Menu

السيف خير من الجوع: لا هدنة في اليمن دون رفع الحصار

خاص بوابة الهدف

يبدو أنّ الشعب اليمني أمام مفترق من طرق الموت، بعد انتهاء الهدنة بين أنصار الله والقوى التابعة للتحالف السعودي، مطلع أكتوبر الجاري.

وبدأت الهدنة بين الطرفين بوساطة ورعاية أممية في 2 أبريل/ نيسان الماضي، وجرى تمديدها مرتين لمدة شهرين في كل منهما، وقد انتهت الفترة الزمنية للهدنة في الأسبوع الأول من أكتوبر، دون إعلان تمديدها، ولم يتم الإعلان عن تمديدها.

ورغم ما نصت عليه الهدنة من إجراءات تسهم في رفع الحصار أو تخفيفه، وتشغيل مطار صنعاء وميناء الحديدة، إلا أنّ هذه الاجراءات لم تكن إلا غطاء لمرحلة جديدة من الحصار لا تقل فتكًا، وهو ما يضع امكانية تمديد الهدنة أمام صعوبات كبيرة، فلقد أدرك صناع القرار في صنعاء، كما عموم اليمنيين قدرة عدوهم على استخدام الهدنة كأداة للقتل البطيء.

وخلال الشهور السابقة للتهدئة كانت قوات أنصار الله والجيش اليمني، تمكنت من الحاق هزائم متتالية بالتحالف والقوات التابعة له، كما باتت القدرة العسكرية اليمنية تطال عواصم تحالف العدوان متى ما صدر القرار بذلك، وهو ما جعل من وقف العمليات العسكرية مطلب لقوى العدوان فيما تمحورت مطالب اليمنيين حول رفع الحصار وإعادة تشغيل المطار والميناء، وهو ما جاء اتفاق الهدنة ببنود جزئية راهن عليها اليمنيين كبداية لرفع الحصار.

ما أثبتته شهور الهدنة أن ما أحدثه العدوان من دمار في اليمن، قادر على صناعة الموت يوميًا لسنوات عدة قادمة ما لم يتم تدارك الوضع بإجراءات عاجلة لإنقاذ اليمن، تعيد بناء قطاع الصحة وتوفير الغذاء للسكان ومواجهة المجاعة القائمة بالفعل والتفشي الخطير للأمراض.

أثمان الحصار يدفعها الشعب اليمني بطرق عدة، وفي أقل وصف هي مميتة بالفعل، حيث استهل اليمنيون أسبوعهم هذا بوفاة 18 طفلاً مصابًا بسرطان الدم في مستشفى الكويت بصنعاء، إثر تزويدهم بدواء منتهي الصلاحية نهاية سبتمبر، قادت مضاعفاته لوفاتهم فيما لا زال عدد آخر من الأطفال في أقسام العناية المركزة في مستشفيات أخرى في صنعاء.

وذكر مصدر طبي لوسائل الإعلام، أنه جرى إعطاء "جرعة الدواء داخل مستشفى الكويت يوم السبت 24/ 9 والأحد 25/ 9، وفي اليوم التالي بدأت تظهر على الأطفال أعراض الصداع الشديد والتشنج والغيبوبة".

وبحسب المصدر "فإنّه لا يوجد وكيل رسمي له، وتم شراء تلك الجرعات من إحدى الصيدليات القريبة، بسبب عدم توفرها في الداخل".

هذا ليس الدواء الوحيد المفقود في اليمن، بل إن قلة من الأدوية هي تلك المتوافرة بالفعل، وأيضًا أشارت التقارير الأممية مرارًا وتكرارًا لانهيار القطاع الطبي، وانتشار وتفشي عدد من الأوبئة والأمراض التي يفترض أنها كفت عن إصابة البشر في عصرنا الحديث.

هذا الواقع المميت الذي ينتجه الحصار، يدفع اليمنيون للاستعداد لميتة أخرى، وهي الحرب، فرغم استمرار المفاوضات في مسارات عدة تتعلق بتمديد الهدنة وجوانب أخرى، يظهر اليمنيون استعدادهم لاستئناف القتال ضد قوات العدوان وحلفائها على أرض اليمن، فعلى الأقل في ساحات القتال يمتلك اليمني فرصة لهزيمة عدوه وتدفيعه ثمن الحصار والموت المستمر.

جولة القتال المقبلة يبدو أن اليمني سيبدأها مباشرة باستهداف لمصالح قوى العدوان، حيث صرح العميد يحيى سريع، في الثاني من أكتوبر الجاري، أنّ "القوات المسلحة تمنح الشركات النفطية العاملة في السعودية والإمارات فرصة لترتيب وضعها والمغادرة"، بسبب ما وصفه بعدم التزام التحالف "بهدنة تمنح الشعب اليمني حقه في استغلال ثرواته النفطية".

وأضاف سريع في تصريحه "كل شيء محتمل ووارد (..) موقف شعبنا هو الحق ولديه القدرة على أخذ حقه متى ما سدّت أمامه الطرق السلمية".

ما يرشح عن مسارات المفاوضات المختلفة حتى الآن يتعلق باتفاق لتبادل عدد من الأسرى، وبداية لخط تفاوضي سعودي يمني يتعلق بجوانب أمنية، قد يمثل بوادر لاتفاق أكبر يتجاوز موضوع الأسرى.

وبينما تشيع مصادر في التحالف قرب التوصل لهدنة جديدة، تتضمن بعض البنود الخاصة بتخفيف الحصار، فإنّ المصادر اليمنية لا زالت تنفي التوصل للتهدئة.

ما يطلبه الجانب اليمني خلال اللقاءات التي جرت خلال الأسابيع الماضية في اليمن والسعودية وسلطنة عمان والأردن، هو إجراءات مؤثرة فيما يتعلق برفع الحصار، تحدث تغيير حقيقي في وضع اليمنيين ويعطي التهدئة قيمة حقيقية في عيون الضحايا.

وإذا كانت ثمة فرصة للهدنة فإنها تتصل بالأساس بما ستتضمنه من بنود وإجراءات خاصة بتفكيك الحصار.