لم تنتهي المباراة التي جمعت نادي شباب رفح مع اتحاد الشجاعية يوم الأحد الماضي،كما كان من المفترض كأي مباراةٍ طبيعيّة، إذ حدثت مظاهر "شغب جماهيري" في ملعب رفح البلدي الذي جمع الفريقين، وذلك على خلفية الاعتداء على أمين سر نادي الشجاعية خالد أبو العطا خلال المباراة.
هذه الأحداث تهدّد الأجواء الرياضيّة المصاحِبة لمباريات كرة القدم في قطاع غزة، فالشعارات الخارجة وإلقاء الزجاجات وتكسير زجاج المركبات وباصات النقل تعتبر تجاوزًا خطيرًا للروح الرياضية التي يفترض أن تجسّدها هذه المباريات.
وعلى إثر ذلك، أعلن مجلس إدارة نادي اتحاد الشجاعية استقالته، وتقديمها للمرجعيات الرياضية، عقب إصابة أبو العطا بعد اعتداء الجماهير عليه، وعقب الأحداث التي واكبت المباراة في الملعب، ضمن بطولة الدوري الممتاز.
وتعقيبًا على ذلك، يؤكّد مسؤول التجمّع الرياضي الديمقراطي، د. مروان أبو ناصر، لـ"بوابة الهدف"، أنّ "ما حدث مؤخرًا من شغب داخل الملاعب يأتي نتيجة لأحداثٍ سابقة وصفات موجودة لدى بعض المشجّعين، إذ لم يتم حل هذه الأحداث وعلاج بعض الصفات بالطرق السليمة"، مبينًا أنّ "من بين هذه الصفات تعصّب الجماهير للنادي الخاص بهم، إلى جانب النعرات والشعارات الرياضيّة التي تثير المناطقيّة، والأخطاء التحكيميّة التي لها دور كبير في تأجيج هذه الأحداث".
وحول الظاهرة وأسبابها، يرى أبو ناصر، أنّ "حدتها ترتفع وتنخفض بناءً على ظروفٍ ذاتيّة وموضوعيّة في الأندية نفسها، وروابط الجماهير لوجود بعض الإشكاليات التي على إثرها تبدأ عملية التحشيد لمحاولة أن تظهر كل رابطة بأنّها الأكثر عددًا والأقوى"، مُشيرًا إلى أنّ "أحد أسباب زيادة هذه الظاهرة، هي الضغوط النفسيّة التي يعيشها الشباب الفلسطيني نتيجة الحصار والانقسام والمشاكل الاجتماعية المترتبة كالبطالة والفقر، إلى جانب تشجيع بعض الأندية واللاعبين، وخوف إدارة الأندية من مواجهة الجماهير بسلوكها فتتماهى مع رابطة الجماهير في السكوت عن مظاهر العنف الذي يحدث".
ويحمّل أبو ناصر "الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جزء من المسؤولية لأنه لم يتخذ إجراءات صارمة سابقًا لمواجهة هذه الظاهرة، وفي حال اتخذ إجراءات فسرعان ما يتراجع عنها، مما ساعد بعض اللاعبين وبعض إدارات الأندية بالتوجّه إلى الحل العشائري، إلّا أنّ هذا التوجّه لم يحل هذه الظاهرة أو يقلّل من حدتها، لذلك يجب أخذ إجراءات إداريّة وتنظيميّة لوقف انتشار هذه الظاهرة في الملاعب".
وعن دور التجمّع، يذكر أبو ناصر أنّه "حاول الاسهام في الحد من هذه الظاهرة من خلال عقد العديد من المبادرات الرياضيّة، مثل تنظيم مباراة في محافظة رفح بين قدامى شباب رفح وقدامى خدمات رفح، وتنظيم مبادرة أخرى تم خلالها رفع شعارات تنّدد بالظاهرة والعنف الذي يحدث"، مُؤكدًا أنّ "الاتحاد نظّم أيضًا في وقتٍ سابق ورشة عمل عن واقع الرياضة الفلسطينيّة، حيث حضرها المرجعيات الرياضيّة للتنظيمات الفلسطينيّة، ونائب رئيس اللجنة الأولمبيّة، وشخصيات رياضية وازنة، وخلال هذه الورشة حذّر التجمّع من اتجاه الأسرة الرياضيّة إلى بعض الظواهر السلبيّة من بينها ظاهرة شغب الملاعب".
أمّا بشأن الوعي الرياضي، يقول أبو ناصر لـ"الهدف"، إنّ "تربية الأهالي وتنشئة الأطفال لها دور بالغ الأهمية، إلى جانب عدم ممارسة الرياضة في المدراس والتنافس الشريف يُغيّب مفهوم هذا التنافس والثقافة الرياضيّة"، مُشددًا على أنّ "الإعلام الرياضي مُقصّر في نشر الوعي والتثقيف الرياضي، لا سيما وأنّ هناك من يوجّه هذا الإعلام كيفا أراد".
وخلال حديثه، وجّه أبو ناصر رسالة إلى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، واللجنة الأولمبية، يقول: "يجب محاسبة كل اتحاد ونادي لا يستطيع أن يواجه هذه الظاهرة والوقوف أمامها، ولابد من تشكيل لجان مهنية وليست حزبيّة أو تنظيميّة، واتخاذ قرارات ماليّة وإداريّة تجاه من يقوم بأعمال شغب سواء لاعبين أو جماهير أو إداريين".
وطالب أبو ناصر، اللجان الرياضيّة للأحزاب والتنظيمات أو ما يُسمى بصيغة "الوفاق الرياضي"، بأن "تغادر المشهد، لا سيما وأنّ لها دور كبير في هذه الظاهرة التي نعيشها، حيث أنّه يتم الاتفاق بين الطرفين بوضع مجالس إدارات واتحادات رياضيّة وشخصيات حزبية ممن يسعون لتحقيق مصالح شخصية بعيدًا عن المهنية والمصلحة الرياضيّة".
كما أكَّد على أنّ "من يغذّي هذا الشغب في الملاعب معروف لدى الاتحادات الرياضيّة، والشرطة، لكن هذه الاتحادات تخشى اتخاذ إجراءات قاسيّة أو مواجهة هذا النادي أو ذلك"، متوقعًا أن "تزداد هذه الظاهرة خلال الأيّام القادمة بشكلٍ أكبر، مع حدوث تحالفات مناطقيّة، لذلك يجب على الجميع أن يقف أمام مسؤوليّاته".
وحول مفهوم الرابطة، أوضح أبو ناصر، أنّ "مفهومها لدينا خاطئ، وجزء منها في صراع مع إدارات الأندية، علمًا أنّها تتشكّل بقرار من مجلس إدارات الأندية، وإذا لم تستطع هذه المجالس أن تسيطر على جماهيرها فيجب أن تحل هذه الروابط على الفور"، مُؤكدًا أنّ "هناك الكثير من الأحداث التي أساءت لسمعة الأندية، ولابد من عقد جلسات توعويّة وتثقيفيّة لهذه الروابط لتعكس أخلاق وتقاليد شعبنا الفلسطيني، مع ضرورة احترام ثقافة الآخر رياضيًا من خلال الكف عن ترديد الشعارات التعصبيّة".
ويُشار إلى أنّ ظاهرة "الشغب في الملاعب"، تعرّف على أنّها سلوكيات خارجة عن قواعد الرياضة، وتتسبّب بالأذى، وبعيدة كل البعد عن الأهداف السامية والروح التنافسيّة للرياضة، فيما تنتشر هذه الأحداث في الرياضات الجماعية خصوصًا التي تشهد احتكاكًا مباشرًا بين الجماهير، مثل رياضة الهوكي، والرجبي، وكرة القدم، ولا ترتبط ظاهرة العنف بالجماهير فقط، بل قد تطال اللاعبين، والطاقم الإداري، ووسائل الإعلام التي تغطّي هذه المباريات أو الدوريات.