كان ذلك قبل سبعة وأربعين عامًا، كان قبل الانتفاضة الشعبيّة الكبرى، وقبل توقيع اتفاقية أوسلو حين خرج الفلسطينيون في الأراضي المحتلّة عام 1948، دفاعًا عن الأرض. منذ ذلك الوقت، وحتى هذا العام، يخرج الفلسطينيون إحياءً لذكرى يوم الأرض في الثلاثين من آذار كلّ عام. ربّما يطغى البعد الروتيني على مثل هذ اليوم، حيث تأخذ النشاطات أشكالًا معتادة، لكن لذلك اليوم أبعادٌ استراتيجيّةٌ عميقةٌ في وعي الفلسطينيين للصراع أسبابه ومآلاته.
انتفاضةُ يوم الأرض قبل سبعة وأربعين عامًا، وفي الداخل الفلسطيني. جاءت بعد عامين فقط من إقرار منظّمة التحرير الفلسطينيّة للنقاط العشر والبرنامج المرحلي، وكأنّها كانت ردًّا وتصحيحًا، من قبل من اكتووا مبكّرًا من السياسة الإسرائيليّة العنصريّة التي لم تتوقّف عن سرقة الأرض.
كان اندلاعُ انتفاضة يوم الأرض، تعبيرًا مبكّرًا، عن مدى مركزيّة الأرض في الصراع وأهميّتها، أكثر مما هو ردٌّ على مصادرة أرض، أو استشهاد ستة فلسطينيين. ومبكّرًا أيضًا أدرك الفلسطينيون مدى أهميّة وحدة الساحات، حتى قبل أن يدركها الفلسطينيون اليوم، فلقد كان يوم الأرض يومًا وطنيًّا بامتياز تجاوز في رمزيّته، معاني التضامن، والإعلان عن التمسّك بالحقوق التاريخيّة.
يومُ الأرض هذا العام مخيفٌ لإسرائيل، ومخيفٌ لحلفائها الدوليين، وتتحسّب لخطورته قوى إقليميّة ودوليّة عند الحديث عن احتمالات انفجار الأوضاع في شهر رمضان، فإنّ الأمر يتجاوز التداعيات الناجمة عن استفزازات الاحتلال، وأهميّة الدوافع الإيمانيّة، فثمّة دوافعُ وطنيّةٌ عميقة، حيث سيخرج الفلسطينيون في كل الأرض الفلسطينية المحتلّة، وأساسًا المحتلة منذ عام 1948، حيث الأوضاعُ متوترةٌ أصلًا وقابلةٌ للانفجار لسبب العنصرية الاحتلاليّة المتصاعدة.
في هذا العام تشكّل ذكرى يوم الأرض إعلانًا لاستعادة الوعي الفلسطيني إزاء الصّراع بما أنّه صراعٌ مفتوحٌ على كلّ الأرض، وكلّ الحقوق التاريخيّة.