام 2018، أُسست 49 شركة إسرائيلية لتسريب الأراضي إلى المستوطنين، كما جرى في أراضي السواحرة حيث زوّر 11 ألف عقار، إلا أن أصحاب الأراضي تمكنوا من إبطال مشروع التسريب. وتنشط شركات نحلات شمعون وإلعاد وعطيرت كوهنيم في الاحتيال على الفلسطينيين لشراء ممتلكاتهم بمساعدة سماسرة فلسطينيين، يشترون العقارات وينقلونها للمستوطنين مقابل حصولهم على مبالغ مالية باهظة، أو من خلال لجوء البائعين والسماسرة إلى كتاب عدل أردنيين لإصدار وكالات دورية عرفية لا يتم اكتشافها إلا حين إعلان نية إحدى الشركات تسجيل قطعة أرض في الصحف، أو من خلال تزوير وثائق وعقود تثبت عدم ملكية أصحاب العقارات الفلسطينيين لها. ثم تبدأ الجمعيات الاستيطانية برفع دعاوى في داخل المحاكم لمصادرة تلك الممتلكات وإقامة مشروعات استيطانية عليها، أو بيعها في المزاد العلني للسكان الإسرائيليين فقط.

القضية ليست قضية حي الشيخ جراح حصريًّا، هي أيضًا قضية سلوان، ولفتا، وبيتا، و الخان الأحمر ، وبعلين ونعلين، وسوسيا، وحي العجمي في يافا، والنقب، والأغوار، والبلدات القديمة في القدس والخليل وعكا، وقرى المثلث والجليل، كل شبر في فلسطين. القضية هي قانون «الدولة القومية»، الذي سمي بـ«القانون الأساسي: إسرائيل بوصفها دولة قومية للشعب اليهودي»، والذي ينص على أن حق تقرير المصير هو حق خاص وحصري للشعب اليهودي فقط، نافيًا وجود شعب آخر على أرض فلسطين له حق تقرير المصير؛ ويجعل من العبرية اللغة الأساسية لـ"الدولة"، مغيبًا اللغة العربية؛ ويحذف بند المساواة من القانون الجديد، ومنها أيضًا تغييب مبدأ الديمقراطية، وبالتالي لا يلزم بانتهاج، ولو رسميًّا وعلى الورق، مبدأ المساواة في رصد الميزانيات للبلدات الفلسطينية؛ ويشجع الهجرة اليهودية، رافضًا حق العودة؛ ويحظر على الفلسطينيين في الضفة الغربية التقاضي أمام المحكمة العليا بشأن نزاعات على الأراضي أو ضد قرارات "الإدارة المدنية للاحتلال" بشأن مصادرات أراضٍ فلسطينية جديدة، ما يعني مزيدًا من عمليات المصادرة؛ ويرى في تطوير الاستيطان قيمة قومية، فاتحًا تطبيق قانون شرعنة الاستيطان وتبييض آلاف الوحدات السكنية التي تعتبر وفق القانون القائم، وتسريع وتكثيف عمليات فرض الوقائع على الأرض المحتلة في ضم الحارات والقرى المحيطة بالقدس، والمنطقة "سي" والأغوار، وتهويد الجليل والنقب ببناء مستوطنات لن يسمح بقبول غير اليهود فيها.

خلال ثلاثة عقود من وحل أوسلو وشحارها، تمكنت "إسرائيل" من إحكام سيطرتها على أكثر من 85٪ من أراضي فلسطين التاريخية، يستغلها 51٪ من اليهود الإسرائيليين، بينما يشكل الفلسطينيون 49٪ من مجموع سكان فلسطين التاريخية، ويستغلون 15٪ من مساحة الأرض فقط(10). نحن اليوم في مفصل تاريخي خطير. ونحن أيضًا في «لحظة مهمة جدًّا، وهي فاتحة الإمكانيات لكل شيء جديد». النكبة مستمرة. والمقاومة أيضًا مستمرة. في الذكرى 73 للنكبة، استيقظ الشعب الفلسطيني من نومة كهف أوسلو، ونفض نفسه كالمارد في كل الساحات في وجه كل من تخيلوا أنهم قهروه وألزموه الصمت الأبدي ليقول بالفم المليان، واليد القابضة على الزناد والحجر والمولوتوف، والقلب المفعم بشجاعة الحق والحقيقة أن فلسطين حية في عقولنا ووجداننا، وأننا مصرون وماضون في الدفاع عن أرضنا ومقدساتنا وحقوقنا الكاملة والمشروعة فيها وبكل الوسائل المتاحة، وأننا نقف صفًّا واحدًا وندًّا لكل من أراد تهميش قضيتنا واستبعادها من بؤرة الاهتمام والتركيز والدلالة، وأننا وبكل فخر شعب الجبارين وأبناء فلسطين العنقاء والولادة والقادرة والمقتدرة على البعث والبشارة بالنصر.

كان المعطى الأكثر وضوحًا هو استجابة فصائل المقاومة في غزة السريعة والمباشرة لنداءات المقدسيين لنصرة المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، وما مثله هذا من تحول استراتيجي في قواعد الاشتباك العسكرية من ناحية أن المقاومة هي التي وجهت إنذارًا إلى الكيان الصهيوني، وحددت ساعة الصفر إن لم يتراجع، وهي التي بادرت بقصف القدس المحتلة بصواريخ نوعية تدخل الخدمة لأول مرة، وصعدت المواجهة من "تل أبيب" شمالًا إلى "رامون" جنوبًا. بهذا غيرت فصائل المقاومة من مسار المواجهة وثبتت قواعد اشتباك جديدة لتكون القدس هي العنوان لتوسيع النطاق الجغرافي لعملياتها خارج حدود قطاع غزة.

وكان المعطى الأكثر استراتيجيًّا هو انتفاضة شعبنا في أراضي الـ48 وإفشالهم كل مساعي الأسرلة في تحويلهم إلى مجرد تجمعات سكانية مفككة ومسلوخة عن قضاياهم الجوهرية، ومحو ذاكرتهم وانتمائهم الوطني. مظاهرات اللد التي انتقلت إلى البلدات الفلسطينية في النقب والمثلث والجليل، وبالذات فيما يسمى المدن المختلطة، حيفا ويافا وعكا واللد، عرّت السياسات الاقتلاعية الصهيونية، والقوانين العنصرية، والإيديولوجيا الدينية الفاشية، وثقافة الكراهية التي باتت تشكل خطرًا جديًّا على شعبنا، وكشفت للعيان أن قضية حي الشيخ جراح بالقدس هي أيضًا قضية حي العجمي في يافا والبلدة القديمة في عكا. هذا أرعب الاحتلال لدرجة اعتبار أحد قادته «إن تحرك العرب في إسرائيل أشد خطرًا مما يجري على حدود قطاع غزة».

وكان المعطى الأكثر فاعلية هو انتفاضة شعبنا في الضفة الغربية، وتحويل نقاط التماس مع الجيش الإسرائيلي إلى بؤر اشتباك. اليوم، ينتفض شعبنا على محورين. على محور الاشتباك مع الاحتلال من خلال إبداعات خلاقة. تحولت بيتا إلى مناورات الإرباك الليلي، والعمل المنظم المستمر على مدار الساعة، وبتنسيق من حراس الجبل الذين يعملون من خلال 10 وحدات، كل وحدة توكل إليها مهام معينة؛ بحيث تتكامل فيما بينها لتشكيل حالة من الإرباك والهلع للمستوطنين. وأيضًا على محور اغتيال الكلمة الحرة والحريات، التي فضحت ملفات الفساد والمفسدين وتشابكهم مع ملفات الاحتلال. تخرج جماهيرنا لتتصدى لاغتيال الشهيد نزار بنات على يد سلطة فيشي في رام الله وجهازها الأمني، الذي تحول إلى مطية صهيونية، تنوب عن بذاءة الجيش الإسرائيلي في الاعتقال والإعدام الميداني للحق والحقيقة الفلسطينية.

ولعل المعطى الأكثر بعدًا هو تأكيد الشتات الفلسطيني على دوره في مسيرة النضال الفلسطيني بتفعيل ساحات أبعد من فلسطين نفسها في مظاهرات حاشدة نصرة للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وحقوقه المشروعة وروايته التاريخية. وإذ أكد الشتات الفلسطيني أنه ليس خارج دائرة الصراع، فإن المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا و الأردن أكدت أن مساحات المخيمات هي جزء لا يتجزأ من جغرافيا فلسطين وجسدها الشعبي والسياسي؛ فالمخيمات هي فلسطيننا التي أعدنا بناءها من أجسادنا الحية، وجبلنا بيوتها وحاراتها بطين ذاكرة قرانا ومدننا وأسمائها، وابتعثنا من خيام اللجوء فيها ومفاتيح بيوتنا موطنًا مؤقتًا في أوطان الآخرين، عمدنا دروب آلامها بدمنا وخبز انتمائنا وبشارة ثورتنا وعودتنا. التزمت المخيمات بإضراب الكرامة، وخرجت جماهيرنا إلى الحدود في تأكيد على حق العودة، وجبروت انتمائنا المتجذر في تراب فلسطين، وقوة ارتباطنا بأهلنا في الأرض المقدسة، ووحدتنا الراسخة لاستعادة دورنا التاريخي في تفجير الثورة الفلسطينية واحتضان تجربتها في الكفاح المسلح رغم كلفة الحروب، والمجازر، والحصارات، والاعتداءات، وتدمير عدد من المخيمات، والضريبة من حياة أبنائنا دمًا ونزفًا وتهجيرًا.

أما المعطى الأكثر مفاجأة، فهو الملحمة الرائعة التي قدمها الجيل الفلسطيني الرابع، حين قرر الآلاف من الشباب والشابات والأطفال، وبدون قرارات فوقية، تحمل المسؤولية في حماية عروبة القدس وهويتها الفلسطينية ومقدساتها، باعتبارها عاصمة فلسطين. أثبت هذا الجيل نفسه بجدارة، وسبق القيادات التقليدية والأحزاب والفصائل في حراكه السريع والشعبي، وفي تحديث طرق التظاهر، وتجنيد تقنيات الفيسبوك والتويتر واليوتيوب وتسخيرها لمعركته. رسخ هذا قواعد اشتباك جديدة في استفتاء شعبي قوامه الإجماع على رفض الاستسلام، وخيار المقاومة وضرورتها وجدواها، وتفعيل ساحات الشتات ومواقع التماس في القدس والضفة والداخل الفلسطيني، والتعامل مع مساحة الوطن الفلسطيني على أنه ساحة واحدة. في تأكيد هذا الجيل على الترابط العضوي بين الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده وتواجده، ووعيهم الجمعي وإدراكهم الكامل لجوهر وطبيعة الصراع ومصيريته، برزت أجندة وطنية قائمة على مبدأ وحدة النضال الفلسطيني وكسر "خصوصية" و"قفص" كل بقعة جغرافية، وأدت إلى انهيار كل المعادلات والمراهنات القديمة في المفاوضات العبثية ومسارات الحلول السلمية، والتطبيع بين الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية، والإجراءات الصورية لتغيير النظام السياسي الفلسطيني والوحدة القائمة على أساس المحاصصة الفصائلية. ترجم هذا الجيل انتصار المقاومة العسكري في غزة إلى تحول استراتيجي في فلسفة وثقافة قواعد الاشتباك، وأسس ميدانيًّا لرؤية واستراتيجية وطنية وسياسية جديدة، تقوم على الالتزام بمنطق الشراكة الوطنية مع مختلف أطياف وتمثلات المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج، وتعزيز دور الشباب الفلسطيني التاريخي في إعادة تعريف واستعادة الحقيقة والحقوق الفلسطينية الكلية، وبهذا وضعوا الفصائل الوطنية والاسلامية أمام مسؤولياتهم في العودة إلى مصدر الشرعية الأول: الشعب الفلسطيني.

اليوم، لدينا مقاومة مسلحة موحدة على مستوى الأجنحة العسكرية للفصائل، قلبت قواعد الاشتباك الموجودة، وفرضت بالدم والحديد قواعد اشتباك جديدة مدعومة ميدانيًّا وشعبيًّا بمجموعات وحراك شبابي فاعل في كل الميادين والساحات في فلسطين والشتات، يبدع في صياغة حيوية ووطنية ووحدة الشعب الفلسطيني، ويخلق مشاريع ومبادرات وفعاليات قادرة أن تفرض خطابًا جديدًا، وأن تشكل قوة سياسية حقيقية، وأن تضخ الدم في شرايين العمل الوطني، وتؤسس لرؤية تعيد تعريف النضال الفلسطيني وتمحوره حول خيار المقاومة وبعيدًا عن خزعبلات "دولة أوسلو" أو سخافات "المساواة داخل إسرائيل". أثبت هذا الجيل قدرته على قيادة حركة كل الشعب. واجبنا أن نفتخر بهذا الجيل ونتواضع في حضرة تضحياتهم ونضالاتهم ومبادراتهم، ألا نسلط سوط الوصاية التافهة على أجسادهم وعقولهم ووعيهم. واجبنا أن نقف في صفهم، ونسلمهم زمام المبادرة في صياغة وقيادة المشروع الوطني لإحقاق تقرير المصير والتحرير والعودة ولحمة الشعب والأرض. واجبنا هو واجب سعيد (س) تجاه خالد: أن نطير إليهم، ونحتويهم، ونقبلهم، ونبكي على كتفهم، مستبدلين أدوار الأب/الأم والأبن/ة على صورة فريدة، ونقول لهم: أنتم الوطن. بكم ومعكم، عائدون إلى حيفا. فهذا الجيل هو نبوءة غسان كنفاني والذي قال فيه عبد الرحمن الأبنودي:

..جيل

أوصافه غير نفس الأوصاف

إن شاف وعي

وإن وعي ما يخاف(11)

الهوامش

(1): سنان عبد القادر. «العمارة والحيز الثالث وما بينهما».  بناة ـ العمارة والبناء (2010).

(2): Said, Edward. The World, the Text, and the Critic. (Cambridge: Harvard University Press, 1983), p. 137-8.

(3): إميل حبيبي. سداسية الأيام الستة وقصص أخرى. (القاهرة: دار الشروق للنشر والتوزيع، 2006).

(4): إرنستو لاكلاو وشانتيل موفي. الهيمنة والاستراتيجية الاشتراكية: نحو سياسة ديمقراطية راديكالية. ترجمة: هيثم غالب الناهي. (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2016).

(5): غسان كنفاني. عن الرجال والبنادق. (بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1987).

(6): يزن الحاج. «بعد الهزيمة: إميل حبيبي وغسان كنفاني». جدلية يناير 2020).

(7): إميل حبيبي. أم الروبابيكيا: هند الباقية في وادي النسناس. (القاهرة: دار الشروق للنشر والتوزيع، 2006).

(8): J-F. Lyotard. Lessons on the Analytic of the Sublime. trans. Elizabeth Rottenberg (Stanford: Stanford University Press, 1994), p. 6-7.

(9): المصدر السابق.

(10): تحرير صوافطة. «سياسات إسرائيل الاستيطانية وأثرها على اقتصاد الأغوار» مكتبة بير زيت (2015)، صـ138.

(11): محمد القدوسى. الأحزان العادية/عبد الرحمن الأبنودي، دراسة نقدية. (القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، 1999)، صـ46.