Menu

تقريرالهجمات السيبرانيّة.. الساحة الرقميّة في ترابط الجبهات

فادي الشافعي

تعبيرية

خاص بوابة الهدف

تشهد الأيّام الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في الهجمات السيبرانيّة ضد المنصات والمواقع الإلكترونيّة التابعة للكيان الصهيوني، أبرزها: الموقع الرسمي لـ"الموساد" وموقع التأمين الوطني "الإسرائيلي"، ومواقع البريد والبنوك الرئيسيّة، كما تعرّض حساب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في موقع "فيسبوك" للاختراق.

وفي آخر تقاريرها كشفت شركة الأمن الإلكتروني، "تشيك بوينت"، عن قفزة سنوية نسبتها 137% في متوسط الهجمات الأسبوعية على الشركات "الإسرائيلية"، ووصل عدد هذه الهجمات إلى نحو 1500 هجمة أسبوعيًا في عام 2022.

وأظهرت تقديرات "إسرائيلية" غير رسمية أنّ مقاومون مؤيدون للشعب الفلسطيني من السودان وماليزيا وإندونيسيا وروسيا نفذوا نحو 3 آلاف هجمة إلكترونية ضد أهداف تابعة للكيان الصهيوني بهدف الوصول إلى معلومات حساسة والتشويش على منظومة عمل مؤسسات الاحتلال، وخلق إرباك وبلبلة في "إسرائيل"، معتبرةً أنّ هذه الهجمات تشكل تهديدًا ومساسًا بالاقتصاد، والأمن خاصة في حال استخدمت في ظل معركة عسكرية.

ويشير المهندس المتخصص في أمن الحاسوب والمعلومات أشرف مشتهى، في حديث إلى "الهدف" إلى أن آثار عمليات القرصنة للمواقع "الإسرائيلية" تختلف حسب نوعية المعلومات بداخلها والخدمات التي تُقدمها، مميزًا بين أنواع عمليات الاختراق التي تستهدف مواقع الخدمة وبين تلك التي تستهدف الحسابات الالكترونية للشخصيات "الإسرائيلية" أو تلك التابعة للأجهزة العسكرية.

ويوضّح أنّ الوصول إلى الأجهزة الخاصة بالأدوات العسكرية يعد أكثر صعوبة إلّا أنّ المعلومات التي يمكن الحصول عليها تكون أكثر أهمية شأنها فضح أكاذيب العدو أو تسريب خططه، مؤكدًا حتمية وجود ثغرات لتنفيذ عمليات الاختراق، لأن في العالم الرقمي لا وجود لنظام مطلق الحماية.

ويؤكّد مشتهى، أنّ حرب السايبر لا تتوقف على مدار العام ولا تخضع لأي هدنة أو وقف مؤقت للاشتباك، معتبرًا أنّ اعتراف العدو مؤخرًا عن الأضرار التي سببتها هجمات السايبر ضده أنظمته جاء بعد إحساس المستوطنين فيها وإعلان مجموعات مؤيدة لنضال الشعب الفلسطيني مسؤوليتها عن الهجمات وهو ما اضطره للحديث مجبرًا.

وبدوره، يشير مدير مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي أحمد الطناني في حديث إلى "الهدف"، إلى أنّ الهجمات السيبرانية باتت جزءًا أساسيًا من ساحات الاشتباك والمواجهة التي تخوضها قوى وفصائل المقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، الذي كان لسنوات طوال يعتبر هذا المساحة من مساحات التفوق والتقدم دون أي مواجهة تُذكر من خصومه، إلّا أنّ الواقع اليوم تغيّر بشكل واضح، حيث باتت وحدات السايبر لدى المقاومة ومعها عمق من أحرار العالم المنخرطين في هذا النوع من الأنشطة حاضرًا في توجيه ضربات مؤثّرة للاحتلال ومقدراته التكنولوجية، خصوصًا وأن العصر "الانترنت في كل شيء" بات هو السائد وباتت مختلف الأنشطة تدار عبر تطبيقات تكنولوجية تعمل عن بعد.

ويشير مدير المركز الذي خصص برنامجًا لتوثيق أعمال المقاومة بالساحة الفلسطينية، إلى أنّ هجمات السايبر أصبحت مؤخرًا أحد أبرز أشكال الهجوم المقاوم، وفي المقابل أيضًا طورت المقاومة من حصانتها التكنولوجية وقدرات الأمن السيبراني وأدوات مواجهة التقدم الهائل لدى الاحتلال في مجال التجسس والاختراق والتتبع الذي لطالما اعتمد عليه في ملاحقة المقاومين واستهداف مقدرات المقاومة، وباتت أقدر على استحداث آليات تواجه هذا النوع من أسلحة الاحتلال.

ويوضح أنّ بعض أنشطة السايبر لدى المقاومة مُعلن عنها، والسواد الأعظم منها غير مُعلن، ونشاهد أثر فعله في تعطل العديد من المرافق وتطبيقات صفارات الإنذار والجبهة الداخلية لدى الاحتلال، إضافة لوسائل الإعلام واختراق كاميرات المراقبة، وكشف زيف الدعاية الصهيونية في العديد من المحطات، خصوصًا في الكشف عن تصوير كاميرات المراقبة للعمليات البطولية التي نفذها مقاومون.

ويلفت إلى أنّ الاحتلال استهداف في عدوانه أكثر من مقر ادّعى أنها تُستخدم لقدرات السايبر للمقاومة يعكس مدى الفعالية والأثر سواء الهجومي أو الدفاعي لهذا النوع من الأنشطة والتي دفعت الاحتلال إلى استهداف مقراتها وناشطين فيها، وهو دليل آخر أن هناك الكثير من الضربات الناجحة للأذرع السيبرانية للمقاومة لم يُعلن الاحتلال عن حقيقة نتائجها ومدى نجاحها في الوصول لنقاط حساسة ومؤثرة لدى الاحتلال.

ويشكّل "سلاح السايبر" جبهة مقاومة جديدة مساندة للجبهات الأخرى، استطاعت المقاومة من خلاله إلحاق الضرر عدة مرات بعمل منظومة الاحتلال الرقمية والتشويش عليها، ففي عام 2018 وجّه "جيش القدس الإلكتروني" ضربات كبيرة إلى الاقتصاد وأماكن حيوية داخل الكيان الصهيوني.

وأظهرت قدرات المقاومة الأخيرة أنّ سلاح "السايبر" أضحى سلاحًا إضافيًا للنضال ضد المحتل رغم جهود الاحتلال الواسعة لمنع نجاح المقاومة في الوصول إلى المواقع الخاصة به، حيث أثبتت المقاومة قدرتها على تطوير أدوات وأساليب عملها في هذه الساحة، كما باقي الساحات، بما يتجاوز العقبات ويخترق الحصون الرقميّة للاحتلال ويضرّه.