Menu

الانقسام الفلسطيني المشؤوم.. تواريخ هامّة

تعبيرية

بوابة الهدف_ خاص

محطات فارقة

لا يخفى على أحد أن الخلاف السياسي الفلسطيني لم يبدأ بأحداث الاقتتال الداخلي بين عناصر حركتيّ فتح وحماس صيف العام 2007، إنّما هو انقسام تعود جذوره إلى بدايات الانتفاضة الأولى أواخر العام 1987، وتحديداً مع تأسيس حركة حماس ، التي حملت أيديولوجية ومشروع خاص بها، إذ رفضت الاندماج في منظمة التحرير الفلسطينية.

بدأت حركة فتح في مرحلة "إعادة التفكير" فيما يتعلّق بالعمل العسكري المسلح ضدّ الكيان، والتوجه نحو نهج المفاوضات كسبيل لتحقيق السلام في فلسطين، وهو سبب آخر عمّق الفجوة بين فتح وفصائل المقاومة الفلسطينية، ومن بينها حماس، منذ ربع قرن مضى.

كان لتوقيع اتفاق أوسلو بالعام 1993، الأثر الكبير على تعمّق الخلاف بين حركة حماس وحركة فتح التي كانت تقود منظمة التحرير الفلسطينية في حينه، بل إن "أوسلو" تسبب بشرخٍ كبير بين فصائل منظمة التحرير نفسها، ولازالت آثار ذاك الشرخ باقية حتى اللحظة.

وبموجب اتفاق "أوسلو"، اعترفت منظمة التحرير بالكيان المحتل على 78% من أراضي فلسطين، كما نص الاتفاق على حظر المقاومة المسلحة، مقابل اعتراف "اسرائيل" بمنظمة التحرير، وانسحاب العدو من أراض في الضفة وغزة، أولها أريحا وغزة "1.5% من مساحة فلسطين !".

وشمل الاتفاق على أن تقر دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين في إقامة حكم ذاتي "ليس دولة مستقلة ذات سيادة"، على الأراضي التي تنسحب منها "إسرائيل"، وبعد ذلك بعام، تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية.

بعد قيام السلطة، برز الخلاف الأيديولوجي بين حماس وفتح فيما يتعلق بسُبل مواجهة الاحتلال؛ فمنذ العام 1994 شنّت الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تشكّلت بعد قيام السلطة، حملات اعتقال سياسي وقمع ضدّ نشطاء المقاومة، إذ كانت تنشط تلك الحملات بعد كل عملية فدائية ضدّ الاحتلال، تتبنّاها إحدى فصائل المقاومة، فيما كانت تعتبره السلطة "حفاظاً على الأمن والسلم" بموجب ما نص عليه "أوسلو".

وبالحديث عن حملات القمع هذه نستذكر مجزرة مسجد فلسطين، بمدينة غزة التي نفذتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية يوم جمعة، بتاريخ 18 نوفمبر من العام 1994، إذ قتلت عناصر تلك الأجهزة 17 مواطناً، وأصابت العشرات، بعد صلاة الظهر بالمسجد، في محاولة لقمع مسيرة كانت ستنطلق من المسجد، بدعوة من حركة حماس، رداً على اغتيال الاحتلال قياديين في حركة الجهاد الإسلامي قبلها بأيام، وهما: هاني عابد، وهشام حمد الذي فجر نفسه وسط جنود الاحتلال قرب مستوطنة نتساريم وسط القطاع، وهي عملية أثارت حفيظة السلطة التي كانت تولّت المسؤولية عن قطاع غزة لتوّها.

وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول من العام 2000، هبت الفصائل الفلسطينية كافة لمواجهة إجرام العدو الصهيوني، وتوالت خلالها العمليات الفدائية التي كانت تقع في عمق الكيان؛ رداً على القتل الممنهج وحملات اعتقال الفلسطينيين بالجملة، من قبل القوات الصهيونية.

ما الذي حدث بالعام 2006 الذي سبق عام الانقسام ؟!

مارس 2005: بعد انتفاضة الأقصى 2000، شهد الصراع بين حماس وفتح مرحلة جديد، توحد فيها الهدف وهو مقاومة الاحتلال، وبدأت جهود مصالحة الطرفين، برعاية مصرية حتى التوصل لاتفاق القاهرة بين الفصائل، بالعام 2005.

أهم ما نص عليه اتفاق القاهرة 2005:

أن تلتزم فصائل المقاومة بالتهدئة مقابل التزام "إسرائيلي" بوقف كافة أشكال العدوان ضد الفلسطينيين، والإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين.

عقد الانتخابات المحلية والتشريعية وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية.

اعتماد الحوار بين كافة القوى الفلسطينية، وتحريم الاحتكام للسلاح في الخلافات الداخلية.

25 فبراير 2006: تنظيم ثاني انتخابات تشريعية فلسطينية بالضفة والقطاع، بعد انتخابات عام 1996، وهي أول انتخابات تشارك فيها حماس.

26 فبراير 2006: المفاجأة الكبرى بفوز كبير لحركة حماس بواقع 76 مقعداً من أصل 132 مقعداً، بينما فازت قائمة حركة فتح بـ 43 مقعداً، وقائمة " أبو علي مصطفى " بثلاثة مقاعد.

28 مارس 2006: رفضت حركة فتح المشاركة بحكومة أغلبيتها حمساوية، فشكّلت حركة حماس حكومة في قطاع غزة ، برئاسة اسماعيل هنية.

17 مايو 2006: وزير الداخلية السابق الشهيد سعيد صيام شكّل ما أسماه "القوة التنفيذية" بواقع 3 آلاف عنصر، من عدّة أجنحة عسكرية، بهدف "حماية المواطنين وممتلكاتهم"، كما أعلن صيام حينها.

وبعد تشكيل القوة التنفيذية بدأت الأحداث تلتهب في قطاع غزة بشكل خاص، إذ شبّت مواجهات دامية بين عناصر تلك القوة -التي رفضتها حركة فتح كلياً- وعناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إذ راح ضحيّتها مئات الفلسطينيين بين قتلى وجرحى.

تزامن مع أحداث الاقتتال الداخلي، موجة اغتيالات واعتقالات شنتّها قوات الاحتلال ضد قادة الفصائل في الضفة المحتلة وقطاع غزة، بهدف الضغط على الفلسطينيين.

حاولت أطراف عديدة وقف الدم الفلسطيني النازف في الشوارع والحارات.

25 مايو 2006: انعقاد الحوار الوطني، تحت مظلة "وثيقة الأسرى" التي أطلقتها  قيادات الأسرى لتحقيق المصالحة بين حركتي حماس وفتح، والتي لاقت ترحيباً من الفصائل.

فشل الحوار وفشلت بعده كل الجهود والوساطات التي حاولت إنهاء الاشتباكات بين حركتي فتح وحماس.

ديسمبر 2006: دعا الرئيس محمود عباس إلى عقد انتخابات تشريعية جديدة، وهو ما رفضته حماس بشكل مطلق، ما أشعل الأوضاع مجدداً.

واستمرت أجواء التوتر مع دخول عام 2007.

8 فبراير 2007: وقعت حركتا فتح وحماس "اتفاق مكة"، بمبادرة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي دعا الطرفين للحوار في بلاده، وجرى الاتفاق على تشكيل الفصائل حكومة وحدة وطنية، وهو ما باء بالفشل أيضاً، ولحقه اشتباكات أخرى.

نص اتفاق مكة على الآتي:

تحريم دم الفلسطيني، واتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات، التي تحول دون إراقته. واعتماد لغة الحوار كأساس وحيد لحل الخلافات السياسية في الساحة الفلسطينية.

تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.

تفعيل وتطوير وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية

14 يونيو 2007: استمرّت الاشتباكات بين عناصر حماس "القوة التنفيذية" وعناصر فتح "الأجهزة الأمنية"، حتى تاريخ 14 يونيو، تخلّلها عمليات اطلاق نار متبادل وخطف بين الطرفين، وانتهت تلك الأحداث الدموية بسيطرة حركة حماس على كل المواقع الأمنية في قطاع غزة، وبعد هذا التاريخ بات القطاع بالكامل تحت سيطرة حماس.

في ذات اليوم: أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حالة الطوارئ، وأقال حكومة اسماعيل هنية، والتي رفضت قرار الرئيس، معلنةً أنها ستواصل عملها كحكومة تسيير أعمال، فيما كلّف عباس سلام فياض، رئيس الوزراء السابق، بتشكل حكومة جديدة.

مطلع 2009: بعد انتهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والذي استمر 21 يوماً، وخلّف نحو 1300 شهيداً، تجدّدت الوساطة بين فتح وحماس، برعاية مصرية،  إذ أعدّت القاهرة خلاصة أفكارها فيما باتت تعرف بـ"الورقة المصرية" وطرحتها في سبتمبر 2009.

لم تؤت الجهود المصرية ثمارها، بسبب تعنّت حركة حماس، ورغبتها بإضافة تعديلات على الورقة المصرية، التي كانت وافقت عليها فتح.

منتصف 2010: لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان، عُقد على أثره لقاء بين فتح وحماس بالعاصمة السورية دمشق بتاريخ 9 نوفمبر 2010، وجرى الاتفاق على عقد لقاء آخر، وهو ما لم يحدث، وتبادلت الحركتان الاتهامات بالمسؤولية عن تعطيله.

15 آذار 2011: امتداداً لموجات الثورات العربية، ارتفعت أصوات الشباب الفلسطيني مطالبين بإنهاء الانقسام والعودة للوحدة الوطنية، وكانت تظاهرات 15 آذار التي خرجت بالتزامن في غزة والضفة المحتلة، إلّا أنها قوبلت بالصدّ والقمع.

4 مايو 2011: وقعت الفصائل الفلسطينية بالقاهرة على الورقة المصرية، التي كانت طُرحت سابقاً (وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني)، وأقيم احتفال موسع بحضور الرئيس عباس والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزير خارجية مصر في حينه نبيل العربي، إضافة لخالد مشعل.

نصت الورقة المصرية 2011 على الآتي:

تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، بحيث تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية، وانتخاب مجلس وطني جديد.

إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة بإشراف عربي ودولي.

إعادة بناء وهيكلة وتوحيد الأجهزة الأمنية.

إضافة لبنود أخرى لها علاقة بالمصالحة الاجتماعية، وتشكيل لجنة وطنية من الفصائل لتنفيذ الاتفاق.

لم يكن مصير الورقة المصرية مغايراً لما سبقها من جهود لإنهاء حالة التشرذم والانقسام الفلسطيني، إذ لم يتم العمل بما جاء فيها، حتى اللحظة.

6 فبراير 2012: توقيع "إعلان الدوحة" للمصالحة الفلسطينية، بحضور أمير قطر في العاصمة القطرية الدوحة، ووقع الإعلان الرئيس محمود عباس، نيابة عن حركة فتح، وخالد مشعل نيابة عن حركة حماس، بهدف تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية.

إعلان الدوحة نص على الآتي:

التأكيد على الاستمرار في خطوات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة محمود عباس، تكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء في إعمار غزة.

التأكيد على استمرار عمل اللجان التي تم تشكيلها.

التأكيد على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة "الورقة المصرية" لبدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في الضفة الغربية وقطاع غزة و القدس .

ظلّت الأوضاع في قطاع غزة والضفة المحتلة، على حالها، بعد "الورقة المصرية" و"إعلان الدوحة"، دون تغيّر واحد يُذكر باتجاه إنهاء الانقسام، حكومتان منقسمتان، اعتقالات سياسية من الطرفين، وجمود في السعي لتطبيق ما تم الاتفاق عليه لتحقيق المصالحة، حتى تاريخ 23 إبريل 2014.

23 إبريل 2014: أعلنت حركتا فتح وحماس التوصل لاتفاق مصالحة، تحت مظلة اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، بعد لقاءات جرت بين الطرفين على مدار يومين، وهو ما عُرف باتفاق "الشاطئ".

اتفاق الشاطئ نص على الآتي:

العمل على إنشاء حكومة توافق وطني تعلَن خلال 5 أسابيع.

إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، بعد 6 أشهر على الأقل، من تشكيل الحكومة.

2 يونيو 2014: أدّت حكومة الوفاق الوطني اليمين القانونية، وضمت في عضويتها وزراء من الضفة الغربية وقطاع غزة على أمل وضع حد للانقسام المستمر منذ العام 2007.

وكسابقه، فشل اتفاق الشاطئ في تحقيق المصالحة، إذ لم يستطع حسم ملفات هامة وحساسة، ظلّت العائق أمام إنهاء الانقسام، وتفعيل حكومة الوفاق، أبرزها ملف رواتب موظفي حكومة غزة السابقة، وملف معبر رفح، إضافة لأزمة الكهرباء المتفاقمة، وملف الانتخابات.

فبراير 2016: عقدت حركتا فتح وحماس عدة لقاءات متتالية بالعاصمة القطرية الدوحة، واكتفى الطرفان بعدها بالإعلان عن توصلهما إلى "تصور عملي" لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني، بدون الإفصاح عن مضمونه، ولم يتغير شيء  على الساحة الفلسطينية بعد تلك اللقاءات.

اليوم/ 13 يونيو 2016: يتواجد وفد من حركة فتح بالقاهرة، للقاء مسؤولين مصريين، وقالت مصادر في حركة حماس إن وفدها سيتوجه للعاصمة المصرية خلال أيام لبحث انجاز المصالحة الوطنية، ومن بعد القاهرة إلى قطر. على أن يتم الحوار على أساس اتفاق القاهرة 2011.