Menu

رفيقنا أبو علي مصطفى.. عشرون عاماً من الحضور المستمر

غازي الصوراني

فلسطين المحتلة - بوابة الهدف

في ذكرى استشهاد رفيقنا القائد الوطني الفلسطيني والقومي التقدمي أبا علي مصطفى.. نستذكر الإنسان العظيم بأخلاقه وتواضعه.. أبو علي مصطفى الغائب الحاضر في عقولنا وقلوبنا... نستذكر رفيقنا الغائب الحاضر ونقول بفخر "ليس محل شك أنّ (أبو علي مصطفى) هو الفلسطيني الوحيد، ويكاد أن يكون العربي الوحيد الذي يصبح فيه عاملٌ فقير أميناً عاماً لحزبٍ سياسي، وتكشف هذه الظاهرة الممتنعة النادرة في بعض عبارتها الفكرية الثقيلة عن: فك التباسٍ حقيقي بين مفهوم الطليعة ومضمونها الطبقي. لقد بقي هذا الالتباس مشروعاً ومبرراً في نظرية الانسلاخ الطبقي؛ فقط على يد (أبو علي مصطفى) استحال مفهوم الطليعة طبقياً خالصاً، بل طبقياً حاراً ومباشراً دون انسلاخات طبقية" وما أحوج جبهتنا الشعبية اليوم، إلى بلورة وتحقق مفهوم الطليعة الديمقراطية الماركسية الثورية، عبر سياقه أو وعائه الطبقي الطبيعي، وأقصد بذلك الشرائح الفقيرة والكادحين من العمال والفلاحين.

كما نفتخر أيضاً، بأن رفيقنا الشهيد القائد أبو علي تميز بشخصيته الجمعية المقتّدرة متعددّة المعاني والأبعاد، والباحثة عن كل ما هو جدّي ووطني ووحدوي ديمقراطي وخلاق في حياة الوطن والحزب والناس، والمفعمة بالصدقية والمبدئية والنزاهة والجدّية وطول النفس، والحاضنة الخصيبة الدافئة للآراء والاجتهادات... كان الشهيد القائد أبو علي مثالاً للمثقف العصامي الذي استطاع امتلاك مواصفات المثقف العضوي، حيث امتزجت تربيته الفكرية والثقافية في حركة القوميين الرب والجبهة الشعبية بالثقافة الشعبية المحببة غير المتعالية.

وانعكاساً لهذه السمات، لم يكن صعوده على رأس الجبهة، خاضعاً لأي تساؤل، بل كان صعوداً ديمقراطياً بما يشبه الإجماع، وليس من المبالغة القول أنّ هذا الصعود كان متعالياً على أية "تناقضات أو أزمات داخلية"، أو لنقل؛ مجموعات شللية أو تكتلات شخصية أو محاور اجتهادية، هي غالباً ما تلعب الدور الرئيس؛ داخل فصائلنا وأحزابنا ومجتمعاتنا في تحديد رأس الجماعة لأسباب متنوعة؛ أهمها التخلّف في الوعي وضعف المصداقية الثورية.

ففي العقدين الأخيرين قبل استشهاده؛ ارتقى وعي الرفيق (أبو علي) إلى حالة تراكمية من النضوج المعرفي الواعي بالماركسية، إلى درجة أنه كان يؤمن تماماً بأنّ الهروب من تعبير الماركسية لدى بعض الأحزاب، هو هروب من التراث الماركسي كله، حيث أدرك أنّ التراجع عن الماركسية لحساب كلمة اليسار والمنهج الجّدلي، معناه أنّ البنية الثورية (السياسية والتنظيمية) ستتراجع بالضرورة، إذ لا يمكن موضوعياً، الحديث عن المنهج المادي الجدّلي دون الماركسية، وبالتالي، فإنّ الهروبَ من الماركسيةِ باسم المنهج الجدّلي، خُطَوةٌ تؤكد انتصار التيار الليبرالي البرجوازي الصغير؛ داخل الحزب الشيوعي أو اليساري من جهة، أو تَجسيدٌ للانتهازية الليبرالية أو لعدم الوعي بأهمية اعتماد الماركسية كشرطٍ للتعاطي مع المنهج المادّي الجدلي من جهة ثانية .

إن سيرة رفيقنا القائد (أبي علي مصطفى) ودوره في مجرى العمل الوطني الفلسطيني.. لا تستحق أن تدّرس فقط لتُخَلدّ في ذاكرة الأجيال، بل تستحق أن تدّرس أيضاً؛ لأنها "تنم عن السبب الذي حمل صانع القرار الصهيوني على اغتياله صباح يوم الاثنين 27/8/2001، وهي في أي حال سيرة رجل امتزجت حياته الشخصية امتزاجاً كاملاً بالحياة العامة، فقدمت إيجازاً بليغاً لمسيرة العمل الوطني الفلسطيني منذ العام 1948".

إنّ فقد الساحة الفلسطينية لـ(مصطفى الزبري) يشكّل خسارةً لن ينفع التعزّي في التقليل من حجمها. أما وقد وقع ما وقع؛ فللجهود الرامية إلى التعويض أن تتجّه في اتجاه تقليل تأثير هذه الخسارة على الجبهة وعلى مجمل العمل الوطني، والأمل في هذا المجال معقودٌ على استمرار النهج الذي اختطه القائد الراحل.

إننا؛ إذ نستعيد اليوم مآثره الأخلاقية الوطنية عبر تجربته النضالية الغنية بكل أبعادها القومية والأممية الإنسانية في الذكرى العشرين لاستشهاده، لنستلهم من تجربته بوعي واحترام عميقين دروساً وعبراً، ونؤكد أيضاً على الرغم من كل مرارة اللحظة الراهنة- أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، هذا الحزب الذي ترعرع في أوساط الجماهير الشعبية وضم في صفوفه الكثيرين من خيرة أبنائها وطلائعها؛ سيظل وفياً لمبادئه وتضحيات أبنائه، وفي المقدمة منهم (أبو علي مصطفى) الذي ظل ملتزماً بمبادئ الجبهة وهويتها الفكرية؛ الماركسية ومنهجها المادي الجدلي، في صيرورة تطورها وتجددها الدائمين في كل مسيرة حياته النضالية، حتى لحظة استشهاده وخلوده الأبدي .