Menu

في المجزرة: ليس هناك حياد

أرشيفية

خاص بوابة الهدف

المسرحية التي دارت في برلمان العدو في التصويت على لائحة الحكم العسكري الصهيوني في الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧، لن تكون أبدًا مبعثًا للضحك أو التسلية، بل موضع لمزيد من الوعي بحقيقة هذا العدو ومشروعه، بما يعزز التصميم على هزيمته، ويدحض أي أوهام حول إمكانية التسوية معه.

تقافز ممثلي شرائح وطبقات واذرع منظومة العدوان والقتل والتطهير العرقي، وتبادلوا الاتهامات والحجج حول تصويتهم على تشريع أقل ما يقال أنه من بين الأكثر وحشية على مدى التاريخ؛ لوائحه وبنوده تتعلق بقتلنا واعتقالنا ومصادرة أراضيها واحتجازنا في معازل وإبادتنا: ماديًا ومعنويًا.

صهاينة عرب وصهاينة يهود وصهاينة لادينيين، وشرائح من وكلائهم، تجادلوا طويلًا لكن ليس حول شرعية إصدارهم لقوانين تطهير عرقي، ولكن حول الأكثر نجاعة في هذا الصدد، وأكثرهم اعتدالًا من صهاينة العرب كان يجادل بضرر ذلك على منظومة الإبادة قبل أن يسارع للانسحاب من الجلسة دون أن يرى فيها ما يستدعي ولو لمرة واحدة إعطاء موقف من حقيقة منظومة التطهير العرقي هذه.

في مخيم الدهيشة كان هذا "التشريع" يفعل فعله، إذ صعدت عصابات الغزاة من عدوانها واقتادت المزيد من أبناء فلسطين ومناضليها إلى معسكرات الاعتقال،  هذا بالطبع لم يكن يثير انتباه منصور عباس وبقية وكلاء الاحتلال فهو منشغل بضمان بقاء "الائتلاف الحكومي"؛ ائتلاف وتحالف القتلة الذي واصل ذبح أبناء فلسطين من النقب حتى الجليل، والذي حسبما يعلم كل مستوطن صهيوني أنه ليس مجلس إدارة جمعية خيرية، بل قيادة لمنظومة تطهير عرقي وإبادة ترتكب مجموعة من أبشع الجرائم في تاريخ البشرية.

في فلسطين ليس هناك موضع وسط بين دم الشهيد النازف في الدهيشة وجنين، وتلك الرصاصة التي تقتله والإصبع الذي يضغط الزناد والأيادي التي تذخر البندقية والقاذفة، وتحت سقف برلمان العدو أو ضمن أي ذراع من منظومة العدوان والقتل.. ليس هناك "نضال"، بل شراكة في العدوان.

ما يثير السخط في هذه المجزرة ربما أكثر من استمرار ذبحنا، هو ذلك الإصرار الوقح على تصوير خدم منظومة العدوان وشركاء القتلة كمن يمثل جزء من شعبنا، أو يبحث عن بدائل نضالية كنتاج لوقوعه تحت الاحتلال، "المتعاونون" الذين خدموا الغزاة، عبر التاريخ توصيفهم معروفهم ومصيرهم واضح، وذلك أمر ليس موضع ل"حوار" أو جدل وطني، بل مجرد نتاج لوجود المستعمر وتلاقي فئة انتهازية مع مسعاه في سبيل تحصيل ما يلقيه لها من الامتيازات.

في الجليل والنقب وحيفا و القدس وغزة وعين الحلوة واليرموك ومار الياس وفي كل شتات هجرتنا إليه منظومة الغزو والعدوان، لشعبنا هوية واحدة عنوانها الأول هو الموقف من الغزاة، لا موضع في هذا للمساومة، أو للتغطية على من يشارك العدو جريمته أو يغطي عدوانه بأي شكل من الأشكال، وهذا الشعب الذي قاتل الغزاة لأكثر من ١٠٠ عام لن يعدم الوسيلة لمواصلة الصمود حتى الانتصار، ومعاقبة شرائح المتساقطين.