Menu

"بن غفير يلعب بالنار"..

تقريرثوّار "بيتا" يترقّبون عودة المستوطنين: إن عدتم عُدنا

أحمد نعيم بدير

نابلس _ خاص بوابة الهدف

خلال العام 2021، سطّر أبناء شعبنا في بلدة بيتا جنوب نابلس بالضفة المحتلة أروع صور الصمود والتحدي في وجه عدوان الاحتلال وبطشه المُستمر بحق هذه البلدة وأهلها، رفضًا لمخطّطات الاحتلال الرامية للاستيلاء على أراضي القرية وجبل صبيح من أجل تهجير السكّان الأصلانيين، وأيضًا للتصدي لمشروع مستوطنة "جفعات أفيتار".

في الخامس من أيَّار 2021 شرع مستوطنون بإقامة بؤرة "أفيتار" الاستيطانيّة على قمة جبل صبيح، التابع لأراضي بلدات يتما وبيتا وقبلان جنوب نابلس، لتزداد وتيرة المواجهات والرفض الفلسطيني في هذه المناطق لهذه المشاريع التي تبدأ غالبًا بـ"بؤرة" وتنتهي بترحيل كل السكّان من مناطق سكناهم، إلّا أنّ صمود الأهالي أثنى الاحتلال وقادته عن هذه التوجّهات وجمّدوا العمل في بؤرة "أفيتار" بسبب شراسة مقاومة الأهالي في بيتا وجبل صبيح للمستوطنين الذين تواجدوا داخل "أفيتار".

وبعد أن أفرزت الانتخابات في كيان الاحتلال مؤخرًا نجاح "الصهيونيّة الدينيّة في الوصول إلى سدّة الحكم، عادت التصريحات الصهيونيّة والتحريض ضد أهالي بيتا إلى الواجهة، وترافق ذلك مع إطلاق وعودٍ من قادة الأحزاب الفاشيّة في الكيان للمستوطنين بشأن إحياء مستوطنة "أفيتار" من جديد وقوننتها وتشريعها هي والمئات من المستوطنات في الضفة المحتلة، وكل ذلك كان نتاج اتفاقٍ عنصري ما بين نتنياهو وايتمار بن غفير.

وتعقيبًا على ذلك، أكَّد الكاتب والمحلّل السياسي مجدي حمايل من بلدة بيتا في نابلس لـ"بوابة الهدف الإخباريّة"، أنّه لا فرق بين اليمين الصهيوني المتطرّف أو اليسار الصهيوني المعتدل كما يتم تعريفه، لا سيما وأنّ دولة الاحتلال مكوّنة من صهيونيّة واحدة لها أهداف محددة ويتوحّد كل الصهاينة على تنفيذها، وبالنسبة إلى الجرائم المرتكبة بحق شعبنا وخاصّة سرقة الأراضي فهي هدف تراه الصهيونيّة كحق لها، أي ضم كل الضفة الغربية وليس فقط المستوطنات، لأنّ سرقة الأرض وتهجير الفلسطينيين من الضفة هو أحد أهداف الصهيونيّة بغض النظر كانت يمين أو يسار، فالكل يتسابق من أجل قتل الفلسطينيين وتنفيذ جرائم أكبر، وما رأيناه سابقًا من اليسار جرائم ضخمة وكبيرة جدًا بحق شعبنا إلى جانب سرقة الأراضي وإقامة المستوطنات في الضفة.

المتطرّفون الجدد

وتابع حمايل: نتائج الانتخابات الأخيرة تختلف إلى حدٍ معيّن، بحيث أنّها أوصلت شخصيات أكثر إجرامية إلى الحكم، ولكن جميعهم مجرم، إلّا أنّ بن غفير ومن حوله يمكن تسميتهم بـ"المتطرفون الجدد"، فهم يرون في الضفة تحديدًا كل أهدافهم، وإقامة أكبر عدد من المستوطنات في الضفة الغربيّة، وهذا ما ينذر بتصعيدٍ كبير في الفترة القادمة خاصّة فيما يخص المستوطنات والتوسّع الاستيطاني، مثلما جرى مؤخرًا طرح بؤرة "أفيتار" من جديد على الأجندة الصهيونيّة.

وتساءل حمايل: "الأهم هو من يُحدد مصير هذه البؤرة؟ دولة الاحتلال أم أهالي بيتا؟، ونستذكر معًا أنّ حكومة الاحتلال قرّرت إقامة هذه البؤرة الاستيطانيّة ضمن جلسة حكومة رسميّة على أراضي جبل صبيح في بيتا، ولكن أهالي بيتا ونموذج بيتا كان حائلاً وسدًا منيعًا ما بين القرار والتنفيذ على الأرض، وهذا النموذج الوطني الجديد في الضفة الغربيّة تم استنباطه من أهلنا ورفاقنا في غزّة من خلال الارباك الليلي والنهاري والمقاومة اليوميّة على مدار الساعة واليوم والشهر بعيدًا عن الموسميّة، وهذا ما جعل نموذج بيتا يختلف كليًا عن كل نماذج الضفة في محاربة الاستيطان، بعيدًا عن اتباع أسلوب يكتفي بالتنديد والمسيرات الأسبوعيّة لمواجهة الاستيطان، فبيتا اتخذت شكلاً آخر للنضال وهو النضال والمقاومة اليوميّة".

إن عدتم عدنا..

وأردف حمايل حديثه للهدف: "هذا النضال والفعل المقاوم المستمر دفع حكومة الاحتلال إلى إزالة البؤرة الاستيطانيّة بسبب عدم قدرة هذه الحكومة على الاستمرار في بناية البؤرة وعدم المقدرة على حماية المستوطنين في ظل نضال أهالي بيتا المتصاعد والمتراكم ضد كل هذه المخططات، واليوم نقول أنّ أهالي بيتا موقفهم هو المواجهة حتى النفس الأخير، ومقياس تحرّكهم هو الإجراءات على الأرض، أي بمجرّد أن يروا مستوطنًا واحدًا جاء إلى البؤرة فالبلدة بكبارها وصغارها ستخرج للتصدي وستعود إلى نموذجها ونضالها الذي بدأت به".

وشدّد حمايل، أنّ "دولة الاحتلال تعي ذلك جيدًا، وتعلم أنّ عودة نموذج بيتا هو مقدّمة لانتشاره في كل الضفة الغربيّة وهذا ما لا يريده الاحتلال وحكومته التي كانت تناقش نموذج بيتا كل أسبوع ضمن جدول أعمالها الأسبوعي، بل كانوا يريدون بكل السبل عدم انتشار هذا النموذج في كل الضفة لما يشكله من خطر حقيقي على المستوطنين، واليوم نسأل: هل بإمكان الحكومة الجديدة إعادة المستوطنين إلى "أفيتار" في هذه الأوضاع التي تشهد ما يشبه مخاض انتفاضة فلسطينيّة جديدة؟، مع التأكيد أنّ إعادة نموذج بيتا إلى الواجهة من جديد يعني التسريع بانتفاضة فلسطينيّة شعبيّة عارمة".

ولفت حمايل، إلى أنّ إعادة طرح مسألة الاستيطان في "أفيتار" على طاولة الحكومة اليمينيّة من جديد يأتي من أجل كسب اليمين المتطرّف وإرضاءه من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، لكن على أرض الواقع، فإنّ العودة إلى "أفيتار" هو حلم بعيد جدًا عن التطبيق، والحكومة القادمة سوف تذهب إلى التصعيد لكن دون توسّع الهجمة التي قد توصلنا إلى انتفاضة عارمة يصعب السيطرة عليها وهي تعلم ذلك جيدًا"، مُؤكدًا أنّ "رسالة بيتا اليوم (إن عدتم عدنا)، لأنّ بيتا تؤمن بأنّ النضال تراكمي ومستمر.

المطلوب: الوحدة وإعادة الاعتبار للبعد الوطني

وحول المطلوب لإسناد بيتا، رأى حمايل أنّ "المطلوب أكثر من أي وقتٍ مضى هو الوحدة وإعادة الاعتبار للبعد الوطني وتجنيب الخلافات الحزبيّة والتنظيميّة، وأن يجتمع الكل الفلسطيني على هدفٍ واحد هو حماية الأرض، وهذه هي كلمة السر في بيتا، لا سيما وأنّ جميع الأطياف والألوان تجمّعت على جبل صبيح ورفعت علم فلسطين فقط وجسّدت وحدة ميدانيّة حقيقيّة".

ابقوا في الجبل.. ونحن نسندكم

وتابع حمايل في ختام حديثه مع بوابة الهدف: "المطلوب تبنّي هذا النموذج النضالي ودعمه، في ظل أنّ المستوى السياسي الفلسطيني في رام الله يرفض هذا النموذج الذي يظن أنّه يتعارض مع نضاله السلمي ضد التوسّع الاستيطاني، ونقول أنّ نموذج بيتا سلمي ولكنه خشن ومتراكم، ولا نقوم برفض البؤرة الاستيطانيّة كل يوم جمعة فقط، بل في كل يوم وساعة ودقيقة، وهذا ما يجب أن يكون في كل الضفة الغربيّة بمُشاركة كافة الشرائح والأعمار للتصدي لكل هذه المشاريع، وكما قالت نساء بيتا (ابقوا أنتم في الجبل ونحن نعد لكم الطعام ونسندكم)، لذلك كل فلسطين عليها التوحّد خلف علمٍ واحد لتحقيق أهدافنا الوطنيّة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ أصل تسمية "بيتا" الصامدة يعود إلى أصلٍ سرياني معناه الأهل أو البيت، إذ تقع هذه البلدة إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس وتبعد 13 كم عن المدينة، بل وتعتبر عاصمة لمجموعة مشاريق البيتاوي التي تضم 31 قرية تمتد أراضيها على الرقعة الجغرافية الواقعة بين قريتي حوارة وقوزة غربًا، وقرية عقربًا شرقًاـ ومن قريتي عورتا وأودلة شمالاً إلى قرى يتما وقبلان وأوصرين جنوبًا، فيما تبلغ مساحتها 76 ألف دونم، معظمها مزروع بالزيتون واللوز والتين والعنب، إذ تعتبر "بيتا" البلد الأوّل في إنتاج الزيت في نابلس.