Menu

مجزرة نابلس وخطاب الهزيمة

مصطفى ابراهيم

هذه الجماهير الغفيرة التي تعتمل صدورها وقلوبها بالغضب والحزن، مهمتها ليست فقط تشييع الشهداء والهتافات في وداعهم بانتظار مجزرة جديدة ورد فعل انتقامي، والتضليل بخطاب إعلام الهتافات من قبل إعلام رسمي اصبحت مهمته التضليل. لا شيءٍ يبرر هذا العدوان، وما يجري من قتل يومي في نابلس وجنين و القدس ، وعدوان إجرامي، والخطاب الرسمي الفلسطيني الاستجداء والوقوف على أبواب الأمم المتحدة والرهان على الموقف الأمريكي والمطالبة بالحماية، ومصطلح "احمونا"، الذي تحول لخطاب رسمي والهروب من التوافق على برنامج وطني لمقاومة الاحتلال.
ويبدو الموقف والخطاب الفلسطيني العاجز بأن مهمته، تسهيل مهمة الاحتلال ونظام الفصل العنصري، وعدوانه وقتل الفلسطينيين، وتفكيك أزماته وتطبيع العلاقات الأمنية معه على حساب الشعب والقضية.
حصيلة العملية الإرهابية ومجزرة نابلس 11 شهيداً، واصابة نحو 100 بجروح،‏ وبلغ عدد الشهداء منذ بداية العام الجاري حتى الآن (62 شهيداً)، وعلى الرغم من التفاهمات بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية برعاية أمريكية، واستجابة السلطة سحب  التصويت على إدانة الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي، بناء على تفاهمات بين حسين الشيخ وتساحي هنجبي، والرئيس محمود عباس ورئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو  في القنوات الخلفية. وفي بداية الأسبوع جرت اتصالات بين السلطة وإسرائيل بشأن تهدئة التوتر قبل شهر رمضان، وتم الاتفاق على استمرار الاتصالات.
كل ذلك علي أمل فتح أفق سياسي كما ورد في بيان اللجنة لمركزية لحركة فتح أول أمس الثلاثاء، فكانت مجزرة نابلس نتيجة الرهان على الوعود الأمريكية التي همها فقط الحفاظ على أمن "إسرائيل" أولاً وأخيراً.
في ظل عدم توقف الحرب، التي تشنها حكومة نتنياهو ضد الفلسطينيين في الضفة،
وارتكاب مجزرة نابلس التي هي استمرار لسياسة نتنياهو وخطط حكومة التغيير لبيد/غانتس وتكتيكاتهم بإجماع صهيوني على ارتكاب الاحتلال الجرائم، وتواطؤ الإدارة الأمريكية وما تسميه مخاوف الاحتلال الأمنية، حيث تشن دولة الاحتلال، حربها الشرسة، مستخدمة فيها تكتيكات واستراتيجية عدوانية قائمة على القتل والردع، وشراسة العدوان الإسرائيلي مستمرة منذ بداية العام الماضي، وكأنها نسخة من الحرب التي شنتها دولة الاحتلال في العام 2002 (السور الواقي).
إن خطاب التضليل الرسمي لاحتواء الغضب الجماهيري، والتغطية الإعلامية لمجزرة نابلس، ستنتهي مع نهاية توديع الشهداء، والإعلان عن يوم إضراب وحداد وطني في الضفة الغربية، وبالمراقبة في غزة، والإدانة والشجب والاستنكار من قبل الفصائل، والقيادة والطلب من المجتمع الدولي والولايات المتحدة الامريكية الضغط على حكومة نتنياهو التي تتلقى الدعم والحصانة منها! فخطاب القيادة الفلسطينية المعتاد، والمعروف مسبقاً، وتجاهل الغضب الشعبي، وتعمل كأنها وسيط، وكعادتها عند وقوع هذه المجازر التي تثير غضب الفلسطينيين، تُخرج سلاحها النووي والتهديد المتمثل  بالذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لطلب الحماية الدولية، وتقديم بلاغات للمحكمة الجنائية الدولية.
تجارب الفلسطينيين مريرة مع القيادة ورهانها على الوعود الأمريكية وقراراتها غير القابلة للتنفيذ، سواء تلك المتعلقة بوقف العلاقة مع الاحتلال ووقف التنسيق الأمني بناء على توصيات المجلس المركزي، وسابقة سحب دعمها لمشروع قرار، لإدانة دولة الاحتلال بناء على تقرير القاضي غولدستون في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على أثر العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة في العام 2009، بذريعة أن من شأنه أن يقوض جهود عملية السلام، هذا الخطاب والسوابق والاستجداء بطلب الحماية، تنتج خطاب الهزيمة وإهانة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، كما تحول خطاب الحياة مفاوضات إلى خطاب رسمي عام، وتحول الخطاب الوطني إلى خطاب بدنا حماية، واستسهال القتل واستباحة الدم الفلسطيني، والاستخفاف بالجماهير الفلسطينية وتهميشها وتغييبها عن العمل الوطني والسياسي ومقاومة الاحتلال على الأرض.