Menu

بلدية خانيونس بين المواطن والقانون "2"

مكب نفايات - أرشيف

بوابة الهدف_ محمود الحاج

توجهت كاميرات الصحافة بمجرد اشتعال الانتفاضة الفلسطينية إلى الضفة و القدس والمناطق الحدودية شرق وشمال غزة، لتصبح هموم ومشاكل الناس اليومية في قلب القطاع، على هامش الاهتمام. إحدى هذه المشاكل هي محطّة ترحيل نفايات، ستُقام في حي "قيزان أبو رشوان"، والتي بدأت بلدية خان يونس بإقامتها، بالتزامن مع انطلاق الشرارة الأولى لانتفاضة القدس.

"اسمع يبني هذي القصة مبيوعة، شكلو الوكالة والمسئولين ودن من طين و التانية من عجين، حسبي الله ونعم الوكيل علي الوكالة و وراها البلدية"، هكذا عبرت أم محمد العرجاني من سكان الحي، عن غضبها تعقيباً على البدء الفعلي لتنفيذ المشروع.

استكمالاً للتقرير الصحفي الذي أعدّته "بوابة الهدف"، قبل أسابيع حول القضية ذاتها، ونشرته بعنوان " بلدية خانيونس بين المواطن والقانون"، حيث طرحت المشكلة التي يعاني منها أهالي منطقة "قيزان أبو رشوان"، واستعرضت أبعادها، في ضوء حوارٍ أجرته مع عدد من الخبراء، إضافة لجهات حكوميّة من سلطة جودة البيئة، نُتابع هنا مستجدّات هذا الملف.

"بوابة الهدف" تواصلت مع مستشار بنك "التنمية الإسلامي" وهو مموّل المشروع في قطاع غزة، المهندس رفعت دياب، قبل أسابيع، والذي أكّد وصول معلومات لهم بأن "محطّة الترحيل" ستتسبّب بعواقب صحيّة وبيئيّة خطيرة.

المهندس دياب أضاف أنّه تواصل مع الجهات المشرفة والمنفذة للمشروع، وهما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وبلدية خان يونس، وكلتا الجهتين أبلغت البنك "المموِّل" بوقف التنفيذ بناءً على المعطيات البيئية والصحية، وصرّح بأنّه في حال ثبتت صحة هذه المعلومات بشكل قاطع سيتم إيقاف المشروع نهائياً.

هذه المقابلة مع مستشار الجهة الممولة للمشروع، أُجريت منتصف شهر سبتمبر الماضي.

طاقم "بوابة الهدف" عاين المنطقة المزمع إقامة محطة الترحيل فيها، ليتفاجأ أن المشروع قيد الإنشاء، ويتم العمل في الموقع على أكمل وجه.

"بوابة الهدف" هاتفت المهندس رفعت دياب، مرّة أخرى، أملاً في إيضاح الأمر، وكان الرد: "قُمنا بمراجعة الجهات المنفذة للمشروع، و وعدتنا بإرسال تفاصيل عن المشكلة، وأنا لا امتلك تفاصيل أكثر حالياً". موضحاً أن سياسة بنك "التنمية الإسلامي" تقضي بمنح التمويل للمشاريع ثمّ إخلاء الطرف منها، ليكون بعدها لمشروع كاملاً تحت إمرة المنفذ.

وتعقيباً على شكاوى سكان المنطقة قال:"لو أخذنا بعين الاعتبار كل شكوى مقدمة من المواطنين، قد نصل لوقتٍ يتوقف فيه التمويل لقطاع غزة ومشاريعه"، مشيراً إلى أن "موقع المشروع تغير أكثر من مرة من أجل الحصول على موافقة الطرف الإسرائيلي".

سكان الحي، ورغم هذا التعنّت، إن جاز التعبير، من قبل الجهات مُنفّذة المشروع، لم يتوقفوا عن الاعتراض بالطرق السلمية، حيث توجّهوا مؤخراً إلى الأراضي التي سيُقام عليها مشروع المكبّ، لزرع أشتال زيتون وحمضيّات فيها كفعل احتجاجي، إلّا أن قوات من شرطة غزة، فاجأتهم بالهجوم والضرب بالهراوات.

فايز اللحام أحد المزارعين في المنطقة يقول: نحن في حالة إحباط وخوف علي مستقبل أولادنا وزراعتنا ورزقنا، المكب سيُتلوث مياه الشرب وستكثر الأمراض البشرية والآفات الزراعية، كل ما أراه الآن أن البلدية والوكالة ضربت بعرض الحائط كل المناشدات، مضيفاً "نشعر بخيبة أمل كبيرة و لا نعرف كيف لنا أن نستمر في زراعة أرضنا هنا".

سياسة تقييم الأثر البيئي الفلسطينية تنص في المادة رقم (2) بند (1) على ضمان نوعية الحياة بمختلف جوانبها وعدم التأثير على المواطنين بأي شكل سلبي.

المواطن عودة اللولحي يسكن ويزرع علي بعد 30 متر من المكب، عبّر عن قلقه قائلاً: أتخيل أنني لن أستطيع زراعة هذا القرنبيط "الملفوف" المزروع الآن مرة أخري لأن هذا النوع من الخضروات يحتاج مكافحة آفة المن دائماً".

ويُتابع اللولحي "أنا أستخدم المبيد مرة كل أسبوع، وبمجرد أن يتم العمل بالمكب، سأضطر للرش 5 مرات، ما يعني كلفة أكثر وخطر أكبر عليّ وعلى الناس".

وأشار المزارع اللّولحي إلى أن له أقرباء يقطنون في منطقة تل السلطان غرب مدينة رفح جنوب القطاع، بالقرب من محطة تجميع وترحيل كالتي يتم تنفيذها بخانيونس، وهم يعانون من ظروف معيشية سيئة ومليئة بالمعاناة بسبب كثرة البعوض والذباب والرائحة الكريهة جداً، إضافة لصوت المكابس العاملة في المحطة.

تصنّف منطقة المكب حسب المخطط الهيكلي المعتمد لـ"قيزان أبو رشوان" بأنها منطقة (سكن ب – نسبة أشغال 60% أرضي + 5 طوابق ) أي أنها منطقة تكدّس سكاني، حيث تم تخصيص أراضي لإنشاء مدارس ومركز طبي في نفس المكان.

"رفعنا قضية وخاطبنا الوكالة والبلدية، لكن لا حياة لمن تنادي، وكأنهم يريدون اقتلاعنا من بيوتنا وحقولنا، لا أعرف كيف تم التوافق على هذا المكان وأين شهادة وتقرير تقييم الأثر البيئي" يقول أحد المواطنين المتضرّرين يُدعى ياسر اللحام.

ويُضيف : أنا أستهجن إقامة محطة على أعلي نقطة في خان يونس إلى الغرب من منازل المواطنين، وفوق خزان الماء الجوفي علي أرض رملية نفاذة، من أين سيشرب الجيل القادم الماء؟.

يُذكر أن المكبّ تم نقله ثلاثة مرات، وفي المرة الأخيرة، تم نقله من القسيمة رقم 4 قطعة 2375، إلى القسيمة 14 من القطعة 88، وذلك لأسباب فنية، بالرغم من تشابه الظروف الفنية للقطعتين!