Menu

الفلسطيني لم يستسلم لفكرة "الموت" بعد !

أرشيفية

بوابة الهدف_ ساري جرادات

"جرح مفتوح لن يضمد إلا بمشاهدة أبناءنا وتشييعهم ودفنهم بطريقة تليق بحجم تضحياتهم وبطولاتهم، وأكثر الناس المتأثرين بهذا الموضوع هم أهل الشهداء، حين نتسلّم ابننا نستطيع التأكد إن كان شهيداً أم لا، فالكثير من العائلات تعرّفت على صور أبنائها الشهداء من خلال صور بثّتها وكالات الإعلام الصهيونية دون مراعاة مشاعر ذويهم، الكثير من أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لم يستسلموا لفكرة موت فلذات أكبادهم بعد"، هذا ما سرده والده الشهيد البطل علاء أبو جمل من بلدة جبل المكبّر في القدس .

قرصنة صهيونية جديدة تضاف لرصيد الحركة الصهيونية الارهابية في التنكيل بالشعب العربي الفلسطيني، من خلال احتجاز جثامين الشهداء، تريد من ذلك معاقبة الميت بعد الموت، ومعاقبة مجتمعه وذويه وردعهم عن فكرة المقاومة.

لا تقوم بمثل هذا الارهاب الا دولة الارهاب "اسرائيل" بالرغم من ان اتفاقية جنيف الرابعة تفرض بشكل واضح دفن من يسقطون في أعمال القتال باحترام، واتباع اجراءات تتناسب وفق عقيدتهم الدينية، فلا زالت سلطات الاحتلال الصهيوني تحتجز جثامين اكثر من "57" شهيدا أعدمتهم بحجج وذرائع لا أساس لها من المنطق والصحة، منذ بداية الانتفاضة الشعبية في تشرين أول الماضي.

أهالي العشرات من الشهداء الفلسطينيين المحتجزة جثامينهم لدى سلطات الاحتلال الصهيوني حذروا من أن تقوم الأخيرة بسرقة أعضاء أبنائهم، في ظل مواصلة احتجاز جثامينهم، في الوقت الذي رفض فيه أهالي الشهداء أي ابتزاز "صهيوني" لتسليم الجثامين.

المحامي محمد عليان والد الشهيد بهاء عليان، والمتحدث باسم أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال، قال: إن ظروف احتجاز جثامين أبنائنا في ثلاجات الموتى سيئة، وهو ما حدث مع بعض الشهداء حين تم تسليمهم، إذ بدت جثامينهم كأنها ممثلٌ بها، وخشينا من أن يكون ذلك هو سرقة لأعضائهم، ليتبين لاحقاً أن الجثامين محتجزة بظروف سيئة.

تحدث والد الشهيد " بهاء عليان " لمراسل "بوابة الهدف" في محاور عدة حول هذا الملف، فعلى المستوى القانوني قال: تم تشكيل لجنة قانونية على مستوى الوطن من المؤسسات الحكومية والقانونية والحقوقية لمتابعة موضوع الشهيد كاملاً من هدمٍ لمنزله أو سحب لهوية ذويه المقدسية أو الإبعاد الى قطاع غزة او الطرد او الاعتقال او المداهمات او التغريم وغير ذلك من أمورٍ، تفكر بها حكومة نتنياهو.

ولفت إلى أن "المحامين قدّموا التماسات مصغرة إلى المتطرف وزير الأمن الداخلي الصهيوني والمستشار القانوني للشرطة الصهيونية والحاكم العسكري"

لم تقدم سلطات الاحتلال ردوداً شافية على احتجاز الجثامين وهو ما أرجعه محللون لأسباب سياسية وليست أمنية، وأن هذه الجثامين هي أداة الحكومة الصهيونية لإسكات يمينها الأكثر تطرفاً.

ويؤكد عليان: "نحن الآن بصدد التوجه لتقديم التماس إلى محكمة العدل العليا الصهيونية، وان هذا الجهد هو جهد جماعي من المؤسسات الوطنية الفلسطينية وهو أحد انجازات هذه الانتفاضة الشعبية".

على المستوى الشعبي قال والد الشهيد بهاء عليان: تم تشكيل لجان شعبية من ناشطين وأكاديميين وشخصيات وطنية وغيرهم ممّن استجابوا لنداءات أهالي الشهداء، وتقوم هذه اللجان بتنظيم فعاليات مختلفة، حيث جرى مؤخراً تنظيم مسيرة جماهيرية في مدينة الخليل للمطالبة باستعادة جثامين الشهداء، و اعتصام في بلدة أبو ديس تبعه مؤتمر صحفي للمطالبة باستعادة الجثامين، ومن الجدير ذكره أنه ينظم هذه الأيام في مدينة القدس أطول سلسلة بشرية للمطالبة باستعادة الجثامين، كما يتم العمل والتخطيط لنشاطات أخرى، رغم بدء الاحتلال بالإفراج تدريجياً عن بعض جثامين الشهداء.

أما على المستوى السياسي فأوضح عليّان أن هذا الدور ضعيف إن لم يكن معدوماً،  وأضاف: أجرينا اتصالات مع رئيس الحكومة الفلسطينية، وكانت الإجابات أن القيادة السياسية تعمل وتهتم، ولكن على أرض الواقع لم نلحظ أي بيان أو تصريح صحفي حول الموضوع، ونحن نعتقد أن الحكومة ضعيفة وهذا يؤسفنا، وإن المستوى السياسي الاسرائيلي هو من يقرر. ولفت إلى ضرورة تحرّك المستوى السياسي الفلسطيني من خلال قنوات التنسيق الأمني والضغط على دولة الاحتلال بمختلف الوسائل.

والد الشهيد بهاء عليان، ثمّن دور الإعلام الفلسطيني في التعاطي مع قضية احتجاز جثامين الشهداء، وطالب السفارات والقنصليات الفلسطينية في دول العالم أجمع بالمطالبة بتسليم جثامين الشهداء من خلال القنوات المعروفة لديهم.

والد الشهيد فادي الفروخ  قال لمراسل "بوابة الهدف": لم تبلغنا سلطات الاحتلال رسمياً بأي شرط للإفراج عن جثامين الشهداء، لكن أهالي الشهداء يرفضون أي شروط قد يتم وضعها من أجل التسليم، كالدفن في الليل أو تحديد عدد المشيعين، أو رفض تشريح الجثامين ومعاينتها.

يذكر أن جثامين الشهداء التي سلّمها الاحتلال في وقت لاحق لمقابلة "بوابة الهدف" مع والد الشهيد الفروخ، اشترطت سلطات الكيان قبل تسليمها الدفن بعدد محدود من الحضور وهو الأمر الذي يرفضه أهالي الشهداء بشكل قاطع.

وأكد والد الشهيد الفروخ أهمية تشريح جثامين الشهداء، من أجل التأكد من عدم سرقة أعضائهم، والمساعدة في تقديم شكاوى ضد جيش الاحتلال، في حين لفت إلى أن "احتجاز جثامين الشهداء لمجرد الاحتجاز، هو شكل من أشكال الابتزاز لأهالي الشهداء، وتعذبيهم وزرعٍ للألم والحسرة في قلوبهم".

المحامي فريد الأطرش مسؤول الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان قال لـ"بوابة الهدف": إن الجهود متواصلة ومستمرة للمطالبة بتسليم جثامين الشهداء، ويتم العمل من خلال جهات حقوقية فلسطينية على اتخاذ سلسلة خطوات، من شأنها الضغط على المستوى السياسي الفلسطيني للعمل والإسراع بتسليم الشهداء، حتى لا يتحول ملفهم إلى وسيلة ضغط بيد سلطات الاحتلال لإخماد نيران الانتفاضة الشعبية الحالية.

وتطالب عوائل الشهداء مجتمعة، القيادة السياسية الفلسطينية، والمؤسسات الحقوقية والإنسانية والدولية، إلى جانب فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني، ببذل كافة الجهود وتسخير الطاقات لاسترداد جثامين الشهداء الذين أعدمتهم سلطات الاحتلال الصهيوني.

وقد بات هذا الملف قضية نضالية ساخنة بفضل الجهد الشعبي الذي تحدى الاحتلال، ورفض شروطه، معتمدا بالاساس على القوة الذاتية لذويهم والجماهير الفلسطينية في ظل القصور الرسمي الواضح في إسناد هذا الجهد.