جئت أمشي وسط ردهات الظلام ،
لا دليل،
لارفيق،
لا نديم، يسقني كأس المدام ،
ّ ومع ذاك أغني،
ُمسمعا للكون صوتي ،
مطربا كل الأنام ،
ُ لا أبالي ، أن جسمي حاله الوجد حطام،
ُ قلت : جهدي! أين جهدي؟
كيف أنحو بالملام ،
ّ عن قوى الغيب التي شردتني ،
ّ ضيعتني بالتمام ،
ُ وصفنت عن ذراعي،
ّ ثم صغت الجهد كدا،
ّ فتبدى النور حولي ،
هاتكا ستر الظلام،
وجثا الكون أمامي ،
وتنادت فرحتي،
ُ فسألت ّ النفس شكا :
أتراني في منام؟
ّ واستعدت قصتي،
ومددت ناظري،
ُ واستقمت في غروري،
ّ وتحديت الزمان...
لم تكن إلاّ هنيهة،
فإذا جهدي حطام،
ما بنيت قد فنى،
واستحال لركام،
ُ فرجعت للغناء،
أِسمع للكون صوتي ،
أطرب كلّ الأنام ،
ّ لا أبالي، أن كد ّي... شقه سهم الردى،
قلت :خصمي! أين خصمي؟
ولماذا يختفي؟
ُ ضحك الموت مطلاّ ، مستعدا للخصام،
قال لي في شبه هزء :
َ هل قويت للتحدي؟ هل قويت للصدام؟
مادريت كيف صوبت النبال،
ُ مادريت كيف جاءتني السهام،
مزقت جسمي النحيل،
وأضاعت لي غنائي ،
فإذا صوتي أنين،
وإذا الحق مببن،
ُ صحت ربيّ، أين ربيّ.
إنني أسعى وحيدا، فاكتنفني!
جاءني رجع الصدى: همهاتي وصراخي،
ُ ففهمت ما أعاني :
ّ عزلة الجهل اللئيم، وتباريح السقام؛
هذه الأرض تدور... أملا ترجو السلام ،
وأنا الإنسان أمضي ... أملا صغت الكلام ،
ّ أتحدى المستحيل ، بإلهي،
بمُنيبي في الملمات الجسام،
كي أقول في الختام :
ٌ أنا جرح نازف في ظلام الآبدين،
ٌ أنا صوت حائر في متاهات الحنين ،
ّ نغماتي، شكلت لحن موالي الحزين،
ودمائي، أنبتت بذرة تُدعي اليقين ،
باجتهادي...
ّ سوف يسري النور حقا،
في دهاليز السنين ...
إنما أسأل نفسي حائرا،
عن مصيري دائما ،
وهنا فصل المقال ،
ّ وهنا لب الكلام.