Menu

الأسرى أنجزوا وثيقة الوفاق الوطني عام ٢٠٠٦ فهل يمكنهم الضغط لتحقيق الوحدة الميدانية والوطنية بإضرابهم المفتوح؟

وديع ابو هاني

منذ عشرة أيام والأسرى يخوضون معركة مفتوحة وشكلاً راقياً من الكفاح متعدد الأوجه والأشكال،

بل هو أرقى أشكل النضال الإنساني المعمد بالدم والعرق بأمعائهم الخاوية وإرادتهم التي لم تنكسر،

وهو شكل حقوقي وقانوني فيه من الصمود والتضحية وارتداداته ما يوازي أو يفوق بعض أشكال المقاومة المسلحة والعنفية لما ينطوي من أبعاد شعبية وانعكاسات سياسية وطنية واجتماعية، تؤثر وتحشد وتلقى التأييد على أكثر من مستوى وطني وقومي وعالمي وانساني.

إن الوحدة التي جسدها الأسرى المضربين عن الطعام بإجماعهم وإرادتهم والمرشحة للاتساع والتضامن خلقت وحدة ميدانية جامعة، ليس فقط خلف القضبان، بل تعدى الأمر إلى حالة من التضامن في الميدان والشارع الفلسطيني من وقفات واسناد وتأييد وصلت كل أسماع العالم من أحزاب وقوى ومؤسسات شعبية ورسمية وقانونية وحقوقية، وهذا ما يؤكد أن قضية الأسرى قضية وطنية بامتياز وإنسانية، فهم الجبهة اليومية والخندق المتقدم في مواجهة الاحتلال وجلاديه ويكشف أبعاد أخلاقية وعنصرية لممارسات الاحتلال. الأمر الذي يتطلب توظيف ارتدادات هذه المعركة والجبهة المفتوحة على الاحتلال والتي رفعت ليس من شأن الأسرى وقضيتهم، بل شكلت أحد أوجه التضامن الحقيقي مع هؤلاء كحركة وطنية أسيرة.

على القيادة الفلسطينية وقوى المقاومة الفلسطينية أن ترسخ وتطور مفاعيل أدوات المقاومة الشعبية، لتكتمل مع كل أشكال الكفاح الشعبي والرسمي والتقاط هذه الفرصة واللحظة لكشف وتعربة المزيد من جرائم الاحتلال، وحشد أوسع رأي عام عربي ودولي وإنساني وحقوقي ودبلوماسي وصولاً لتحقيق مطالب وحقوق الأسرى وحمايتهم، استناداً للقانون الدولي والإنساني وشرعة حقوق الإنسان على طريق الحماية الدولية لشعبنا وأسرانا القابعين تحت الاحتلال. وهي فرصة ومدخل للضغط الشعبي للانتقال من الوحدة خلف القضبان في مواجهة السجان إلى الوحدة الميدانية والسياسية التي يجب أن توضع على نار ساخنة، ونحن على أبواب فرصة الحوار الثنائي والوطني المزمع انعقاده في الجزائر منتصف هذا الشهر، والتي سيشارك بها حوالي ١٤ فصيلاً فلسطينياً، خاصة أننا على  أبواب القمة العربية القادمة التي تستضيفها الجزائر بلد المليون شهيد.

لكي تكون القمة بحق قمة فلسطين إذا أجيز لنا بأن نتفاءل بأن نسمي القمة العربية بقمة فلسطين،

فكما كان الأسرى لهم الفضل بإنجاز وثيقة الأسرى (وثيقة الوفاق الوطني عام ٢٠٠٦).

من حق شعبنا أن يتفاءل بأن الأسرى وقضيتهم وحجم الثقل والتأثير لقضيتهم وبحجم معاناتهم، يمكن أن تشكل فرصة للضغط على أصحاب القرار وطرفي الأزمة، لترجمة نتائج كل الحوارات السابقة من تفاهمات واتفاقات وطنية، ووضعها موضع التطبيق، بعدما دفع شعبنا أثمانًا كبيرةً جراء الحصار والانقسام، وبعدما اتضح عقم الرهان على اتفاقات أوسلو وملاحقه الأمنية والاقتصادية.

علينا ألا نفوت هذه الفرص الوطنية التاريخية التي يوفرها الأسرى بإضرابهم وبأمعائهم وصمودهم وشموخهم، لمواصلة طريق الكفاح الطويل والشاق حتى التحرر والتحرير والعودة.