Menu

من الهُويّة الجامعة إلى الهُويّات الفرعيّة كيف وصلنا إلى هنا؟

عبد النبي العكري

نشر في العدد 45 من مجلة الهدف الرقمية

يمكنُ القولُ: إنّ الهُويّةَ العربيّةَ الجامعةَ ترافقت مع الدعوةِ الإسلاميّة وتبلورت مع توطّدِ دولة الخلافة الإسلاميّة في ظلِّ حكمِ الدولة العباسيّة في أوج سيطرتها، أي حتّى حكم الخليفة المعتصم، التي سيطرتْ على أراضي ما يعرفُ الآنَ بالوطنِ العربيّ، إلى جانبِ مناطقَ في آسيا الوسطى وإيران ومناطق إفريقيّة، إلى جانبِ سيطرةِ الخلافةِ الأمويّة على الأندلس. وهنا فإنّ الهُويّة الجامعة هي الإسلامُ بمعناه الثقافيّ وليس المعتقديّ، إلى جانب الهُويّة العربيّة، بنسبٍ متفاوتةٍ في المناطق التي ينتمي سكّانُها أصلًا إلى الجنس العربيّ، مثل: الجزيرة العربيّة وبعض بلاد الشام والعراق، أو التي شهدت هجراتٍ عربيّةً كبيرةً ترافقتْ مع الفتوحات الإسلاميّة، ك مصر والسودان والمغرب العربي. والانتماءُ إلى الهُويّة العربيّة يشملُ العرب ومن تعرّبوا من مسلمين ومسيحيين وأتباع دياناتٍ أخرى. وبالطبع، فإنّ الهُويّة العربيّة الإسلاميّة متجاورةٌ ومتداخلةٌ مع هُويّاتٍ فرعيّةٍ دينيّةٍ وقوميّةٍ وإثنيّةٍ وغيرها، التي كانت سائدةً لدى الشعوب والمناطق التي شهدت الفتوحات الإسلاميّة، التي حافظتْ عليها في ظلِّ عمليّةِ أسلمةِ المجتمع وتعريبه.

لكن هذهِ الهُويّة الإسلاميّة العربيّة الجامعة قد تعرّضت للإضعاف والتراجع مع تراجعِ سيطرةِ الدولة العباسيّة؛ بفعلِ عوامل عدّة، أهمُّها: غزوات قوى غير عربيّةٍ وسيطرتها على أجزاءٍ متفرّقةٍ من دولة الخلافة العباسيّة الإسلاميّة، وأهمُّها: المغول الذين وصلت سيطرتهم إلى عاصمةِ الخلافةِ بغداد عبرَ آسيا الوسطى، والتتار الذين سيطروا على أجزاءٍ من الدولة العباسيّة، والبويهيين الذين هيمنوا على الدولة العباسيّة. كما أنّه مع تراجع سيطرة الدولةِ العباسيّةِ وضعفِها فقد نشأت دولٌ إسلاميّة، تتفاوتْ في رقعةِ سيطرتها وحقب حكمِها والمناطق الجغرافيّة التي سادتْ فيها، ومن هذهِ الدول الحمدانيّون والمرابطون والفاطميّون والمرينيون والأيوبيون والأمويون في الأندلس، ولاحقًا الصويون والعثمانيون وغيرهم في مناطقَ مختلفةٍ من البلاد الإسلاميّة. وهناك العاملُ الناتجُ عن تفرّع الدين الإسلاميّ إلى مذاهبَ عدّةٍ وتبنّي كلٍّ من هذهِ الدول مذهبًا معيّنًا وفرضه بالإكراه على رعايا هذه الدولة. أما العاملُ الآخرُ فناتجٌ عن تأثيرِ الغزواتِ الصليبيّة، التي ترتّبَ عليها إقامةُ الحكم الصليبيّ ذات الطابع الاستيطانيّ وفرض المسيحيّة بالإكراه، الذي امتدَّ لأكثر من مائة عامٍ، الذي شمل ما يعرف بشرقي المتوسّط من أنطاكيّة شمالًا حتّى دلتا النيل بمصر جنوبًا. كما أنّ الصراع ما بين الدولتين العثمانيّة التركيّة السنيّة والصفويّة الإيرانيّة الشيعيّة، تسبّب في تقوية الهُويّات الفرعيّة وإضعاف الهُويّة العربيّة الإسلاميّة الجامعة.

لا شكَّ أنّ تفتّت الدولة الإسلاميّة الجامعة وسيطرة قوى غير إسلاميّة أو غير عربيّةٍ وغيرها من العوامل، قد أضعف الهُويّة الإسلاميّة العربيّة الجامعة وخلق هُويّاتٍ فرعيّة بتأثير الدولة الحاكمة أو المنطقة الجغرافيّة أو الدين أو المذهب السائد أو القوميّات والأقليّات غير العربيّة.

وتبع هذه الحقبة سيطرة الدولة العثمانيّة على مناطقَ شاسعةٍ من البلاد العربيّة، ومنها الشام و العراق ومصر والحجاز وشرقي الجزيرة العربيّة، وفرضت التتريك واللغة التركيّة والثقافة التركيّة من خلال التعليم والإعلام وأجهزة الدولة، ولا شكَّ أنّ النخب العربيّة في هذه البلدان الخاضعة للاستعمار الغربيّ وتركيا تتأثّر بهُويّة المستعمر وثقافته وقيمه.

في ظلِّ غيابِ الدولةِ الإسلاميّةِ الجامعة ونشوء دولٍ وكياناتٍ محلّيّةٍ وإقليميّة، جرت الغزوات، ثم السيطرة الغربيّة الاستعماريّة الغربيّة بعد انهيار دولةِ الخلافةِ الإسلاميّة في الأندلس، وتراجع السيطرة الإسلاميّة العربيّة في شمالِ المتوسّط. ومنذ بدايةِ القرنِ السادس عشر بدأ البرتغاليّون بالسيطرة على الثغور والموانئ على طرق الملاحة في العالم القديم، ومنها بلدانٌ عربيّة، مثل: المغرب وجنوب اليمن وعُمان والخليج بضفتيه أو بها حكم أو نفود عربيّ إسلاميّ، مثل: شرق إفريقيا. تبع ذلك تنافس محموم فيما بين الدول والإمبراطوريّات الغربيّة للسيطرة على البلدان العربيّة، وذلك ضمنَ ظاهرةِ الاستعمار للاستحواذ على الموارد الطبيعيّة أو طرق الملاحة ومن هذه الدول والإمبراطوريّات: إسبانيا وفرنسا وبريطانيا العظمى وإيطاليا، التي اقتسمت أيضًا التركة العثمانيّة في البلاد العربيّة. ومن أهم معالم تقاسم البلاد العربيّة: اتّفاق سايكس بيكو ما بين الدولتين الاستعمارتين بريطانيا العظمى وفرنسا في 1916 ووعد بلفور وزير خارجية بريطانيا المنتدبة على فلسطين بإعطاء اليهود وطنًا قوميًّا في فلسطين في 1917، وتتميّز فرنسا بأنّها عمدت إلى العمل لفرنسة مستعمراتها، خصوصًا الجزائر وبدرجةٍ أقل في المغرب وتونس وسوريا ولبنان، ما أسهم في إضعاف الهُويّة العربيّة لهذه البلدان.

الكيانات القُطريّة والهُويّات الفرعيّة

إنّ تشكّل الكيانات العربيّة هي عمليّةٌ تاريخيّةٌ طويلة، لكن تقاسم الدول الاستعماريّة للوطن العربيّ مستعمراتٍ أو محميّاتٍ ورسم حدودٍ لهذه الكيانات، قد أسهم في تكريس هذه الكيانات وتأكيد الهُويّة القطريّة المستندة إلى عواملَ موضوعيّةٍ أخرى مستحدثة. إنّ غالبية الكيانات العربيّة القائمة اليوم كانت قائمةً حتى قبل وفي ظلّ الاستعمار الغربيّ أو الحماية، لكن الانتقال إلى مرحلةِ الاستقلال قد ارتبط باتجاهين متناقضين، الأوّل: يعدّ الاستقلال مرحلةً انتقاليّةً نحو بناء الوحدة العربيّة. ومن ثَمَّ، فالهُويّة العربيّة متكاملة مع الهُويّة الوطنيّة. والثاني: يعدّ أنّ الاستقلال تأكيدٌ وتكريسٌ للهُويّة القطريّة، وأنّ الانتماء للعروبة لا يرقى إلى الهُويّة الجامعة. وهناك عواملُ عدّةٌ أسهمت في تعزيز الهُويّة القُطريّة على حساب الهُويّة القوميّة الجامعة. من هذه أنّ الدولة العربيّة المستقلّة قد اعترف بحدودها وسيادتها على أراضيها وكيانها المستقل، وقبلت عضويتها في جامعة الدول العربيّة ومنظّمة الأمم المتّحدة وغيرها من المنظّمات الإقليميّة والدوليّة كياناتٍ نهائيّة. وقد أسهمت الأنظمة القائمة في عهد الاستقلال إلى توسيع وتعميق الخصوصيّة والشخصيّة والانتماء القطري بمختلف السبل، إلى حدِّ اعتبار أنّ تاريخه الخاص ممتدٌّ لأعماق التاريخ. من هنا، فإنّ تشكيل جامعة الدول العربيّة صيغةٌ ضعيفةٌ للربط بين الدول العربيّة، تكرّس التجزئة ولا تقود إلى الوحدة، أي تكريس الهُويّة القطريّة، ولم تنجح الجامعة في تعزيز الهُويّة العربيّة الجامعة كما هو حالُ الاتّحاد الأوروبيّ من خلال العمل المشترك. وما نلاحظه في الأنظمة العربيّة هو تضخيم الخصوصيّة والتاريخ والشخصيّة القُطريّة، ومن ثمَّ التأكيد على تاريخيّة وخصوصيّة وأبديّة الهُويّة القُطريّة، الذي يصل أحيانًا إلى العنصريّة. ولقد ترتّب على ذلك تواتر النزاعات فيم بين الدول العربيّة إلى حدّ الحروب، مثل: الاحتلال العراقي للكويت والاقتتال الحدوديّ بين الجزائر والمغرب وما بين مصر و ليبيا وغيرها، في تناقضٍ مع المصلحة العربيّة العليا والهُويّة العربيّة الجامعة، ووصل الأمرُ إلى اعتبار البعض أن الصهاينة أصدقاء، في تناقضٍ فادحٍ مع اعتبار أنّ الكيان الصهيوني هو العدوُّ وأنّ الفلسطينيَّ هو الشقيقُ وأن الهُويّة العربيّة في تناقضٍ مع المشروع الصهيونيّ.

إنّ مجملَ استراتيجيّاتِ وسياسات الدول العربيّة لا تقود إلى التنسيق العربيّ الشامل، لينتهي بكيانٍ وحدويٍّ أو اتّحاديّ، بل إضعاف الروابط العربيّة والالتحاق بتكتّلاتٍ غيرِ عربيّة، وأخطرها التحالف الإبراهيمي، ما بين دولٍ عربيّةٍ والكيان الصهيوني وأمريكا، ومن ثَمَّ محو الهُويّة العربيّة وتشجيع الهُويّة الإبراهيميّة المفبركة.

المشروع التحرريّ الوحدويّ العربيّ والهُويّة العربيّة الجامعة

وفي موازاة بل في مواجهة التأكيد على الهُويّة القطريّة والكيانات القطريّة، فقد كانت دعوات وحركات قوميّة تدعو إلى تحرير البلاد العربيّة من السيطرة الأجنبيّة العثمانيّة والاستعماريّة الغربيّة، والتأكيد على أنّ هذه مهمّةٌ قوميّةٌ لدعم النضال التحرّري الوطنيّ، ويتضحُ ذلك من تشكيل منظّماتٍ من النخب العربيّة في إسطنبول عاصمة الدولة العثمانيّة تدعو إلى الانعتاق من الدولة العثمانيّة، وإقامة الدولة العربيّة الواحدة، وتجسّد ذلك في مشاركة نخبٍ عربيّةٍ في ما يعرف بالثورة العربيّة الكبرى للتحرّر من الاحتلال العثماني في الحجاز والشام والعراق، رغم استغلاله لتكريس السيطرة الاستعماريّة البريطانيّة والفرنسيّة. كما تجسّد في تطوّعِ العديدِ من العرب في فلسطين في مختلِف مراحلِ مقاومتها للاحتلال البريطاني والاحتلال والاغتصاب الصهيوني لفلسطين حتى وقتٍ قريب، ممّا يؤكّد الإيمان بالعروبة والهُويّة العربيّة الجامعة وفلسطين عنوانها. كما تجسّد ذلك في تطوّع ومساندة أبناء المغرب الكبير لدم نضالات إخوانهم في مختلف أقطار المغرب العربي الكبير ضد الاستعمار الفرنسي، وخصوصًا كفاح الشعب الجزائري.

وفي خضمِ حركة الكفاح والنضال ضد الاستعمار وقيام جبهاتِ تحرير وتنظيمات وطنيّةٍ ونشوء ثمّ تطوّر الفكر الوطني، فقد كان إلى جانبه نشوء وتطور الحركات والتنظيمات والفكر القومي. ففي المغرب العربي، فقد ترافق الكفاحُ ضدّ الاستعمار الفرنسي بالدعوة إلى قيام دولةٍ مغاربيّةٍ واحدةٍ، والتأكيد على الهُويّة المغاربيّة. أمّا في المشرق العربي وفي خضمّ النضال من ضدّ الاستعمار وخطّة التقسيم واغتصاب فلسطين، فقد تبلورت الدعوة لوحدة بلاد الشام المجزأة ووحدة الخليج العربي المحتلّ ومشروع وحدة الأمّة العربيّة والتأكيد على الهُويّة العربيّة الجامعة وقيام تنظيماتٍ وحدويّة، مثل: حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي وصل إلى الحكم في العراق وسوريا وحركة القوميين العرب والحركة الناصرية. ومن أهم تجلّيات هذا الفكر التأكيد على الهُويّة العربيّة الجامعة والدعوة الوحدويّة، وتجسّد في وحدة سورية ومصر في دولة الوحدة القصيرة الأجل وانتهت بالانفصال. وفي ظلّ رؤية الأنظمة العربيّة الحاكمة واحتواء الطرح الوحدويّ، ظهرت مشاريعُ الاتّحاداتِ العربيّة وأبرزها مجلس التعاون الخليجي المستمرّ، الذي يؤكّد على الهُويّة الخليجيّة والاتّحاد العربيّ، الذي انتهى والاتّحاد المغاربي المتعثّر الذي يؤكّدُ على الهُويّة المغاربيّة.

تراجع الهُويّة العربيّة الجامعة وصعود الهُويّات الفرعيّة

من خلال استعراضنا السابق نرى أنّه يمكن أن تكون الهُويّات الفرعيّة بكلّ تجليّاتها مكوّنات في الهُويّة، ولكن ضمن إطارِ الهُويّة العربيّة الجامعة، لكن الذي يجري هو تقويّة الهُويّات الفرعيّة على حساب الهويّة الجامعة، وهذا له أسبابه وأهمّها:

1- استمرارُ وجود الكيانات الإقليميّة العربيّة، سواءً أكانت ملكيّةً وراثيّةً أو جمهوريّةً مديدة، وتكرس التمترس في مواقع السلطة وتجذر مصالح اقتصاديّة غير مشروعة، ما يتطلّبُ الإبقاء على هذه الكيانات وإضفاء المشروعيّة على الأنظمة الحاكمة باعتبارها حامية الوطن.

2- العملُ على الإبقاء وتعزيز الهُويّة القُطريّة وتصويرها بأنّها هُويّةٌ أزليّةٌ دعامةً أساسيّةً لاستمرار الوطن والكيان.

3- إلى جانب الهُويّة القُطريّة تبرز وتتعزّز هُويّاتٌ فرعيّةٌ أخرى، ومنها الدينيّة والمذهبيّة والعرقيّة والقبليّة وغيرها. وإذا كان الانتماء المعقول لهذه الهُويّات مقبول بحكم الانتماء الطبيعي، فإنّ تضخّمها يعود لأسبابٍ عدّة، ومنها: حكم الاستبداد بحقّ الشعب والتمييز أو الاضطهاد أو التهميش أو القمع، بحق فئات من المواطنين بحكم انتماءاتهم أو كونهم أقليّة أو كونهم في تناقضٍ مع السلطة الحاكمة.

4- اكتسبت الدعوةُ القوميّة ومنها التأكيد على الهُويّة القوميّة الجامعة قوّةً إثرَ كارثة فلسطين في 1948، حيث ارتفعت الدعوات بضرورة المشروع القومي في مواجه المشروع الصهيوني المدعوم غربيًّا، والتأكيد على الطابع القومي للصراع، وإثر سقوط أنظمةٍ عربيّةٍ متورّطةٍ في هزيمة 1948 وقيام أنظمةٍ وطنيّةٍ على أنقاضها، شهد الوطن العربيّ مدًّا قوميًّا والدعوة للوحدة العربيّة والتأكيد على الهُويّة القوميّة العربيّة الجامعة، لكن هذا المدُّ القوميُّ لم يستمرَّ في زخمه طويلًا، فقد تفككت الوحدة المصرية السورية وتفجرت الصراعات، فيما بين أطراف ودول المشروع القومي ما بين البعث ودولتيه؛ سوريا والعراق، في مواجهةٍ مع مصر عبد الناصر والتيار القومي الذي يمثله ثمّ الصراع البعثي البعثي، وجاءت هزيمة يونيو 1967 لتشكّل ليس هزيمة لدول الطوق، بل هزيمة للمشروع القومي الوحدوي برمته وانكفاء مصر عبد الناصر وسوريا البعث لإزالة الاحتلال الصهيوني، مما تتطلّب تنازلاتٍ لصالح الأنظمة القُطريّة المحافظة.

5- أدّت اتّفاقيّات الصلح من قبل مصر و الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينيّة، ثم تبعتها لاحقًا دولٌ عربيّةٌ أخرى إلى قلب الأولويات، من مواجهةٍ قوميّةٍ للعدوّ الصهيونيّ إلى الصلح معه ودفع القضيّة الفلسطينيّة عنوان الصراع إلى الخلف. ترتب على ذلك التذرع بالمصلحة القطريّة والإلحاح المفرط على الهُويّة القطريّة على حساب المصلحة القوميّة والهُويّة القوميّة الجامعة.

6- جاءت الفورة النفطيّة إثر حرب أكتوبر 1973 وصعود دول النفط الخليجيّة وقيادتها للنظام الرسميّ العربيّ، ليشكّل عاملًا مهما في تراجع المشروع القوميّ والتقدّميّ، لصالح المشروع المحافظ، الذي يؤكّد على الهُويّة الإقليميّة والهُويّة الإسلاميّة المحافظة بديلًا للهُويّة القويّة بأبعادها التقدّميّة.

7-مثل ما يعرف بالربيع العربي قاسمًا مشتركًا ما بين الشعوب العربيّة وترابطًا ما بين قوى ثورات وانتفاضات الربيع العربيّ، ما أسهم في انتعاش المشترك، ومنه الهُويّة العربيّة الجامعة، ولكن ذلك لم يدم طويلًا، إذ تطوّرت الأوضاع إلى فوضى وحروبٍ أهليّةٍ في ليبيا وسوريا واليمن وعودة سيطرة الدولة العميقة في البلدان الأخرى ومرحلة قمعٍ لا سابق لها وتعزيز النزعة القُطريّة والهُويّة القُطريّة، وكذلك الهُويّات الفرعيّة بفعل الحروب والنزاعات، هذه بعض وليس كلّ عوامل انحسار الهُويّة العربيّة الجامعة لصالح الهُويّات الفرعيّة.