Menu

مبدأُ حقّ تقرير المصير والقانون الدولي

عبد الحسين شعبان

نشر هذا المقال في العدد 50 من مجلة الهدف الإلكترونية

مقدمة

لعلّ الظهور القانوني لفكرة حقّ تقرير المصير Self Determination ارتبط بصعود فكرة الدولة القوميّة، ولا سيّما في أوروبا في مرحلتها الأولى. وإثر اندلاع الحرب العالمية الأولى عام ،1914 وبعد انعقاد مؤتمر السلام الذي أعقبها، راجت فكرةُ حقّ تقرير المصير، خصوصًا لدى الشعوب والجماعات الإثنيّة من أجل نيل استقلالها (1).

رافعتان لحقّ تقرير المصير:

رافعتان أساسيتان أسهمتا في الإعلاء من مبدأ حقّ تقرير المصير: الرافعة الأولى هي الحركة اليساريّة الاشتراكيّة وتيّارها الأساسي الماركسي الذي تجسّد في مؤتمر الأمميّة الثانية المنعقد في لندن عام 1896 الذي اتّخذ قرارًا بشأن حقّ تقرير المصير حين أعلن «... تأييده لحقّ جميع الأمم التام في حريّة تقرير مصيرها»، كما أعرب عن تعاطفه مع: «كلّ بلدٍ يقاسي حاليًا من نير الاستبداد العسكري والقومي أو غيرهما» داعيًا: «عمّال جميع البلدان للانضمام إلى صفوف العمّال الواعين طبقيًّا في العالم أجمع، للنضال معهم في سبيل تحطيم الرأسماليّة العالميّة وتحقيق أهداف الاشتراكيّة الديمقراطيّة».(2)

وقد أوضح لينين المقصود من فكرة حقّ الأمم في تقرير مصيرها، حين أشار إلى أنه «يعني بوجه الحصر حقّ الأمم في الاستقلال بالمعنى السياسي، في حرية الانفصال السياسي عن الأمة المتسلّطة المضطهِدة» ووصف الذين انتقدوا الفقرة التاسعة من برنامج حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي (البلشفي) التي أكّدت على حق تقرير المصير، بالنفاق السياسي وخداع جماهير الشغيلة، وتسهيل سياسة الإمبرياليّة وتمريرها، مبيّنًا ثلاثة نماذج من البلدان من حيث حقّ الأمم في تقرير مصيرها.

ومن الناحية العملية أيّد البلاشفة استقلال بولونيا وفنلندا وأوكرانيا وليتوانيا، وكان لينين مثل سائر الماركسيين يعتقدون أن القوميات إحدى مظاهر الحقبة الرأسمالية التي ستزول مع زوال الرأسمالية نفسها، ولذلك فقد كان خياره قيام الدولة - الأمة التي هي الخطوة الحيوية للوصول إلى بناء المجتمع الاشتراكي (3). الأمرُ الذي يحتاج إلى اليوم إلى قراءةٍ جديدةٍ في ضوء التجربة التاريخيّة المتراكمة، وفي ضوء الواقع وما أفرزه من ظواهر جديدة، متداخلة ومتشابكة.

ودعا مرسوم السلام الذي صدر غداة ثورة أكتوبر حكومات البلدان المتحاربة وشعوبها للبدء فورًا بمباحثات سلامٍ عادلٍ وديمقراطي، وهو السلامُ الذي فسّرته الحكومة السوفييتية بأنّه: سلامٌ بلا ضمٍّ أو استيلاء على أراضي الغير، وإلحاق شعوبٍ أجنبيّةٍ بالقوّة بها، وعدّ المرسوم أنّ الحرب جريمةٌ ضدّ الإنسانية، وألغى الدبلوماسيّة السريّة والمعاهدات غير المتكافئة ومن ضمنها معاهدة سايكس بيكو التي قامت بين بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية، بخصوص البلدان العربية، المبرمة عام 1916.

وأقرّت السلطة البلشفية حق تقرير المصير في أول دستور سوفييتي صدر عام 1918 باعتباره ركنًا أساسيًّا من أركان المبادئ القانونيّة للدولة الجديدة (4) وبعد ثورة أكتوبر طبّق لينين مبدأ حق تقرير المصير على الإمبراطوريّة الروسيّة، حيث أصدر في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917 «إعلان حقوق شعوب روسيا»  The Declaration of rights of peoples of Russia الذي تضمّن حقّ تقرير المصير بما فيه حق الانفصال وتكوين دولةٍ مستقلّة. وبغضّ النظر عن التطبيقات المشوّهة، فقد كانت رافعة ثورة أكتوبر مهمة جدًّا لجهة حق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها، لا سيما في النضال على المستوى الدولي، ضد الكولونيالية.

أما الرافعة الثانية لمبدأ حق تقرير المصير فقد كانت إعلان الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون Woodrow Wilson  مبادئه الأربعة عشر، حيث أدّت وجهات نظره دورًا مركزيًّا بشأن تقرير المصير، لا سيّما بعد دخول الولايات المتّحدة الحرب عام 1917، وكان ويلسون قد أعلن أن الولايات المتحدة دخلت الحرب «دفاعًا عن الحرّية» والتطوّر الحر للشعوب وعدم إرغام أي شعبٍ للعيش تحت سيادة لا يرغب فيها، ودفاعًا عن الحكم الذاتي self- Government الذي تطوّر إلى فكرة حق تقرير المصير، وذلك أثناء إلقاء خطابه الشهير في الكونغرس (في 8 كانون الثاني/يناير 1918) الذي تضمّن النقاط الأربع عشرة المشار إليها، حيث كانت مادة حق تقرير المصير ضمن النقطة الثالثة عشرة، وذلك في معرض دعوته لقيام دولةٍ بولونيّةٍ مستقلّة، وأكّد ذلك صراحةً في خطابٍ له ألقاه في شباط (فبراير) من العام ذاته 1918 مشيرًا إلى أنّ حقّ تقرير المصير ليس مجرّد عبارة، بل هو مبدأٌ واجبُ التطبيق Self- determination is not a mare phrase, it is an imperative  principle of action(5) .

 وقد حاول الرئيس ويلسون إدخال فقرةٍ خاصّةٍ بمبدأ حقّ تقرير المصير في عهد عصبة الأمم 1919، لكنّه لم يفلح في ذلك، حيث قوبل هذا الحق منذ إعلانه ببعض التحفّظات الهادفة إلى حماية كيانات الدول القائمة ومصالحها (6). وبغضّ النظر عن مواقف الولايات المتّحدة السلبيّة لاحقًا، فإنّ مبادئ الرئيس ويلسون كانت إحدى الرافعتين الأساسيتين على المستوى الدولي لمطالبات الشعوب والأمم بحقّها في تقرير مصيرها، لا سيّما البلدان المستعمَرة والتابعة.

ولعلّ مبدأ حق تقرير المصير ما يزال يجابه عقبات كبيرة على الرغم من التطور الكوني، لا سيما في المناطق التي تضمّ خليطًا من السكان والشعوب والأقوام، ذلك أن إنشاء دولٍ جديدةٍ قابلةٌ للحياة، يعتمد على عوامل واعتبارات اقتصادية وجغرافية واستراتيجية عديدة، فضلًا عن ذلك، فإنّ ثمة صعوبات وكوابح عملية، فضلًا عن مصالح وتبريرات تقف حجر عثرة أمام تطبيق حق تقرير المصير في دولٍ متعددة القوميات، بذرائع الوحدة الإقليمية ومبادئ السيادة وغيرها.

بين الحربين العالميتين:

وقد ظلّ مبدأ حق تقرير المصير خلال الفترة الممتدة بين الحربين العالميتين أقرب إلى مبدأ أخلاقي أو قيمي، أو مطلب سياسي منه إلى الصيغة القانونية، ولكن تطوّرًا مهمًّا مهّد لاحقًا لقبول مبدأ حق تقرير المصير لإدراجه في ميثاق الأمم المتحدة، لا سيّما ما تعرّضت له البشريّة من مآسي خلال الحرب العالمية الثانية 1939- 1945، وكانت وثيقة الأطلسي الصادرة من الرئيس روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل عام 1941 قد لحظت في إحدى بنودها «مبدأ الحقوق المتساوية وحق تقرير المصير للشعوب»، ولكن هذا الحق لم يكتسب صفته القانونية، الملزمة إلاّ عام 1945 بعد قيام الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو(7) ثم استقرّ مبدأ حق تقرير المصير ليصبح قاعدةً ثابتةً في القانون الدولي المعاصر بعد قيام الأمم المتحدة، خصوصًا بعد إعلان الجمعيّة العامة رقم 1514 إقرارها مبدأ تصفية الكولونياليّة، الصادر في 14 كانون الأول (ديسمبر) 1960، الذي نحتفل بذكراه الخمسين، وهو الأمرُ الذي فتح الباب أمام تطوّراتٍ لاحقةٍ ما تزال تفاعلاتها مستمرّة حتى الآن.

الأمم المتّحدة وحق تقرير المصير: جدلية مستمرّة:

جعلت محكمة العدل الدوليّة "حقّ تقرير المصير" في الكثير من قراراتها قاعدةً قانونيّةً آمرةً وملزمةً Jus Cogens، وذلك بإعطائها هذه المكانة الرفيعة. وقد ورد مبدأ حق تقرير المصير مرتين في ميثاق الأمم المتحدة:

الأولى فيما نصّت عليه المادة الأولى (الفقرة الثانية) المتعلقة بأهداف الأمم المتحدة، حيث جاء فيها: «إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس المساواة في الحقوق، وحقها في تقرير مصيرها».

والثانية فيما نصّت عليه المادة الخامسة والخمسون حين أكّدت «الرغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريتين لقيام علاقاتٍ سليمةٍ ووديّةٍ بين الأمم، مؤسّسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها، حق تقرير مصيرها» (8).

وقد شغل حق تقرير المصير، حيّزًا مهمًّا من مناقشات الأمم المتحدة، منذ قيام المنظمة الدولية، وبشكل خاص منذ عام 1950 خلال مناقشة مصير الشعوب والأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والمشمولة بنظام الوصاية (9).

ولعل تقنين مبدأ حق تقرير المصير جاء واضحًا في الإعلان العالمي لتصفية الكولونيالية (الاستعمار) الذي جرت الإشارة إليه بالتأكيد على: حق جميع الشعوب في تقرير مصيرها، واعتبر الإعلان جميع الأعمال العسكرية أو الإجراءات القمعية ضد الشعوب غير المستقلة، غير شرعية وينبغي أن تتوقف، كيما تمارس هذه الشعوب حقّها وحريّتها في الاستقلال الكامل وفي السلام (10).

وللأسف الشديد لم يتضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان The Universal Declaration of Human Rights  الذي تبنّته الأمم المتّحدة في 10 كانون الأول (ديسمبر) 1948، أية إشارةٍ إلى حقّ تقرير المصير، الأمرُ الذي يعدّ نقصًا فادحًا، مثلما لم يتضمن الإشارة إلى حقوق الأقليّات (11) وهو ما جرى تداركه لاحقًا، سواءً بالعهدين الدوليين أو بإعلان الأمم المتحدة حول السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية الصادر في 14 كانون الأول (ديسمبر) 1962 (الدورة السابعة عشر) أو الإعلان العالمي حول حقوق وواجبات الدول الاقتصادية رقم 3281 الصادر في 12 كانون الأول (ديسمبر) 1974 أو إعلان حقوق الأقليات الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 18 كانون الأول (ديسمبر) العام 1992 أو إعلان الأمم المتّحدة بشأن حقوق الشعوب الأصليّة الصادر في 13 أيلول (سبتمبر) عام 2007.

 ولكن مبدأ حق تقرير المصير بما حمله من وهجٍ نضاليٍّ وقانونيٍّ وإنسانيّ، ظلَّ مطمحًا لشعوبٍ وأممٍ كثيرة، لا سيّما في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث تجسّد بإعلان القضاء على الكولونياليّة كما تمّت الإشارة إليه، وكما ورد في العهدين الدوليين الصادرين من الأمم المتحدة: الأول في 16 كانون الأول (ديسمبر) 1966، (العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) الذي دخل حيّز التنفيذ في 3 كانون الثاني (يناير) 1976، والثاني (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) الذي دخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من 23 آذار (مارس) 1976، حيث نصّت المادة الأولى لكليهما على مبدأ حق تقرير المصير، كما وردت الإشارة إلى موضوع الأقليات التي خصّتها المادة 27.

تقول المادة الأولى من كلا العهدين ما يلي:

1- لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرّة في تقرير مركزها السياسي وحرّة في السعي لتحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

2- لجميع الشعوب، سعيًا وراء أهدافها الخاصة، الحق بالتصرّف الحرّ بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزاماتٍ منبثقةٍ عن مقتضيات التعاون الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أي حالٍ حرمان أي شعبٍ من أسباب عيشه الخاصة.

3- على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسؤولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشمولة بالوصاية أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقًا لأحكام ميثاق الأمم المتّحدة (12)

ومن الجدير بالذكر أنّ النصّ الصريح بشأن حق تقرير المصير الوارد في العهدين الدوليين، وهما اتفاقيتان دوليتان شارعتان أي منشئتان لقواعد قانونية دولية جديدة أو مثبّته لها يعدّان مُلزمين منذ تاريخ نفاذهما تجاه جميع الدول الموقعة عليهما، ناهيكم عما يتضمناه من قوةٍ معنويّةٍ وأدبيّة، أخلاقيّة وسياسيّة، فضلًا عن حجيتها القانونيّة بالنسبة للشعوب المطالبة بهذا الحق، على الرغم من عدم شموله الأقليات بتقرير المصير؛ الأمرُ الذي قاد إلى تساؤلاتٍ حول مدى تطبيق النص الوارد في المادة 27 من الميثاق، ارتباطًا بالمادة الأولى التي تحدّثت عن حقّ تقرير المصير.

تفسيراتٌ وتأويلات:

ولعلّ ثمّة اختلافات فقهية بخصوص النص ومدى شموليته، ناهيكم عمّا ذهبت إليه الأعمال التحضيرية، التي تفضي قراءتها وتدقيقها إلى اعتبار النص حقًّا شاملًا، لا سيما تجاوز الحالة الاستعمارية الواردة في القرار 1514 الصادر في 14 كانون الاول (ديسمبر) 1960 إلى ما بعدها، أي استمرار وظيفة حق تقرير المصير حتى بعد الحقبة الاستعمارية، خصوصًا إذا خلا العالم من الاستعمار، وإذا كان ما ورد يفيد المستعمرات، إلاّ أن الشعوب يمكنها الاستفادة منه أيضًا، حتى بعد أفول نجم الاستعمار!

ويرى بعضهم أن تطبيق حق تقرير المصير يقتصر على الشعوب الخاضعة والمستعمَرة فقط (13) أما بعضهم الآخر فيرى أنه حقٌّ شاملٌ لجميع الشعوب بتخطّي مرحلة الاستعمار، أي عكس الفريق الأوّل الذي يقصره على الاستعمار، ولا يريد أن يمتد ليشمل الدول المستقلة ذات السيادة أو على قسم من الشعب أو الأمة، التي هي جوهر فكرة الوحدة الوطنيّة الإقليميّة للدولة، وهو الرأي الذي تقول به الهند، في حين أن هولندا قالت بشموليّة النص وهو ما تبنّته الأمم المتحدة لاحقًا عام 1984 (لجنة حقوق الإنسان) ومع ذلك فهناك أكثر من قراءةٍ للنصّ تبعًا للمصالح السياسيّة ولتوازن القوى، لا سيّما لجهة النفوذ الدولي.

إنّ القراءة الأولى التي تعدّ النص شموليًّا وحقًّا لا يتوقّف لمجرّد انتهاء الحالة الاستعماريّة التقليديّة، هي قراءةٌ تنطلق من الموقف الذي تعدّه منسجمًا مع المادة الأولى من العهدين الدوليين التي تفرض على الدول الأعضاء التزامات محدّدة، ليس فقط تجاه شعوبها، بل تجاه كل الشعوب غير القادرة أو تلك التي جرّدت من إمكانية نيل الحق بتقرير المصير، وهذه القراءة أكثر تساوقًا مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ولعّل الاستنتاج المهم الذي يقوم عليه هذا الاتجاه، هو أنّ حقّ تقرير المصير يعدّ حقًّا شاملًا لا غبار عليه، ولا إبهام فيه.

أما القراءة الثانية التي تميل إليها بعض الدول ذات التنوّع القومي والإثني، لا سيما القوى المتسيّدة فيها، خوفًا من التفكّك والانفصال، استنادًا إلى مبادئ الوحدة الإقليمية واحترام الاستقلال السياسي ووحدة الأراضي وسيادة الدول، تعدّ أن حق تقرير المصير يخصّ الحق الخارجي لشعوبٍ رازحةٍ تحت نير الكولونياليّة، أما الحق داخليًّا، فيمكن التعبير عنه في إطار الدولة الموحّدة بأشكالٍ مختلفةٍ للحكم الذاتي.

وإذا كان ثمة تبريرات نظرية وقانونية لمثل هذه الإشكالية، فإنها تعود إلى الفروق بين ما نعنيه بالشعب والأقليّة، وهل هناك إمكانية إفادة الأقلية من مبدأ حق تقرير المصير بتأسيس كيانٍ سياسيٍّ أم لا؟ ومع أن النصّ جاء عامًّا بخصوص العهدين الدوليين لعدم الرغبة في تناول موضوع الأقليات إلاّ أن المطالبة بالحق، وهو حقٌّ سياسيٌّ ودستوريٌّ يمكن الاستدلال عليه من منطوق المادة الأولى، في حين أنّ المادة 27 تناولت حقوقًا ثقافيّةً محدودة، بينما يرتبط حق تقرير المصير بقضية كيانٍ سياسيٍّ واقتصاديٍّ واجتماعي، وهو ما تريده بعض الأقليات في دولةٍ متعدّدة القوميات حين يصبح العيش المشترك مستحيلًا، مع غياب تمثيلٍ حقيقيٍّ للتنوّع الثقافي. ولعلّ ذلك ما أجده أكثر انسجامًا وأدقّ تعبيرًا من مصطلح الأقليّات، خصوصًا وأنّ التنوّع والتعدديّة تتضمنان مبدأ المساواة بين مكوّناتٍ مختلفةٍ ومتمايزة، لكنّها متساوية، لا فرق بين "أغلبية" و"أقليّة".

وسيكون السؤال المطروح حول تحديد ما إذا كانت الأقليّة شعبًا أم لا؟ وفيما إذا كانت الحقوق العائدة للشعب أو للشعوب يمكن أن تستفيد منها الأقليّات بطريقةٍ غير مباشرة، وهو سؤالٌ في غاية من الأهمية يمكن متابعته بالتطورات الجديدة التي عرفها القانون الدولي.

وقد شهد مفهوم "حقوق الأقليات" تطورًا كبيرًا في العقدين ونيّف الماضيين، وذلك ارتباطًا مع القانون الدولي من جهة ومع الفلسفة السياسية من جهةٍ أخرى، وذلك بتطور القواعد الدولية International norms لحقوق الأقليّات قياسًا لما تمّ التوصل إليه بعد الحرب العالمية الثانية، وصولًا إلى مرحلةٍ جديدةٍ بعد انتهاء الحرب الباردة في أواخر الثمانينات، حيث تحرّكت حقوق الأقليات سريعًا في إطار أجندةٍ دوليةٍ وداخليةٍ بما فيها للمنظمات الدولية شملت الأمم المتّحدة أيضًا، التي أصدرت إعلان حقوق الأقليّات عام 1992 وإعلان حقوق شعوب أصلية عام 2007 Declaration on the rights of indigenous peoples.

ويطلق الباحث Will Kymlicka في كتاب "فلسفة القانون الدولي" الصادر من جامعة اكسفورد عددًا من المصطلحات على حقوق الأقليات مثل: Multiculturalism (التعدديّة الثقافية) أو differentiated citizenship (المواطنة المتمايزة-المختلفة) أو  The politics of recognition (سياسات الإقرار أو الاعتراف) أو Group rights (حقوق الجماعة) أو Liberal culturalism (الليبرالية الثقافية) أو pluralistic integration (التعددية التكاملية- التوحيدية)  ولكنه يفضل مصطلح liberal multiculturalism  (الليبرالية التعددية الثقافية).(14)

الكولونياليّة وحق تقرير المصير: التباس مفهوم "الأقليّات"

يبدو أنّ حق تقرير المصير كما ورد ذكره في الميثاق يتعلّق بالشعوب (peoples) الأمر الذي أحدث نقاشًا في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي صيغ فيه ميثاق الأمم المتّحدة، وقد وردت استخدامات متعددة فأخذ الحديث تارة عن (دولة) State وأخرى عن (أمة)Nation وثالثة عن (شعب)People تحت مفهوم متقارب كما جاء ذكره في نظام الوصاية الدوليّة، الأمرُ الذي أثار نوعًا من الالتباس أحيانًا، وهو ما تعرّض له المفهوم لاحقًا بمعناه الفقهي أو بتطبيقاته العملية.

ولعلّ ذلك أوجب متابعة التطور التاريخي والسياقات القانونية التي مرّت بها فكرة حق تقرير المصير، ولا بدّ هنا من التوقف جدّيًّا عند قرار تصفية الاستعمار "الكولونيالية" وقد مرّت ذكراه الستين (14 كانون الأول/ديسمبر 2020) وبقدر رمزيّة القرار الذائع الصيت، الذي اكتسب شهرةً كبيرةً، وكان بعنوان "إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة" The Declaration on granting of Independence to countries and peoples. فقد تزامن صدوره مع أجواءٍ إيجابيّةٍ كانت شعوب آسيا وأفريقيا تتطلع إليها، خصوصًا وقد أعلن " أنّ لجميع الشعوب الحق في تقرير المصير" (وهو ما ورد لاحقًا في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان عام 1966) كما أكّد على "حق هذه الشعوب في أن تحدّد بحريّة مركزها السياسي وأن تسعى بحرية إلى تحقيق نموّها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".(15)

تصفيّة الكولونياليّة:

بعد هذه الاستعادة تبدو تاريخانيّة هذا القرار، مصدر تفكّر، إضافةً إلى أهميته القانونية والسياسية، لا سيما وقد أصبح منطلقًا أساسيًّا لقراراتٍ وإعلاناتٍ أمميّةٍ لاحقة، فبعد يومٍ واحدٍ فقط، أي في يوم 15 كانون الأول 1960 صدر القرار رقم 1541 الذي تمّ بموجبه تحديد لائحة محددة من المبادئ لمعرفة إلزامية تقديم المعلومات طبقًا للمادة 73 من الميثاق التي تتناول تبعات إدارة الأقاليم التي لم تنل شعوبها قسطًا كاملًا من الحكم الذاتي (المبدأ القاضي بأنّ مصالح أهل هذه الأقاليم لها المقام الأوّل) ويقبلون (المقصود أعضاء الأمم المتحدة) أمانة مقدسة في أعناقهم، الالتزام بالعمل على تنمية رفاهية أهل هذه الأقاليم إلى أقصى حدٍّ مستطاعٍ في نطاق السلم والأمن الدوليين اللذين رسمهما الميثاق. وتحدّثت خمسة بنودٍ تابعةٍ لهذه المادة عن تنمية شؤون الحكم الذاتي دون الإشارة إلى حقّ تقرير المصير، وكان القرار 1541 قد تحدّث بالصراحة ذاتها ضد الاستعمار محدّدًا اثني عشر مبدأً تعرّف الأقاليم الواقعة تحت الاستعمار وتطوّرها باتجاه الحكم الذاتي لبلوغ الاستقلال.

الفارق بين القرار 1514 أنه يعدّ إعلان الاستقلال هو الطريقة الوحيدة لتحقيق تقرير المصير للأقاليم غير المحكومة ذاتيًّا، في حين أن القرار الثاني 1541 فإنّه يقدّم خيار الاتّحاد الاختياري أو الارتباط بدولةٍ مستقلّة، لأنّه يعدّ الاستقلال النتيجة الطبيعية التي يجب أن تحصل عليها الأقاليم غير المحكومة ذاتيًّا أو غير مستقلّة، وهو ما يرتبط بمبدأ حق تقرير المصير المرتبط بالاستقلال بصورةٍ حتميّة(16).

وعلى الرغم من احترام مبدأ حق تقرير المصير ومنح الاستقلال في القرار 1514 والقرار الذي تلاه، إلاّ أنّ الاتجاه العام كان يميل إلى استبعاد "الأقليّات" من التمتع بهذا الحق، في نظرةٍ تقييديّةٍ لاستخدام هذا الحق، لأنّه ينطبق على الشعب، وليس على الأقليّات التي قد لا تكوّن شعبًا. أي أنّ حقّ الاستقلال وتكوين دولةٍ مستقلّةٍ حسب القانون الدولي أعطي للشعب وليس للأقليّة، بل لكامل الشعب في الإقليم Territory والشعب هو الذي يمارس هذا الحق.

وظلّ هذا الأمر محطّ جدلٍ كبيرٍ في الأمم المتّحدة وخارجها مدّة عشر سنواتٍ تقريبًا حتى صدر القرار رقم 2625 في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 1970 تحت عنوان "إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلّق بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق الأمم المتحدة" الذي عُرف بإعلان التعايش السلمي متضمّنًا سبعة مبادئ أساسيّة، تشكّل جوهر مبادئ القانون الدولي (17).

وقد ورد في هذا القرار إشارة إلى حقّ تقرير المصير في ثلاثة مباحث مع تأكيد الحديث عن عدم المساس بوحدة أراضي الدولة، لكن الفقرة السابعة من الإعلان المتعلقة بحق تقرير المصير ربطت حق الاستقلال بالحكومة التمثيلية، وجعلت من الوحدة الإقليمية مناطة بها مع تأكيد حق تقرير المصير.

أي أن الحكومة عندما لا تكون تمثيلية فيصبح الانفصال أمرًا "مبررًّا"، بمعنى لا يمكن التذرّع بالوحدة الإقليميّة لمنع الانفصال أي لتحقيق الاستقلال إنْ لم تكن الحكومة تمثيليّة. وقد اتّخذ مجلس الأمن الدولي عددًا من القرارات التي تؤكّد على حقّ الشعوب في تقرير المصير، بإنهاء الاستعمار Decolonization، سواءً ما يتعلّق الأمر بناميبيا، حتى تمّ تحرير آخر مستعمرةٍ في إفريقيا عام 1990 (18) قبل إنهاء الاستعمار الاستيطاني في جنوب أفريقيا العنصرية عام 1993، مع وجود استثناءٍ عالمي واحد هو الاستعمار الاستيطاني الإجلائي في فلسطين، على الرغم من وجود نحو 16 إقليمًا لم يتمتع بالاستقلال وحق تقرير المصير على المستوى العالمي.

تمايز في المفاهيم:

يمكن التمييز بين مفهومين لحق تقرير المصير:

الأول على أساس الإقليم، ويعني حق الشعب في "الدولة" بمكوّناته المتنوّعة في حكم نفسه بنفسه دون تدخّلٍ خارجيٍّ على أساسٍ سياسيٍّ ودستوري، لا سيما للشعوب المستعمَرة، وهو المفهوم النموذجي الذي أخذ به العهدان الدوليان المشار إليهما، وليس هناك ما يحدد الشعب، سوى الإقامة الدائمة في بلدٍ بغض النظر عن التنوّع الإثني والثقافي، وهو ما يطلق عليه حق تقرير المصير للإقليم.

أما الثاني فعلى أساس الهويّة، ذلك أن مفهوم الشعب يعني "مجتمعًا إنسانيًّا" يعود إلى سماتٍ إثنيّةٍ وثقافيّةٍ متميّزة. وهكذا يصبح حق الشعب في تقرير المصير يخضع للهوية الثقافية والإثنية، وهو ما يطلق عليه حق تقرير المصير ارتباطًا بالهويّة (19).

ويبدو أن مبدأ حق تقرير المصير تطوّر لتتعدى ساحته مسألة إنهاء الاستعمار واستقلال الدولة التابعة والمستعمَرة، فأخذ يشمل الجانب الداخلي من تقرير المصير، الذي تطمح إليه الشعوب لجهة حقوقها وحرياتها وعلاقاتها بالسلطة. وهو الاتجاه الذي أخذ بالتوسّع لا سيما وقد حظي بتأييد المجتمع الدولي، منذ انتهاء عهد الحرب الباردة في أواخر الثمانينات، حيث ازداد دور مجلس الأمن الدولي في الإشراف على الانتخابات ومراقبة عددٍ من الاستفتاءات الشعبيّة التي مارست فيها الشعوب حقّها في تقرير المصير في إطار التنوّع الثقافي، مثلًا انتخابات جنوب أفريقيا والمصالحة الوطنيّة في أنغولا 1994، والاستفتاء حول موضوع الصحراء الغربية، والانتخابات واتفاق السلام احترامًا لإرادة شعب موزامبيق، و"التدخّل العسكري" في هايتي لإعادة الحكومة المنتخبة والشرعية، وغيرها.

أما محكمة العدل الدولية فقد اتّخذت عددًا من القرارات منها النزاع البرتغالي- الهندي عام 1954 (حق المرور عبر الهند وصولًا الى مستعمرتين برتغاليتين، وعلى الرغم من أنّ المحكمة ناقشت مسألة حقّ تقرير المصير، إلّا أنّها لم تأخذ به، وعمدت إلى إتباع مبدأ السيادة باعتباره أحد مبادئ القانون الدولي) أما القضية الثانية فهي: قضية الكاميرون ضد بريطانيا 1961. أما القضية الثالثة هي نامبيا عام 1971 (التي كان اسمها جنوب غرب أفريقيا) وكانت تخضع لنظام الوصاية الدولي، علمًا بأن حق تقرير المصير يطبّق على الأقاليم التي تتمتع بالحكم الذاتي، طبقًا له. (20)

وكان صدور القرار 688 في 5 نيسان (ابريل) 1991 من مجلس الأمن الخاص بكفالة احترام حقوق الإنسان والحقوق السياسيّة في العراق، ووقف القمع الذي تعرّضت له المنطقة الكردية وبقية مناطق العراق، كما جاء في نص القرار، إيذانًا جديدًا وبثقلٍ كبيرٍ بدور مجلس الأمن، إضافةً إلى وظيفته في حفظ السلم والأمن الدوليين، بالتدخل لأغراضٍ إنسانية، بما فيها ما يخصّ شعوبًا وأممًا مضطهدة، أو لم تتمكن من تحقيق مصيرها بنفسها، وذلك بغض النظر عن ازدواجية المعايير التي اتّبعها والانتقائيّة التي طبعت تطبيقاته، لكن انخفاض منسوب مبدأ احترام السيادة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، لحساب مبدأ التدخل الإنساني أثار جدلًا فقهيًّا: قانونيًّا وسياسيًّا، ناهيكم عن زاويته الفكرية- الفلسفية، ارتباطًا مع مبدأ حق تقرير المصير الذي تتشبث به الشعوب، خصوصًا المستعمَرة أو التابعة أو الخاضعة للهيمنة أو التي تنفرد حكوماتها بعدم تمثيلها أو تمثيل تعدّديتها الثقافيّة المتنوّعة (21).

وأعتقد أن محكمة العدل الدولية بقرارها المؤرخ في 24 تموز (يوليو) 2010 بخصوص كوسوفو يصبّ في هذا الاتجاه يوم أعطت رأيًا استشاريًّا مفاده: أن الاستقلال (الانفصال من طرفٍ واحد) لا ينتهك القانون الدولي، وذلك بناءً على طلبٍ من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الأمرُ الذي قد أصبح واقعًا بعد الاستفتاء في جنوب السودان 9/1/2011 الذي لم يكن بعيدًا عن تأثيرات الأمم المتحدة.

ولعل الاستفتاء السوداني، إضافةً إلى قرار محكمة لاهاي سيكون سابقةً قانونيّةً وقضائيّةً يمكن الاستناد إليها دوليًّا لإعلان الاستقلال من طرفٍ واحد، فيما إذا كانت الظروف الموضوعية والذاتية تستجيب لذلك، حيث أصبحت الوحدة دون رضا جزء من السكان، شعب، أو مكوّن ثقافي، مفروضة وقد تحتاج إلى فكّ ارتباط!!

وإذا كانت كوسوفو قد أعلنت انفصالها (استقلالها) من طرفٍ واحد عام 2008 واعترف بها المجتمع الدولي على الرغم من معارضة كل من صربيا وروسيا لاعتباراتٍ قوميّةٍ ودينيّةٍ وجيو سياسيّة، فإنّ تيمور الشرقية أنشئت بقرار من مجلس الأمن الدولي؛ الأمر الذي يحتاج إلى وقفةٍ جديّة، ونحن نستعيد الذكرى الـ 75 لتأسيس الأمم المتحدة والذكرى الـ60 لصدور القرار 1514 بما له من دلالاتٍ فكريةٍ وسياسيةٍ وقانونيةٍ وانعكاساته على صعيد الدول المتعددة القوميات، إذا لم يتم التوصل إلى تفاهماتٍ واتفاقياتٍ تأخذ مصالح المجموعات الثقافية المختلفة؛ الأمرُ الذي سيضع مبدأ حق تقرير المصير على أساس الهويّة الإثنيّة خيارًا مطروحًا، سواءً باستمرار الاتحاد الاختياري، الطوعي وتعديل صيغته ليكون متوائمًا مع مبدأ المساواة، أو بالحق في تشكيل كيانٍ سياسيٍّ مستقلّ (دولة) إذا استعصى العيش المشترك، خصوصًا إذا أنذر بحربٍ أهليّةٍ مثلًا، ومثل تلك القضايا مطروحة على الصعيد العالمي فيما يخص كاتالونيا في إسبانيا وبلجيكا بين الوالنين والفلامانيين، وكندا فيما يخص الكيبك وإيرلندا في بريطانيا إضافةً إلى العديد من بلدان العالم الثالث، ومنها بلداننا العربية.

ولعلّ ذلك سيثير إشكاليات وردود فعل من جانب المجتمع الدولي، ناهيك عن الدول القائمة فعليًّا التي لا ترغب أية دولة على تجزئتها وتقسيمها، وفي الوقت عينه فإنه سيثير شهيّة قيام كيانٍ مستقلٍّ لدى المجموعات الثقافية المختلفة، التي تريد التعبير عن هويتها الخاصة بالانعتاق والتحرّر بعد شعورٍ بالهيمنة والاضطهاد، وقد يخلقُ مثل هذا الأمر نزاعاتٍ مسلّحةٍ وصراعاتٍ حربيّةٍ تتداخل فيها المصالح الإقليميّة والدوليّة، فضلًا عن افتراض اللجوء إلى حلولٍ غير قانونيّةٍ أحيانًا، لاسيّما إذا شعرت إحدى القوى المتصارعة أنّ القضاء الدولي ومحكمة العدل الدوليّة قد لا تكون إلى جانبها، سواءً حكومة أو شعبًا مستضعفًا يريد التعبير عن هُوّيته الفرعيّة (22).

المصادر والهوامش

 (1)انظر: شيّا، رياض شفيق- حقوق الأقليات في ضوء القانون الدولي، دار النهار، ط1، بيروت، حزيران(يونيو)، 2010، ص 295 وما بعدها.

(2) تأسست الأممية الاشتراكية الثانية في 14 تموز(يوليو) 1889 بعد وفاة ماركس بست سنوات، في باريس بعد توحيد الحركة الاشتراكية في بلدان أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وضمت الأممية الثانية أكثر من 20 بلداً في حين كانت الأممية الأولى قد تأسست في 28 أيلول (سبتمبر) 1864 واستمرت في العمل حتى عام 1876،

أنظر: لينين، ف، إ – المختارات، 10 مجلدات، المجلد السادس، دار التقدم، موسكو، 1975-1979، ص 51-55.

انظر كذلك: شعبان، عبد الحسين- القضايا الجديدة في الصراع العربي –الإسرائيلي، دار الكتبي، بيروت، 1987، ص 62-63.

(3)انظر: شيّا، رياض شفيق- حقوق الاقليات في ضوء القانون الدولي، دار النهار، بيروت، 2010، ص 257 و296 .

(4) انظر: مجموعة من المؤلفين السوفييت بإشراف: بوناماريوف، غروميكو، خفوستوف- تاريخ السياسة الخارجة للاتحاد السوفيتي، ج1، 1917-1945، موسكو، 1975، ص 30 وما بعدها.

انظر كذلك: تونكين، ج، أ- الصراع الآيديولوجي والقانون الدولي، ترجمة سرنسكا ميلنا عن الروسية، براغ، 1968، ص 70-71 (باللغة التشيكية).

(5) H.W.V Temperley – History of the peace conference of Paris, Vol. 1., London, Oxford university  press, 1920. Pp. 160-161

(6)انظر: المصري، شفيق- الحق في تقرير المصير في تطوره القانوني، أبحاث الجامعة الأمريكية في بيروت، 1997، ص 39.

انظر كذلك: السيد حسين، عدنان- حق تقرير المصير، القضية الأرمنية نموذجاً، مركز الدراسات الأرمنية، 1998، ص 21-46.

(7) قارن: المصري، شفيق، الحق في تقرير المصير في تطوّره القانوني، المصدر السابق، ص 40 .

 انظر : شيّا، رياض، حقوق الأقليات في القانون الدولي، مصدر سابق، ص 299.

(8) انظر: شعبان، عبد الحسين، القضايا الجديدة في الصراع العربي- الإسرائيلي، مصدر سابق، ص 61-62.

أنظر كذلك: نص ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، نيويورك، الأمم المتحدة، (آذار 1995.

(9) أنظر: شكري، محمد عزيز(الدكتور)- المدخل إلى القانون الدولي العام وفق السلم، دار الفكر، ط4، دمشق، 1980، ص 183.

(10) أنظر: شعبان ، عبد الحسين- القضايا الجديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، مصدر سابق، ص 62-63.

(11) انظر: شعبان ، عبد الحسين- الإنسان هو الأصل- مدخل إلى القانون الدولي وحقوق الإنسان، مركز القاهرة، 2002.

أنظر كذلك: شعبان، عبد الحسين- محاضرات على طلبة الدراسات العليا، جامعة صلاح الدين، أربيل، السنة الدراسية 1999-2000

قارن كذلك: ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ، مصدر سابق.

(12) قارن: نصوص العهدين الدوليين في: البسيوني، محمود شريف، حقوق الإنسان، المجلد الأول، الوثائق العالمية والإقليمية.

(13) انظر: شيا،  رياض شفيق – حقوق الأقليات في ضوء القانون الدولي، المصدر السابق، ص 306.

(14) انظر:  شيّا، رياض شفيق- حقوق الاقليات في ضوء القانون الدولي ، مصدر سابق، ص 307.

انظر كذلك: Bessom, Samantha and Jasioulas, John- The philosophy of International Law, Oxford

university press,2010.

(15) انظر: نص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514 الصادر في 14 كانون الأول (ديسمبر) العام 1960 في  www UN.org/general assembly resolutions 

(16) انظر:  شيّا، رياض شفيق- حقوق الاقليات في ضوء القانون الدولي ، مصدر سابق، ص 311

(17) انظر: شعبان، عبد الحسين- الصراع الأيديولوجي في العلاقات الدولية ، دارالحوار، اللاذقية، 1985، ص 89 وما بعدها.

(18) انظر: المصري ، شفيق ، مصدر سابق، ص 45

(19) Waldron, Jeremy- the philosophy of international Law, Ibid, p 397-400  . Kymlicka, will, Ibid, p.

377-378.

(20) انظر: المناقشات الحيوية التي نقلها الأستاذ شيّا، رياض شفيق في كتابه القيّم – حقوق الأقليات في ضوء القانون الدولي، مصدر سابق ، ص 295-319..

(21) أنظر: شعبان، عبد الحسين- السيادة ومبدأ التدخل الإنساني، محاضرة في جامعة صلاح الدين، إربيل، 2000 (صدرت بكراس لاحقاً عن الجامعة ).

(22)  الأساس في هذا النص محاضرة ألقيت في المؤتمر الأكاديمي الذي نظّمته وزارة الخارجية الجزائرية بحضور مفكرين وقانونيين ودبلوماسيين وأكاديميين بارزين، حيث شكّل إضاءة مهمة في الفقه القانوني ارتباطاً مع مبدأ حق تقرير المصير الذي على الرغم من صدور القرار 1514 الخاص بتصفية الكولونيالية ما يزال موضوعاً راهنياً يستوجب البحث والتنقيب وإيجاد الآليات الدولية المناسبة، خصوصاً التزام المجتمع الدولي بتطبيقاته المختلفة. وكان هذا المؤتمر قد التأم في العاصمة الجزائرية 13/14ديسمبر/كانون الأول 2010 لمناسبة الذكرى الـ50 لصدور "قرار تصفية الكولونيالية" العام 1960 .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


[*]  تنشر مجلة الهدف بحثًا للأستاذ الدكتور عبد الحسين شعبان، قدّمه إلى اتحاد الحقوقيين الديمقراطيين العالمي في الذكرى 75 - 76 لتأسيس الأمم المتحدة، وقد نشر باللغة الإنكليزية في مجلة IDAL  ( (VOL. 3 . ونظرًا لأهميته تعيد الهدف نشره باللغة العربية بترجمة الأستاذة سوزان أبو حسن. وذلك بمناسبة الذكرى 75 للنكبة، تعميمًا للثقافة الحقوقية والقانونية.