Menu

جيلُ الانتفاضة يُغيّر المعــادلة.. و"يُشكّل قيادته"

تصوير: طارق مسعود

بوابة الهدف_ فلسطين المحتلة

قال الباحث والكاتب السياسي خليل شاهين، إنّ الهبّة الفلسطينية حقّقت حتى الآن ما لم تقدر على تحقيقه السلطة الوطنية خلال فترة طويلة، خاصةً فيما يتعلق بوقف الإجراءات "الإسرائيلية" في المسجد الأقصى. كما حقّقت وحدة ميدانية فلسطينية في الضفة و غزة والأراضي المحتلة عام 1948م، تحت هدف رئيس وهو مواجهة "إسرائيل" ومستوطنيها، رغم استمرار الانقسام الفلسطيني.

جيل يُشكّل قيادته

وفي مقابلة خاصة مع "بوابة الهدف"، رأى شاهين أن المرحلة الحاليّة تشهد محاولة جيل جديد من الشباب التقاط زمام المبادرة لشق طريقٍ كفاحيّ آخر غير نهج القيادة الفلسطينية الذي اتُبِع منذ سنوات طويلة، ويُمكن أن تتعمّق انجازات الانتفاضة إذا ما عمّت كامل الأراضي الفلسطينية بشعارات وأهداف وتكتيك واضح متفق عليه، بوجود قيادة وطنية موحدة ولجان محلّة.

وحول المسار المتوقّع لهذه الهبّة الانتفاضيةّ، قال شاهين: إنّ استمرار غياب القيادة الفلسطينية مع وجود قرار غير معلن على عدم تطوير هذه الهبة، بالتزامن مع استمرار وتصعيد الإجراءات الإسرائيلية قد يدفع باتجاه قيام الشباب الفلسطيني بالعمل على تنظيم أنفسهم وتشكيل أطرهم الخاصة وقياداتهم بعيداً عن القيادة السياسية الحالية الغائبة.

أشكال جديدة للمواجهة

المحلل السياسي خليل شاهين، وفي معرض إجابته حول طبيعة المرحلة الحالية من المواجهة مع الاحتلال، والشكل الذي يُمكن أن تأخذه لاحقاً، قال "ما نشهده الآن هو مرحلة جديدة من الصراع، تفرض أشكالاً جديدة من المواجهة، في أعقاب تغيرات سياسية وديمغرافية جغرافية وأمنية أنتجتها السنوات الأخيرة، بعد الانتفاضة الثانية، بما أنتج تعمقاً لمشروع الاحتلال والاستيطان". مُضيفاً أن "الشباب اليوم اختاروا أن تكون مقاومتهم في هذه المرحلة من خلال عمليات الطعن بالسكين والدهس وتشكيل لجان الحراسة للتصدي للاحتلال ومستوطنيه. وهذا بمجمله عنصر جديد لم يكن قائماً في الانتفاضة الأولى بشكلٍ خاص وبدرجة أخرى في الانتفاضة الثانية".

ورأي شاهين أن الهبّة يُمكن أن تتطور وينتقل بها الشعب من مواقع الدفاع عن النفس إلى المبادرة في الهجوم، عبر قطع الطرق واندلاع مواجهات يشارك فيها أعداد كبيرة من الفلسطينيين. الأمر الذي وجده الكاتب السياسي قد يستغرق وقتاً، راهناً إيّاه بأشكال ومدى تصعيد الاحتلال لإجراءاته في الأراضي الفلسطينية، إضافةً لإمكانيّة تشكيل القيادة الموحدّة.

الاحتلال يسعى لاحتواء الهبّة

أشار شاهين إلى أن الوضع الأمثل لحكومة نتنياهو هو ما كان قائماً قبل الهبة، وهو حالة من إدارة الصراع، ويمكن لدولة الاحتلال أن تتعايش معه لمائة عام قادمة، حيث كان العدو ينفذ مخططاته في الضفة بما فيها القدس ، ويواصل فرضه الحصار على غزة وتشريد الأغوار وجنوب غرب الضفة. إلّا أن الشعب انتفض الآن ليقول كفى لن يسمح باستمرار هذا الوضع وأن الكلمة الفصل للميدان وليس للقيادة الفلسطينية.

وأضاف: لايزال الاحتلال يُكافح لإعادة الأوضاع على ما كنت عليه قبل بداية أكتوبر الماضي. إلّا أن استمرار الفعل الانتفاضي قد يُصعّد من إجراءات الاحتلال.

ماذا عن الفصائل؟!

قال المحلل السياسي والخبير الإعلامي أن هذه الهبّة أوصلت رسائلَ لقادة الفصائل بأن هناك فجوة واضحة بينها وبين الشباب المنتفض، رغم أن غالبيّتهم ينتمون لتلك الفصائل.

وتابع: العامين أو الثلاثة الماضيات أثبتت أن هناك جيلاً جديداً يستطيع أن يعمل بشكل موحّد بغض النظر عن خلفياته الحزبية الأيديولوجية، ببروز أشكال جديدة من التعبير والعمل السياسي.

واستدلّ شاهين على ذلك بتناسق أشكال النضال بين الشباب الفلسطينيين في غزة والضفة والـ48، في التصدي لمحاولات هدم قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف بالنقب المحتل ومحاولات اقتلاع أهالي سوسيا جنوب الخليل، وما تابعناه من إقامة قرية باب شمس لدعم صمود المقدسيين. مستخلصاً أن هذه الأطر "هي تكوينٌ جديد تشكّل في الميدان وفي مواجهة الاحتلال ولم تتشكل في الغرف المغلقة".

خيارات السلطة..

ورأى شاهين أن القيادة الفلسطينية تتمثّل بشكل خاص في الرئيس الذي هو وحده من يدير الوضع الفلسطيني؛ موضحاً أن ما دون ذلك ليس بقيادة فلسطينية، بدليل اجتماع اللجنة التنفيذية مرة واحدة طوال مدّة الانتفاضة، وكان هذا الاجتماع في اليوم السادس من بداية الأحداث.

ووجد أن استمرار هبة الشعب الحاليّة، قد يُحقق الخروج الكامل من المسار السابق "أوسلو"، بما يعنيه إحداث تغييرات في بنية النظام السياسي الفلسطيني الحالي خاصة فيما يتعلق ببنية السلطة الفلسطينية.

ورهنّ شاهين الأمر بما يحكم به الشعب والميدان من جهة، وفعل السلطة القادم من جهة أخرى.

ولم ينفِ أن يكون الفلسطينيون أمام مواجهة محتملة بين السلطة وأجهزتها الأمنية من جانب، وقوات الاحتلال من جانب آخر، كما قد يشهدون سيناريو تقف فيه السلطة بوجه انتفاضة الشعب، ما يُمهّد لمواجهة داخلية.

وقال: "إنّ الفراغ القيادي يشير إلى أن الرئيس يسعى لتثبيت خياراته السابقة وهي العودة مرة أخرى إلى المفاوضات ولكن بشروط محسنة، وتصريحاته الأخيرة تؤكّد تلميحه لهذا"، قال المحلل السياسي خليل شاهين، مُحذّراً من أن "هذا الأمر سيذهب باتّجاهات خطيرة جداً في حال تحقّق، فقد تنخرط خلاله السلطة في محاولة قمع الشعب ومنع الشباب من التوجه نحو نقاط الاشتباك وهذا قد يحمل إمكانية حدوث صدام داخلي بين السلطة والشعب الفلسطيني.