Menu

في منطقة 48... جريمة منظمة برعاية حكومية

وسام رفيدي

في العام 2021 نقلت القناة 12 عن مصدر في الشرطة قوله: أن العديد من منفذي الجرائم في المدن العربية هم متعاونون مع الشابك. للبعض ربما كان ذلك مفاجئاً، أما لمن يقف، ولو قليلاً، على حقائق الأمور فلن يتفاجأ، وهؤلاء هم الجماهير الفلسطينية في منطقة 48 التي اختبرت الشاباك جيداً منذ العام 48.
 الأسرى الفلسطينيون أيضاً يعرفون ذلك نتيجة احتكاكهم أحياناً وبحكم الصدفة، عبر البوسطة أو في غرف انتظار البوسطة، مع معتقلين جنائيين من منطقة 48، وبالتالي تستخدم الشرطة هذا الواقع لتبرر تقاعسها عن محاربة الجريمة بأن المجرمين، كما قال ذات المصدر، يتمتعون بالحصانة لارتباطهم بالشاباك. أما قائد الشرطة الحالي فكان واضحاً في عنصريته لتبرير تقاعسه بإرجاع الجريمة المنظمة لطبيعة العرب أنفسهم.
أما ما يثار من نقاش اليوم حول التردد في إشراك الشاباك في محاربة الجريمة من أن ذلك سيمس بالحقوق المدنية فمثير للضحك فعلاً، وهو ليس أكثر من كذبة مفضوحة. فقد سبق أن كشفت الصحافة العبرية ذاتها، ومنذ سنوات طويلة، حقيقة وجود مقرر للشاباك في لجان تعيين الفلسطينيين في سلك التربية والتعليم الإسرائيلي، ليقرر مدى (صلاحيتهم الأمنية) للعمل، في انتهاك مفضوح لحقوقهم المدنية التي يتغنون بها، أي ليقرر الشاباك مدى (إخلاص) ذاك المرشح للعمل، للقيم والمفاهيم الصهيونية التي يسعى المنهاج لغرسها في عقول الطلبة لصهر وعيهم كجيل. وعليه، إذا كان الشاباك يقرر في مَنْ يعين في سلك التربية والتعليم، فليس من توصيف للنقاش الدائر اليوم حول إشراك الشاباك في مكافحة الجريمة سوى ذر للرماد في العيون وكذبة مفضوحة.
أما ما يسوقه الشاباك، لشرطه للقيام بدوره المقترح، فهو تأكيد لما ذهبنا إليه. الشابك يشترط (عدم الكشف عن قدراته وادواته حتى أمام الهيئات القضائية ذات الصلة)، أي وبرواية أخرى، الحفاظ على شبكة المتعاونين والوسائل الاستخبارية دون مس، فتلك مسائل أمنية حساسة تتعلق بدور الشاباك في ملاحقة المقاومين لدولة الاحتلال.
آخر هم الصهاينة الدم العربي، فعندما يلتفون، على اختلاف تلاوينهم، حول شعار (الموت للعرب)، فآخر همهم منع الجريمة المنظمة المستفحلة في الشارع الفلسطيني في 48. إنه الشعار الذي يختصر أيديولوجيتهم الاستعمارية العنصرية التي لا ترى في العربي الجيد إلا ذاك العربي الميت، وفي أحسن الأحوال العربي المرتحل عن وطنه.
وما يذاع عن مداولات وقرارات وترتيبات حكومية لوقف ذاك التصاعد في الجريمة المنظمة داخل المدن والبلدات الفلسطينية فله بتقديرنا هدفان محددان، هدف دعاوي صرف، خاصة أن الرأي بات يلحظ، والإحصاءات تؤكد، ذاك العزوف المتعمد عن اعتقال المجرمين والكشف عن الجرائم، خاصة عند المقارنة بين النتائج المتحققة في ملاحقة الإجرام المنظم اليهودي في أوساط اليهود، والإجرام المنظم في أوساط الفلسطينيين، بات واضحاً أن ما يحرك الجهد الحكومي ضد الإجرام الأخير هو شعار (الله لا يقيمهم يذبحوا بعض)، لذلك لا بد من بعض المجهودات الإعلامية لامتصاص ما بات حقيقة تفضح عنصريتهم تجاه العرب الفلسطينيين في منطقة 48. أما الهدف الثاني فهو الخشية بتقديرنا من أن هذا التصاعد والاستفحال في قوة الجريمة المنظمة، ربما يمتد للأوساط اليهودية، نتيجة التشابك المجتمعي بين الوسطين الفلسطيني واليهودي، وكذا نتيجة التعاون بين العصابات والمجرمين من الجهتين.
في كل الأحول، عندما تعلن الجماهير الفلسطينية في منطقة 48 أن الشرطة هي المشكلة لا الحل، تكون قد وضعت يدها على الجرح، والآن ينبغي إضافة الشاباك للمشكلة كي يتوجه النضال الجماهيري ضد هؤلاء المتسببين بالجريمة المنظمة في المدن والبلدات الفلسطينية في منطقة 48.