Menu

المقاومة وكسر الحصار

بوابة الهدف الإخبارية

قوافل المازوت

خاص بوابة الهدف

حين وصلت شحنات الوقود المستورد بأمر المقاومة إلى لبنان، كانت هذه المنطقة تقدم ردها على الحصار الذي قررت القوى المعادية والغازية فرضه على لبنان، ذلك ما يوجب التجاوز بقدر كبير من الثقة عن النظر في أي مقولات تقدمها القوى الانعزالية والمهزومة بشأن الدولة والسيادة، وبالنسبة لغير اللبنانيين أو من يفهمون لبنانيتهم ضمن العروبة وكجزء من نسيج المنطقة وشعوبها المعرضة للحصار الاستعماري، فإن هذا الحدث يتصل بسياق مختلف عن أي مناكفات أو منافسات سياسية لبنانية داخلية.

راهنت القوى الاستعمارية بعد خسارتها لعديد من المعارك أمام قوى المقاومة في المنطقة، على الحصار كأداة رئيسية لتركيع الشعوب، فما عجز الغازي المستعمر عن تحقيقه بواسطة جيوشه التي باتت غير قادرة في مواضع عدة على تحقيق انتصارات وأحيانًا غير قادرة حتى على البقاء في ساحات المواجهة، حيث يعمل العدو على معالجات استراتيجية تقتضي تفكيك عوامل صمود وبقاء وإنتاج المقاومة لدى شعوب هذه المنطقة، وفي هذا يلعب الحصار المالي والجغرافي بأطواقه المختلفة دور الحلقة المركزية.

يصمم العدو الحصار كأداة لإعادة تشكيل المنطقة لا الأجزاء المحاصرة منها فحسب، حيث يعمل بجانب مشاريع التطبيع والتحالف بين الكيان الصهيوني وعدد من النظم الرجعية كأداة فرز مضاد؛ تحاصر من يقاتل الكيان الصهيوني وتستدخل الكيان وتفتح امامه الأبواب في كل حواضر المنطقة.

وإذ يستند العدو الاستعماري بأذرعه المختلفة في حصاره لحواضن وحواضر المقاومة وشعوب المنطقة، إلى هيمنته على النظام المالي العالمي، فإن هذا قد يكون مفهوم كعامل كافي لإنجاح الحصار على جزيرة معزولة قرب شواطئ الولايات المتحدة مثل كوبا، ولكن في بلدان لها حدود متعددة مع جوار عربي، يصبح الحصار محض نتاج للخضوع من قبل النظم العربية المحيطة، وتعبير عن نقض كبير لمفهوم الأخوة والوحدة العربية وشراكة في عدوان على البلد المحاصر، بل وعلى كل شعوب المنطقة، وصلاتها التاريخية وممكنات مستقبلها المشترك أيضًا.

إذا كان العدو المستعمر يهيمن على النظم المالية والاقتصادية، فإن سواعد الفدائيين في فلسطين ولبنان والعراق و اليمن وسوريا ومحور المقاومة؛ تكفلت بمنع هيمنة العدو على الجغرافيا على النحو الذي اعتاده، وجعلت دخوله في تنفيذ حصار مباشر لأي بلد عربي أو أي من بلدان المنطقة هو أمر شبه مستحيل أو ذو كلفة هائلة لن يقدم عليها هذا العدو، وأي حصار مالي مهما بلغت آثاره لن يُفقد الناس الطعام والدواء وحليب الأطفال ويقطع امدادات المياه والطاقة؛ من يفعل ذلك؛ من يجوع شعبنا في غزة ولبنان وقبل ذلك العراق وسوريا وإيران واليمن هي الأيدي الرسمية العربية التي تنفذ الحصار جغرافيًا، وهي أيدي تستحق أن تقطع.

إن تأمين المقاومة بمقولة وحدود الردع التي قدمتها لقافلة الامداد وكسر الحصار عن لبنان، هو القطع الفعلي ليد تلك القوى التي تحاصر شعوبنا جغرافيًا، ولكل أداة محلية في لبنان أو غيره ساهمت في فرض هذا الحصار، وأيضًا رد يوضح فهم جديد ومقاربة لملف الحصار والتجويع من قبل المقاومة في المنطقة، سنقتل من يجوع شعبنا.