Menu

"سخانات ومدافئ الغاز".. رعبٌ دائمٌ في منازل فقراء غزّة

أحمد زقوت

خاص_بوابة الهدف

يُحاول الغزيون إيجاد بدائل أخرى في ظل استمرار مشكلة انقطاع التيار الكهربائي في فصل الشتاء القارس، ويتجهون إلى استخدام وسائل تدفئة قد تتسبب في حصد أرواحهم، واستعمال "سخانات تعمل على الغاز" ليحصلوا على المياه الساخنة، إلى جانب استخدام مدافئ الغاز لمواجهة البرد القارس.

هذه البدائل كانت سببًا رئيسيًا في وقوع حوادث أدّت لتسجيل حالات اختناق ووفيات في صفوف المواطنين خلال الآونة الأخيرة، واتُّهمت السّخانات التي تعمل على الغاز بأنّها المسؤولة عن هذه الحوادث لأنّها لا تطابق في غالبيتها المواصفات العالمية، أو على الأقل هناك حالات سوء استخدام لهذه السخانات في المنازل.

خلال الأسبوع الماضي، أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة، عن وفاة الطفل محمد منير صبرة (13 عامًا) وإصابة 5 من أفراد أسرته بحالة متوسطة، إثر اختناقهم جرّاء تسريب لغاز التدفئة، داخل منزلهم بحي النصر غرب مدينة غزة.

هذه الحالة لم تكن الأولى، بل سبقها المواطن سمير حسين أبو شنب (45 عامًا) والذي توفي وأصيبت زوجته بحالة خطيرة إثر تعرّضهما للاختناق أثناء استخدامهما مدفأة تعمل على الغاز داخل منزلهما. 

يقول المتحدّث باسم الدفاع المدني في القطاع الرائد محمود بصل لـ"بوابة الهدف"، إنّ "التدفئة الخاطئة وتسرّب الغاز داخل المنزل، يؤدي في الغالب إلى مصرع المواطنين، وهذا ما حدث مؤخرًا"، مضيفًا إنّ "هذه الحوادث تستدعي التدخّل من الجميع ورفع درجة التوعية لدى المواطنين للحد من هذا الخطر الذي قد يتكرّر في أي لحظة".

وبشأن "ساخنات الغاز"، يحّذر بصل "من استخدام ساخنات المياه التي تعمل على الغاز، والموجودة داخل "دورات المياه"، ومن استعمال مواقد "الفحم" داخل المنازل"، واصفًا إيّاهم بـ "قنبلة موقوتة" للمواطن، لا سيما وأنّ الفحم ينتج غاز "أول أكسيد الكربون" وهو بالأصل سام وقاتل صامت.

كما يشير بصل، إلى أنّ "هناك أدوات آمنة لمنع وقوع مثل هذه الحوادث، مثل توفير التهوية المناسبة عند استخدام وسائل التدفئة، وإبعاد تلك الوسائل عن أيادي الأطفال، ويجب أنّ تكون كوابل الكهرباء سليمة حتى لا تتلف نتيجة التسخين أو التدفئة"، مؤكدًا أنّ "الدفاع المدني في كل موسم يرسل للمواطنين التوجيهات والإرشادات التي تساعدهم في معرفة كيفيّة التعامل مع وسائل التدفئة بأنواعها خلال موسم الشتاء، لا سيما وأنّ مهمتنا الأساسيّة هي الحفاظ على حماية المواطنين وممتلكاتهم".

وبخصوص التعامل مع مثل هذه الحوادث، يلفت بصل لموقعنا، إلى أنّه "في حال حدوث حريق في المنزل، فمن الضروري التواصل مع الدفاع المدني على رقمه المجاني 102، والعمل بعد ذلك على إخراج الأفراد الموجودين داخل المكان، ثم محاولة إطفاء الحريق من خلال "بطانية مبللة بالماء" ووضعها على مصدر الحريق قدر الإمكان وخاصّة إذًا كان صغيرًا، وفي ذات الوقت دون أنّ يعرّض الشخص نفسه للخطر".

السؤال المطروح، هو لماذا يلجأ أهالي القطاع إلى هذه الوسائل غير الآمنة، أو اللجوء إلى وسائل التدفئة الأقل تكلفةً من غيرها، يؤكّد المحلل الاقتصادي سمير أبو مدللة لـ"الهدف"، أنّه "وفي كل فصل شتاء، لابد من حدوث حرائق، بسبب افتقدانا لوسائل التدفئة الآمنة، والكثير من الأسر خسرناها بسبب استخدام مواقد الفحم والشموع وسخانات الغاز التي تؤدي إلى حالات اختناق ويصل بعضها إلى حد الوفاة".

وبحسب أبو مدللة، فإنّ "استمرار مشكلة انقطاع التيار الكهربائي باستمرار والتي بدأت عام 2006م، أدّت إلى وقوع حوادث كثيرة تسببت بتسجيل عددٍ من حالات الوفاة"، مبينًا أنّ "الكثير من الأسر لا يوجد لديها وسائل آمنة للتدفئة في الشتاء، لأنّ البدائل تكون مكلفة على هذه الأسر والتي لا تستطيع تلبيتها بسبب أوضاعها الاقتصاديّة الصعبة".

وأشار أبو مدللة، إلى أنّ "الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 16 عامًا، إلى جانب حالة الانقسام الفلسطيني، والإجراءات التي اتخذت بحق الموظفين في عام 2017م، مما أدّى إلى أوضاعٍ مأساوية في القطاع، وزاد من نسبة البطالة إلى 47% والتي وصلت في صفوف الشباب إلى 70%، وزيادة نسبة الفقر إلى 53%".

ويوضّح أبو مدللة في ختام حديثه مع "الهدف"، أنّ "أكثر من 70% من الأسر تعتمد على المساعدات من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أو من المنحة ال قطر ية ووزارة الشؤون الاجتماعية، وجزء كبير من العائلات لا يستطيع تلبية حاجاته الأساسيّة"، داعيًا وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات المعنية الأخرى إلى أنّ "يكون لديهم قائمة بأسماء الأسر الأشد احتياجًا، وتوفير مستلزمات الشتاء، لأنّ عدم تأمين هذه المستلزمات يُجبر المواطنين على استخدام وسائل غير آمنة مثل الفحم والأجهزة التي تعمل على الغاز مثل السخانات والمدافئ الغير آمنة".