Menu

توزيع الأراضي: هَل أعَادت حَماس الحُقوق .. أم وَزعت المَال العَام ؟

الأراضي الحكومية في قطاع غزة

بوابة الهدف _ غزة _ رويدا عامر

الحالة السياسية تُشعر بتوتر وارتباك شديدين, ما بين تفاوت القرارات التي توافق وتناقض رأي الشارع الفلسطيني, فليس كل ما يُرضي المسئول يُرضى المواطن, وكما اعتادت الساحة الفلسطينية على الصراع السياسي الدائم دون الوصول لحل يرضي جميع الأطراف.

تم مؤخراً اتخاذ قرار من قبل السيد زياد الظاظا عضو المكتب السياسي لحركة حماس, خلال ندوة ب غزة عقدتها كلية العودة الجامعية وعلى حد قوله: "الأسابيع القادمة ستشهد توزيعاً لمستحقات الموظفين عن طريق توزيع الأراضي وتصفيراً لحسابات الموظفين من ديون البلديات والكهرباء ضمن خطة لحل أزمة رواتب ومستحقات الموظفين".

كان لبوابة الهدف حديث مع أحد موظفي حكومة غزة, يكنى بأبو إسماعيل حيث يبلغ من العمر (37 عاما) يعمل في قطاع التعليم, وعندما سؤل عن رأيه بهذا القرار أجاب: "أنا لا أريد قطعة أرض أنا أريد راتباً, لأن الأرض لن تسد ديوني التي تبلغ   6000 دولار, والراتب الذي يأتي كل 40 أو 50 يوماً لا يكفي لشيء ويذهب في ذات اليوم، فهل يعقل أن أعطي أصحاب الديون رمل بدلاً من المال".

حاورت بوابة الهدف السيد زياد الظاظا عضو المكتب السياسي لحماس حول هذا القرار فأوضح قائلاً: "الموظفين القائمين بالحكومة في غزة أعدوا دراسة لمعالجة قضية الإسكان في القطاع, ولا سيما أن أسعار الأراضي مرتفعة، لذلك نحتاج سنوياً 15 ألف وحدة سكنية ويوجد في قطاع غزة عجز حتى تاريخه  120ألف وحدة سكنية".

ويضيف الظاظا: "من خلال هذه الدراسة وجدوا أنه لابد من الإستمرار في المشاريع التي كانت سابقاً من خلال جمعيات إسكانية تعاونية لجميع الموظفين متوسطين الدخل العاملين داخل الحكومة وخارج الحكومة, بمعنى أي مواطن فلسطيني محدود الدخل يستطيع أن يشارك من خلال جمعية إسكان ويحصل على قطعة أرض مناسبة مقابل دفع ثمنها حسب النظام المعمول به بجمعيات الاسكان".

ويبرر الظاظا القرار قائلاً: "هذا الأمر تم تطبيقه في عهد الإنتداب البريطاني وفي عهد الإحتلال الصهيوني وعهد السلطة الفلسطينية أيام السيد عرفات وفي عهد الرئيس عباس, مع الفارق أنه في عهد عرفات وعباس قدمت عشرات الآلاف من الأراضي لمواطنين مقربين من السيد عرفات وعباس دون مقابل, والذي دفع مقابلها فقط كانت لجمعيات الإسكان في منطقة تل الهوا بغزة".

ويكمل عضو المكتب السياسي لحماس مدافعاً عن القرار: "أما اليوم فالموظفين قرروا أن يحصلوا على هذه الأرض مقابل ثمن وتكون لكل مواطن فلسطيني محدود الدخل، هذا هو قرار سلطة الأراضي والوزارات المختصة في هذا الموضوع وهو قرار نافذ يستفيد منه كل مواطن في القطاع".

ويختم الظاظا نافياً ما تم تداوله على لسانه: "القرار الذي خرج لجميع الموظفين العاملين بالحكومة وخارجها وأن من نقل الخبر بغير ذلك فان هذا ليس له أساس من الصحة وهو لا يحترم نفسه بنقل المعلومة عن الموظفين العاملين في الحكومة  في القطاع, الذي من المفترض أن تُقدم  لهم التحية لما يقدمونه من الحفاظ على الأمن والإقتصاد والحياة الإجتماعية في ظل غياب حكومة الوفاق الوطني التي فقدت الكثير من معطيات عملها والتزاماتها".

أما المواطن أسامة الحناوي (42 عاماً) يقول لبوابة الهدف: "القرار يعتبر جريمة بحق مستقبل الأجيال, فإن مشكلة رواتب موظفي حماس لا تحل بهذه الطريقة، والربط بين التوزيع من قِبل حماس والتوزيع الذي قامت به السلطة الوطنية الفلسطينية سابقاً يكون مخطئ, فالسلطة وزعت بعض القطع على القليل من القادة, ولا يتجاوز عددهم 100 شخص، أما حماس فهي تريد توزع أراضي على 40 ألف موظف وهذا ما يجعل الأمر صعباً على المواطن الفلسطيني".

الدكتور أحمد يوسف أحد القادة بحركة حماس يقول لبوابة الهدف حول القرار: "هذا القرار لا يزال عليه خلاف داخل الشارع الفلسطيني، ووجود مستحقات لموظفي غزة  ناتج عن مخالفة حكومة الوفاق تقديم التزاماتها تجاه هؤلاء الموظفين وعدم وجود خيارات أخرى أمام حركة حماس، لكن على الصعيد الشخصي فلدي وجهة نظر أخرى بالبحث عن حلول أخرى باستثناء هذا الخيار أو أن يأتي هذا القرار على جميع المواطنين المحتاجين وإعطاء الأولوية لمن لهم مستحقات على الحكومة".

حكومة الوفاق الوطني أعلنت رأيها بهذا القرار, وزير العمل الدكتور مأمون أبو شهلا وفي حديثه لبوابة الهدف أكد: "الأراضي الحكومية هي ملك للشعب الفلسطيني بكافة أطيافه ولم يحدث حتى اللحظة تصريح لسلطة الأراضي بتوزيع الأراضي إلا في عهد الانتداب البريطاني، أما في زمن السلطة الفلسطينية والرئيس الراحل ياسر عرفات لم يُخصص أراضي لأي أحد, مع أن لديه الصلاحية وهي خاصة برئيس سلطة تنفيذية ورئيس الحكومة حسب التقديرات إن كان للمنفعة العامة أو خلافه".

ويضيف وزير العمل: "أما استعمال الأراضي بدلاً لمرتبات أو أجور, هذا أمر غير مقبول وأجمعت كافة القوى والفصائل الفلسطينية منها الجهاد الإسلامي,  أن هذا الأمر مرفوض ولا يتفق مع الملكية العامة  للأراضي، وجميع الجهات القانونية من محامين وخبراء قانون أكدوا على أن هذا التصرف غير مقبول لذلك نحن نرى أن هذا الأمر لا يحل بهذه الصورة, فالآن إذا تم دفع رواتب الأشهر الماضية عبر توزيع الأراضي, فما هو الحل للأشهر المقبلة وكيف ستدفع الرواتب".

 ويكمل أبو شهلا: " لذلك هذا منطق غير مقبول وليس صحيح وعارضه الجميع, ومن يدافع عن الموظف وأن الراتب حق وأمن وظيفي وهو مسؤولية الحكومة، اقترحت حكومة الوفاق حلول عديدة, لكن حركة حماس لم توافق عليها بتدخلها ومحاولتها المساومة والمزاودة".

يشار الى أن نائب نقيب الموظفين العموميين إيهاب النحال أعلن في وقت سابق اعتماد الحكومة في غزة نظام توزيع أراضي حكومية على جميع الموظفين، بحسب قيمة المستحقات من اللجنة العليا للأراضي الحكومية, وأن قيمة المستحقات تقدر بـ350 مليون دينار أردني, وسيكون التوزيع لمن له مستحقات أقل من 10 آلاف دولار بنظام الجمعيات السكنية (كل 20 موظف يحصلوا على دونم أرض يبنوا عليه بناية), ومن له مستحقات أقل من 20 ألف دولار له نمرة أرض بمساحة 180م,2, ومن له أقل من 30 ألف دولار له قطعة أرض بمساحة 250م2.

هكذا تصبح الأمور غير واضحة, إلى حين اتخاذ قرارات مؤكدة يستشعر بها المواطن والموظف لترضي الجميع, فحتى تاريخه أحاديث متناثرة على أوتار أصوات مختلفة.