Menu

نصف مليون عراقي نزح منذ بدء "استعادة الموصل".. وعالقون في مناطق "داعش" يموتون جوعًا

نازحون

مخيّم حمام العليل/ العراق_ وكالات

يصل اللاجئون الفارون من الخوف والجوع بالآلاف كل يوم إلى مخيم حمام العليل، يلاحقهم هاجس جحيم الموصل، حيث تحتدم المعارك ويسود الرعب الذي يزرعه تنظيم داعش.

بعضهم يصل سيرًا إلى المخيم الذي يعد الأكبر لنازحي الموصل، فيما يتوافد آخرون على متن شاحنات وباصات مكتظة. نزح نحو نصف مليون شخص منذ بداية الهجوم الواسع الذي انطلق قبل نحو سبعة أشهر لاستعادة الموصل، ثاني مدن العراق، وآخر أكبر معاقل «داعش» فيه.

وأشار «المجلس النرويجي للاجئين» إلى أن «التقدم الأخير لقوات الأمن العراقية داخل الموصل تسبب على الأرجح بأكبر موجة نزوح منذ مطلع السنة»، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «أكثر من 20 ألف شخص وصلوا إلى مخيم حمام العليل» فارين من غربي الموصل.

وقالت شمس حسن، وهي في الأربعينات وصلت برفقة 16 فردًا من عائلتها الجمعة إلى المخيم: «أشعر هنا بالأمان، لم أتوقع أن أخرج على قيد الحياة من هناك». وأشارت شمس التي تسكن حي الفاروق في مدينة الموصل القديمة، إلى أنها لا تتذكر عدد المنازل والأحياء التي انتقلت إليها خلال الأشهر الماضية. وأضافت: «كانوا يريدون أن نكون دائماً أمامهم لاستخدامنا كدروع بشرية، ويأتون دائماً لإخبارنا بأن نغير منزلنا».

وتابعت: «نجد أنفسنا وسط القصف والسيارات المفخخة... أحد المنازل التي عشنا فيها استهدفته قذيفة هاون وانهار علينا وأصبت بشظية، كان علي أن أتحمل ذلك كله».

وما زال عدد كبير من السكان في المدينة القديمة، حيث لدى المتشددين الكثير من الموارد، ويشير بعض التقديرات إلى وجود ما لا يقل عن 250 ألف مدني في الجانب الغربي من الموصل.

وأصبح استخدام المدنيين دروعاً بشرية سمة أساسية في دفاعات «داعش»، ولم يترك التنظيم وسيلة إلا واستخدمها لمنع الناس من الفرار من المدينة. وقالت شمس حسن إن بعض من حاولوا الفرار «أعدموا في الشوارع وعلقت جثثهم على الأعمدة».

وروت والدة شمس التي وصلت إلى حمام العليل قبل بضعة أسابيع، وهي تجلس قرب ابنتها أن «داعش أخذ طعامنا... جاء مسلحون واستولوا (حتى) على ملابسنا».

وحذر سكانٌ من أن الجوع بدأ يقتل أعدادًا من الناس في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة «داعش»، ومن أنه أصبح أكثر خطورة من المعارك. ولم تبق مياه نظيفة للشرب، وحتى المياه غير النظيفة من الصعب أن تصل إلى السكان، وبدأ بعض الناس يغلون الورق والورق المقوى (الكارتون) لملء بطونهم ومقاومة الجوع.

ولفتت شمس إلى أن «سعر قنينة الزيت (للطبخ) خمسون ألف دينار (نحو 40 دولارا)، وعلبة معجون الطماطم خمسون ألف دينار كذلك، ووصل سعر كيلوغرام الطحين إلى خمسة آلاف دينار، لكن لونه يميل إلى الأزرق... أكلنا بعضه وأصبنا بالمرض». وقالت إن «أطفالنا لم يستحموا خلال الشهرين الماضيين، غزا رؤوسهم القمل». وأشارت إلى أنها وعائلتها تنقلوا عدداً لا يحصى من المرات، ليتمكنوا في نهاية المطاف من الهروب عندما وصلت القوات العراقية إلى الحي الذي كانوا يقطنون فيه، وأمنت لهم حماية وأخرجتهم عبر ثغرات الجدران التي حفرت بين المنازل. وقالت: «مشينا على الزجاج المهشم وعبرنا بين الأنقاض. اضطر ابني لأن يحملني».

وجازف أحمد يونس داود (72 سنة) بحياته مرات عدة من أجل مغادرة غرب الموصل، حتى تمكن من العثور على وسيلة تمثلت بالتسلل عبر أنابيب المياه تحت الأرض. وقال: «لمدة خمسة أيام، كنت أخرج في الليل لمراقبة الشوارع».

وصل داود إلى المخيم في حمام العليل فجر الأحد الماضي، ووجد الأمان، لكنه اشتكى قلة الخدمات.

وأوضح أن «الناس الذي يصلون إلى هنا، لا يجدون خياماً، ولا فراشاً للنوم ولا غذاًء ولا ماًء».

وتقدم منظمات الإغاثة المساعدات إلى آلاف المدنيين داخل المخيمات يومياً، لكن نقص التمويل خلال فترة ذروة النزوح وارتفاع درجات الحرارة جعل كثيرين منهم خارج شبكة الإغاثة.

وجلس رجل يبكي بيأس شديد عند بوابة المخيم التي يجتاحها الغبار، حيث وصل عدد جديد من النازحين وخضعوا إلى إجراءات الفحص الأمني التي يرجح إرسالهم بعدها إلى مواقع أخرى. وقال هذا الرجل بحسرة: «هربنا من الموت حتى نواجه الموت هنا... أعيدونا إلى منازلنا، هناك أفضل. ستأتينا ضربة جوية، كنا نأكل الأعشاب مثل الأبقار، لكن على الأقل كنا في بيتنا».

المصدر "الشرق الأوسط"