Menu

"ميلاد" في حضن والدها للمرّة الأولى منذ ولادتها

..

خاص_بوابة الهدف الإخبارية

تمكّن الأسير في سجون الاحتلال الصهيوني وليد دقة من احتضان ابنته "ميلاد" للمرّة الأولى منذ ولادتها، بعد أن تمّ السماح للأطفال بالدّخول للزيارة وبعد انقطاعٍ لمدّة ثلاث سنوات.

ميلاد لم تدُم في حضن والدها لأكثر من دقيقةٍ واحدة، الأمر الذي شبّهه الأسير بقصّة أسرى "نفق الحرية" الذين تمكّنوا من التحرّر لأيامٍ فقط.. قبل أن يُعاد اعتقالهم، قائلاً: "اليوم صار فيي مثل ما صار بالأسرى إلي حفروا النفق.. وانمسكوا".

زوجة الأسير سناء سلامة، قالت إنّ ابنتها ميلاد بكت عند احتضانها من قبل والدها، فالطفلة لم يسبق وأن رأته، وربّما لم تتشكل لديها معنى كلمة أنّ والدها أسير لدى أبشع قوةٍ قائمةٍ بالاحتلال على مرّ التاريخ.

لا يخطر في بالٍ أحدٍ منا شعور وليد وهو يرى نفسه سبباً في بكاء ابنته، وكم من سؤالٍ انطلى على نفسه حينها، وكم من لعنةٍ خرجت من قلبه لمن يأسر حياته ومشاعر طفلته تجاهه، فمن حالةٍ من المفترض أن يكون الشخص الأكثر تعلقاً به، إلى حالةٍ تبكي لأنه احتضنها"، ربّما هذه توجز بشاعة الأسر والاحتلال.

اقرأ ايضا: ميلاد تُروى اليوم قصتها بضمير المتكلِّم بلا تلعثمٍ ولا تأتأة

ميلاد كانت مُتلهفةً لرؤية والدها، امتداداً لما كانت تُحدّثها عنه والدتها "سناء"، حتّى وعند وصولها للسجن، لم تكن خائفةً بل منتظرةً لقاء وليد، إلّا أنّ أوضاع الزيارة التي تُخيف الكبير قبل الصغير، حيث السجانون منتشرون في الأرجاء، أبوابٌ حديديّةٌ ضخمةٌ تُحيط الأسرى، فما لنا من طفلةٍ ترى والدها بين هذه المشاهد أن تشعر سوى بخوفٍ ورعبٍ، وهو ما حصل لميلاد، بحسب ما روت والدتها خلال حديث مع "بوابة الهدف الإخبارية".

وقالت سناء إنّ ميلاد رأت تلك المشاهد، ومرّت من بين السجّانين وحدها حيث لم يتم السماح لها بالدّخول، وحاول السجّان حملها إلّا أنّ والديها رفضا ذلك، وهذا ما شكّل حالة الخوف الأولى لديها، وصولاً إلى حملها من شخصٍ تراه للمرّة الأولى في حياتها، هو ما أبكاها، كما أنّهما اتفّقا على ألّا تمكث سوى "الدقيقة" حفاظاً على مشاعرها كطفلةٍ على الرّغم من السماح لها بعشر دقائق.

وأضافت زوجة الأسير وليد دقة أنّ "ميلاد لم يكن لديها أيّ مانع من الزيارة، بل وكانت متشوقة لها وهذا ما تبيّن لديها منذ أيام، حيث تستمر ميلاد بالحديث عن الموضوع، كما ورأت أنّ ما أرعب الطفلة هو الوضع الذي تشكّل لها من الداخل، حيث أصبحت أنا من خلف البوابة لتفتكر أنّي الأسيرة وليس والدها".

وتابعت: عندما عادت ميلاد استغرقت وقتاً حتى استعادت مزاجها مما حصل، وبعدها عادت لتتفاعل مع والدها وتتحدّث معه، مشيرةً إلى أنّ السجانين كما الاحتلال لا يعرفون تماماً معنى "الطفل"، حيث يستمرون بالصراخ وخبط الأبواب الحديديّة، التي تُرعب حتّى الكبار أنفسهم.

وعن المشاعر المسبقة التي تكوّنت لدى ميلاد، قالت: "ميلاد واعية ومدركة وضع والدها، فأنا لم أكذب عليها، وهي تفهم أن والدها أسير، لكنه سيعود وسيكون بيننا في أقرب وقت"، وتضيف: عند الحديث مع الأطفال بهذا السن أنّ والدها محتجز قد يؤثّر عليهم سلباً، إلّا أنّني آخذه بالمنحى الإيجابي أنا ومن حولي، فميلاد تعرف والدها كثيراً وتقول دائماً "بابا مبيجيش عنا لأنو معندوش باب".

وختمت سناء: ميلاد وأنا ككلّ شعبنا الفلسطيني في حالة انتظار للفرج، إلى تحرّر الأسرى من السجون، وتحرر فلسطين من الاحتلال".

ميلاد وسناء، مثلٌ كعدةٍ من شعبنا الذين تركوا قطعاً من قلوبهم بين القضبان، تحت حكم سجّان يرأسه احتلال، لا يملكون إلّا اليقين بأنّ الفرج آتٍ وأنّ التحرّر والتحرير قريب من أعيننا، لا يحتاج إلا إيماناً وتمسكاً بتحقيقه.

والأسير المناضل والقيادي وليد نمر أسعد دقة (59 عامًا) هو من مدينة باقة الغربية، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، اعتُقِل وليد برفقة مجموعة من الأسرى، وهم: إبراهيم ورشدي أبو مخ، وإبراهيم بيادسة. وجرى اتهامهم باختطاف الجندي "موشي تمام" وقتله من مدينة "نتانيا" في أوائل عام 1985، وحكم عليهم بالسجن المؤبّد مدى الحياة، بعد اعتقاله منذ 25 مارس/ آذار 1986م.

ويعتبر وليد دقة أحد عمداء الأسرى داخل سجون الاحتلال، وهو معتقل منذ 25 مارس/ آذار 1986م، ويقضى حكمًا بالسجن المؤبد. وهو يُعاني من عدّة مشكلات صحية، ويماطل الاحتلال في إجراء الفحوص اللازمة له أو عرضه على طبيب مختص، كحال سائر الأسرى في المعتقلات الصهيونيّة حيث المعاناة من سياسة الإهمال الطبي.