Menu

كيف لا نواجه ضم الضفة للمرة المليون؟

بوابة الهدف الإخبارية

خاص_بوابة الهدف الإخبارية

ربما من الصعب تعداد المرات التي أعلن فيها العدو عن ضم الضفة الغربية خلال السنوات الماضية؛ تفعل المنظومة الصهيونية ذلك في كل حين وبألف طريقة، وهنا المقصود ليس فقط إجراءات مصادرة الأراضي والسلب والاحتلال والقتل والحواجز، ولكن بالأساس اجراءات الهدف الأساسي منها أن تقول للعالم هنا جزء من الكيان الصهيوني ونحن نحكمه بمن فيه ولن نتركه أبدًا.

الوثيقة الأخيرة الصادرة من العدو لتحديد قواعد تواجد الأجانب في الضفة المحتلة، تشكل نموذجًا لذلك، فالعدو هو من يسمح ويمنع دخول أو خروج أو تواجد أي كان في الأرض الفلسطينية المحتلة، واللافت أن الاحتجاجات الدولية والحقوقية على الوثيقة تناولت فقط حقوق السكان كأفراد معرضين لانتهاكات قاسية نتاج لهذه القواعد، ولكن حق الشعب الفلسطيني في السيادة على أرضه لم يكن أبدًا جزءًا من اهتمام السفير الأمريكي، الذي أعلن انخراطه في حوار مع الصهاينة بشأن الوثيقة وأملًا في تعديلها.

القنبلة بالنسبة للحقوقيين هي في تلك الفقرة المتعلقة بضرورة إخطار أي أجنبي للمنسق الأمني وسلطات الاحتلال إذا ما دخل في علاقة عاطفية مع أي فلسطيني أو صلاحية سلطة الاحتلال بالنظر في ملائمة الشهادات العلمية للطلاب والأكاديميين المدعوين للتدريس أو إعطاء محاضرات في الضفة المحتلة، وهذا قفز على واقع المعاناة الفلسطينية، لواقع متخيل تمتثل فيه المنظومات الحقوقية لتصورات الاحتلال حول الفلسطينيين، أي أنها ترى أن الوضع الطبيعي أن هذه جهة ذات صلاحية ولكن قراراتها متعسفة، كما أنها تغمض عينها عن كون الفلسطيني ملزم بإخطار عدوه بقدومه للحياة وبحاجته للسير في الشارع والتنفس وشرب الماء، وفي حالة عدم وصول معلومة عن وفاته للاحتلال فقد يعاقبه الأخير بالحبس أو المنع من السفر أو الانتقام من ذويه.

من رفح حتى الناقورة، من البحر للنهر، هناك احتلال يديره من قدموا غزاة عبر البحر، وحيلة الفلسطينيين في مواجهتهم ومن يدعمهم هي القتال، فالشكوى لدى داعمي الاحتلال محض ممر إذلال، كما إن وعود المجتمع الدولي وقراراته وتعهداته لن تمنع المحتل من قضم ما تبقى من أرضنا ومن وعود المجتمع الدولي وداعمي الاحتلال للفلسطينيين بمسمى دولة على هذا الشبر أو ذاك، دولة فلسطين الحرة العادلة والديمقراطية ستقيمها بنادق الثورة وكفاح الشعب، هذا ليس فقط شعار، وأيضًا ليس خيار من بين خيارات أخرى، فالاحتلال واضح في مسعاه، إنهاء أي أفق لوجود الفلسطينيين على أرضهم، وبالتأكيد حرمانهم من كامل حقوقهم السياسية والفردية، والشعب الفلسطيني لا يبتدع حين يرفض ذلك، يرفض الموت والفناء.

السؤال ليس حول إرادة عموم أبناء هذا الشعب وموقفهم واستعدادهم للتضحية وقدرتهم على تشكيل النماذج النضالية ومواجهة الاحتلال في كثير من المواضع، ولكن حول دور القوى السياسية وخصوصًا الممسكة بالقرار ومواضع السلطة، فلا يعقل أن من يحوز الموارد والقرار والتمثيل ينتظر حدوث معجزة ما تتكفل بتغيير موقف العدو، وأن من يمسك بالموارد التنظيمية والبشرية ويعلن إرادة المقاومة ينتظر أيضًا أن تنتظم جموع المقاومين والمناضلين والجماهير من تلقاء ذاتها، فهذا دور الفصيل ودور القوى السياسية ودور المؤسسات الوطنية التي أنتجها شعبنا.

برسم الإجابة من حق كل فلسطيني السؤال، هل ننتظر استكمال الضم والمصادرة؟ هل نراقب تحطيم الاحتلال لمنظمة التحرير الفلسطينية بمساعدة من سياسات التفرد والانقسام والرهانات على الأوهام؟ هل لهذه الدرجة يبدو مستعصيًا التوافق على برنامج للمواجهة؟ هل قدرات شعبنا التنظيمية والنضالية الهائلة كتب في لوح القدر أن تبقى معطلة لحين تغيّر مزاج السياسي وصانع القرار الفلسطيني؟ هل السياسة وطنيًا في ظل معركة مع العدو هي الخطابة والمواقف؟ هل يمكن إنتاج عملية تحررية دون تنظيم؟ أين أدواتنا لتنظيم الكفاح والجماهير؟ هل الفصيل بشكله الحالي أداة تنظيمية كافية؟