Menu

معركة جنين: دفاعٌ عن الوجود الفلسطيني

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

إذ يعلن العدو مرارًا وتكرارًا وبكلّ طريقةٍ أنّه ماضٍ في سياساته الإرهابيّة لضمّ الجزء الأكبر من أراضي الضفّة الغربيّة المحتلّة؛ فإنّ الجواب الفلسطيني يجب ألا يكون إلا مقاومةً وتصديًّا وعنفوانًا وجبهةً وطنيّةً واسعة، تشعل مواجهةً مفتوحةً بكلّ الأدوات الممكنة في وجه هذا العدو.

نَزَفَ شعبُنا من دمه الحي، أمس، في مخيّم جنين، لكن هؤلاءِ الشهداء قد رسموا خطًّا جديدًا في معادلة الصراع مع العدو، فإعطابُ الآليّات وإصابة مروحيّات العدوّ المقاتلة، ليس أمرًا اعتاده هذا العدو، بعد أن ظنّ منذ سنواتٍ أنّه أخضع ضفّةَ الصمود الفلسطيني وأهلها، وأنّ المقاومة في الضفة لن تتجاوز حدود الهبّات القصيرة.

إنّ تراكم التضحيات التي تقدّمها جماهيرُ شعبنا في الضفّة يثبتُ يوميًّا أنّه كفيلٌ بكسر كل التوقّعات وتجاوزها، وتحطيم ما ظن العدو أنّه خطوطٌ حمراء ومحوه، أو مدى زمني محدّد لهذا الفعل المقاوم، فالمؤكّد أنّ العدو والصديق ينظر اليوم لما تجاوز كلّ التحليلات التي سجّلت حول إمكانيّات تطوّر فعل المقاومة في الضفّة؛ رغم ذلك من المهمّ الالتفات إلى أنّ هذا الطريق طويل، وفيه محطّاتٌ يوميّةٌ من التضحيات، كما أنّ العوائق وأدوات القمع والإجرام الاحتلالي ما زالت تفعل فعلها، وكذلك ما نعانيه وطنيًّا على مستوى المشهد السياسي المنقسم، واضمحلال دور بنى اجتماعيّة ومؤسّسات واتّحادات وأطر كان يفترض أن تكون رافدًا لهذه المقاومة، وحصنًا يحيط بأهلها ويذود عنهم، وشبكة دعمٍ وإمدادٍ واحتضان، تسعف تلك المناطق المستهدفة بالعدوان الاحتلالي المتصاعد.

هذا يتطلبُ ما هو أكثر من التوصيف؛ فالطريق الذي اشتقّه شعبنا، وتقدّم فيه المقاومون الصفوفَ مضحّين بدمهم، يحتاج لرفده بنهوضٍ وطني شامل، تسهم فيه القوى الوطنيّة والبُنى الرسميّة، والأطر الشعبيّة، وهو أمرٌ أثبتت تجارب شعبنا أنّه ممكن، فمقومات النهوض الوطني لم تزل قائمة، وإرادةُ شعبنا الحي كفيلةٌ باحتضان أي التقاءٍ وطني وسياسي حول هذه الأهداف الوطنيّة المحوريّة.

إنْ كانت الأولوية الوطنيّة هي حماية الضفّة من عمليّة الضم، وحماية الوجود الفلسطيني في أغلب أجزائها، فإنّ هذا المسار يبدأ أوّلًا بمسارعة كلّ الأطراف الوطنيّة لتحمّل مسؤولياتها، والتلاقي على استراتيجيّةٍ وطنيّةٍ وبرنامج مهمّاتٍ كفيلٍ بتعزيز قدرة شعبنا في هذه المواجهة، وتطوير عوامل انتصاره.

لقد أثبتت جنين وأبطال نابلس وطولكرم وأريحا و القدس وطوباس، أنّ الانتصار ممكن... نعم إنّ ما تحقّق هو انتصاراتٌ جزئيّة، مقابل أثمان باهظة، ولكن من قال إنّ ثمن الاستسلام أو الركون أو الصمت سيكون أقلّ أو أهون؟

ما هو على المحكّ وتحت التهديد ليس كتلةً هائلةً من أراضي فلسطين سيضمها العدو ويملأها بالمستوطنين المعادين لوجودنا فحسب، ولكن قدرتّنا على الفعل الوطني دفاعًا عن وجودنا، وأيضًا هذا الوجود برمّته؛ فالسماح باستئصال وجودنا وطرد أهلنا في أي بقعةٍ من فلسطين دون أن نتداعى وطنيًّا للمواجهة والتصدّي، هو فتحٌ للباب أمام العدوّ ليطمع ويعزّز مساعيه لإنهاء وجودنا برمّته، بكلّ معانيه السياسيّة والماديّة.