Menu

مشروع "التوربينات" لن يمر..

تقريرثورة الجولان.. انتفاضة عارمة في وجه مشاريع حكومة المستوطنين

أحمد نعيم بدير

الجولان السوري المُحتل _ خاص بوابة الهدف

على مدار ثلاثة أيامٍ متواصلة، سطّر أهالي الجولان السوري المُحتل أروع صور البطولة والفِداء في مواجهة ترسانة الاحتلال العسكريّة، التي تنوي سرقة أراضيهم وابتلاعها لصالح المشاريع الاستيطانيّة، تحت حججٍ وذرائع واهية، إلّا أنّ يقظة أهالي الجولان وعروبتهم متنبّهة لهذه المشاريع ليس فقط من اليوم، بل منذ سيطرة الاحتلال على هذه الجغرافيا بقوّة السلاح.

خلال الأيّام الماضية، أصيب العشرات من أهالي الجولان بجراحٍ مختلفة؛ إثر قمع شرطة الاحتلال للاحتجاجات والتظاهرات التي نظّمها الأهالي، حيث استقدم الاحتلال قواته الخاصّة التي قامت بتطويق قرى وبلدات عدّة بمُشاركة الطائرات المُسيّرة والخيول، فيما منعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى.

20230621084504afpp-afp_33kj9hf.h.jpg

وفي مقابل ذلك، أعلن الأهالي أنّهم سيقدّمون أرواحهم فداءً لأرض الجولان المُحتل، وقرّروا مواجهة أي محاولة لتطبيق مشروع "التوربينات الهوائيّة" على أراضيهم ومجابهتها؛ إذ جرى إعلان الاستنفار في قرى (مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنيا)، ردًّا على ممارسات سلطات الاحتلال التعسفيّة والإجراميّة.

"تهدئة مؤقّتة"

يقول عميد الأسرى السوريين، الأسير المُحرّر صدقي المقت في حوارٍ خاص مع "بوابة الهدف الإخباريّة"، إنّ "آخر ما تم التوصّل إليه هو صيغة "تهدئة مؤقّتة" مع سلطات الاحتلال ووقف الممارسات العدوانيّة إلى ما بعد عيد الأضحى، ونحن في الجولان على أتم الاستعداد وفي جاهزيّة تامّة لاستئناف المواجهة والتصدّي بكل الوسائل لهذا الإجرام الذي يهدف لسرقة أراضي شعبنا في الجولان".

ويؤكّد المقت، أنّ "ما يجري في الجولان ثورة حقيقيّة، لا سيما وأنّ الجديد في الأمر هو بدء التطبيق الفعلي لمشروع "التوربينات الهوائيّة" على أراضي الجولان من قِبل الاحتلال وبشكلٍ عملي، وكل ما كان يحصل في الماضي هو إطلاق تحذيراتٍ بشأن هذا المشروع، ولكن في يوم 20 يونيو/ حزيران الجاري بدأت آليات إحدى الشركات الخاصّة بحماية قواتٍ هائلة من شرطة الاحتلال في عمليات الحفر الفعلي على الأرض؛ أي دخلنا في المرحلة التنفيذيّة وأعلنّا عن الثورة العارمة التي شاهدها الجميع عبر وسائل الإعلام بمُشاركة كل أطياف الجولان السوري العربي المُحتل".

20230621084504afpp-afp_33kj9hg.h.jpg

القضية وطنيّة بامتياز..

ويُشدّد المقت للهدف، أنّه "وعلى مدار سنوات احتلال الجولان منذ العام 1967، لم تحظَ أي قضيّة بإجماعٍ قلّ نظيره، مثل الإجماع الذي تحظى به هذه القضية، فهناك رفضٌ واسعٌ وتأكيدٌ جماعي على ضرورة رفض هذا المشروع"، مُشيرًا إلى أنّ "أهالي الجولان يرفضون مشروع "التوربينات الهوائيّة" أوّلًا وبشكلٍ أساسي من منطلقٍ وطني، وهذا هو أهم اعتبار؛ لأنّ هذا المشروع يهدف لسرقة الأرض التي تعود ملكيتها للسكّان في الجولان وليست أراضي عامّة، وخلال السنوات الماضية أنجز الاحتلال الجزء الأوّل من المشروع من خلال إقامة مزرعتين الأولى في شمال الجولان، والثانية في وسط الجولان، وجرى تنفيذ هذه المرحلة على أراضي القرى المهجّرة التي وضع الاحتلال يده عليها عام 1967، وأقام عليها "التوربينات"، أمّا الجديد اليوم هو تنفيذ المرحلة الثانية والبدء بإقامة "توربينات" على أراضي مملوكة لأهالي الجولان، ونحن لا نميّز بين مشروعٍ وآخر، بل جميع هذه المراوح مرفوضة؛ سواء في القرى المهجّرة أو في الأراضي ذات الملكية الخاصة، فكلها مشاريع احتلاليّة استيطانيّة نرفض تطبيقها على أرضنا".

ويُذكر أنّ مخطّط التوربينات أو ما يُعرف بالمراوح الهوائيّة يتضمّن تركيب نحو 52 مروحة هوائيّة عملاقة، ومصادرة نحو 600 دونم من أراضي أبناء الجولان المحتل وتهجيرهم من منازلهم، فيما حذَّرت دراسات علميّة من أنّ المشروع ستكون له انعكاسات صحيّة على أهل الجولان، من خلال الضجيج الذي تتسبب به المراوح، والأمواج تحت السمعيّة التي تصدّر عنها، كما لها آثار ضارة على الجسم، ويُصاب إنسان من بين أربعة بها.

ويُشير المقت خلال حديثه: "الاعتبار الثاني لرفض مشروع المراوح هو اعتبار بيئي وصحي واقتصادي، لأنّ إقامة هذه المراوح يعني تدمير اقتصادنا الزراعي والسياحي في الجولان، وأيضًا هناك مخاطر صحيّة وبيئيّة في ظل أنّ هذه المراوح الضخمة لا تبعد سوى أمتار قليلة عن قرانا، وبمُحاذاة السياج الفاصل بين الجولان السوري المُحتل والوطن الأم، أي قريبة من قرى سوريّة محرّرة في الوطن، وتعد خارج الاحتلال".

ثورة حقيقيّة تتبلور معالمها..

وبالعودة إلى التصدّي البطولي الذي نفّذه أهالي الجولان خلال الأيّام القليلة الماضية، كان واضحًا أنّ الاحتلال تعامل بحقدٍ شديدٍ مع الأهالي المشاركين في هذه الاحتجاجات، يرى المقت أنّ "الاحتلال استخدم كل وسائل القمع، سواء قنابل الغاز، أو إطلاق الرصاص الحي على بيوت المدنيين العزّل في قرية مسعدة، وطال هذا الرصاص الأطفال والنساء، والواضح أنّ الاحتلال صُدِم من قوّة أهالي الجولان وشراستهم في رفضهم لهذا المشروع الاستيطاني، وشاهد أيضًا الحماس والاندفاع الهائل من شباب الجولان عند مواجهة قوات الشرطة الاحتلاليّة، وإلى جانب ذلك، فإنّ هذا القمع العنيف جدًّا يُسقط القناع عن الوجه الحقيقي لهذا الاحتلال، فهذا احتلال قمعي فاشي عنصري، وفي ظل وجود حكومة المستوطنين الفاشيين التي تريد سرقة الأراضي وابتلاعها، فهذه حكومة أشد المتطرفين في كيان الاحتلال، ويوم أمس حاصر الشبّان مركز شرطة الاحتلال في قرية مسعدة، واقتحموا هذا المركز وحطّموا السيارات والمحتويات الموجودة بداخله، لذلك جن جنون الاحتلال من هول هذا المشهد البطولي الوطني المشرّف".

ويُشار إلى أنّ المراوح التي ينوي الاحتلال إقامتها على أراضي الجولان تتسبّب بأضرارٍ بيئيّة؛ إذ ستكون قاتلة للطيور التي تمر من المنطقة، وستؤثّر على أشجار الكرز والتفاح التي تنتشر في الجولان الذي يشكّل موطنًا للطيور المهاجرة، فيما يكمن الخطر في مشروع الاحتلال أنه بعيد عن بلدة مجدل شمس فقط 1000 متر، وعن مسعدة 1600، وبقعاثا 1800؛ الأمر الذي يسهم بزيادة الاكتظاظ في هذه البلدات ومُحاصرة أهلها.

20230621084555afpp-afp_33kj9hw.h.jpg

"التهدئة" فرصة لرص الصفوف

وفي أكثر من مرّة خلال حديث المقت للهدف، شدّد "أنّنا أمام ثورةٍ حقيقيّةٍ لأهالي الجولان الذين فشل الاحتلال في تدجينهم وأسرلتهم، فهذه الثورة يقودها أناس مستعدون للتضحية بأرواحهم من أجل وطنهم، وهم ليسوا فقط على استعداد للمواجهة والمقاومة، بل إنّ هناك شرائح كبيرة في الجولان عبّرت عن غضبها واستيائها من مسألة "التهدئة المؤقّتة"، ورغم علمنا بأنّ هذه "التهدئة" خديعة من طرف الاحتلال ليحشد قواته، وافقنا عليها لنستجمع قوانا وتنظيم صفوفنا من أجل الانطلاق مرّة أخرى، ولكي نكون أشد قوّة وعنفوان لمقاومة هذا المشروع الاستيطاني ورفضه؛ لأنّ معركتنا طويلة مع هذا الاحتلال، وليست معركة يوم أو يومين، لذلك لا نريد استنزاف طاقاتنا في أوّل جولة من المواجهة".

جيلٌ جديد يُفاجئ الاحتلال..

ولعلّ أبرز ما فاجأ الاحتلال خلال الأيّام الماضيّة هو الجيل الجديد من الشباب في الجولان السوري المحتل، ومدى شراسته ورفضه لكل مشاريع الاحتلال التي تهدف للتهويد والأسرلة، وليس مشروع "التروبينات" فقط، يؤكّد المقت في ختام حديثه مع "الهدف"، أنّ "هذا أهم إنجاز خلال الأيّام الماضية؛ لأنّ الاحتلال كان يعتقد أنّه استطاع تدجين الجولان وتدجين جيل بأكمله أصبح جاهزًا للأسرلة والانغماس كليًّا في الحياة "الإسرائيليّة" والمشروع الصهيوني، إلّا أنّه تفاجأ بأنّ هذا الجيل هو أشد شراسة من الجيل الذي سبقه، فهذا الجيل الجديد أبدى بسالة غير عاديّة، وواجه شرطة الاحتلال بصدورٍ عارية، وبقبضاته وبإيمانه بالقضيّة وعدالتها، ولا يمكن أن ننسى مشهد الشبّان حين كانوا يندفعون للمواجهة مع كامل إدراكهم أنّهم أمام أعتى ترسانة عسكريّة، إلّا أنّهم سطّروا صورة وطنيّة مشرّفة، وخاصّة أمام مركز شرطة الاحتلال في قرية مسعدة المحتلة، فهناك كانت البطولة بأجمل وأبهى صورها عندما تمكّن الشبّان من فتح البوابة الرئيسيّة والدخول إلى ساحة المركز وتكسير سيارات الشرطة، فهذا مشهد لا يمكن وصفه؛ لأنّ جنود الاحتلال وقفوا عاجزين ومذهولين أمام هذا المشهد".

20230620120341afpp-afp_33kg3d9.h.jpg

الجولان سيعود للوطن لا محالة.. 

الخارجيّة السوريّة في بيانٍ لها، قالت إنّ "قيام قوات الاحتلال المجرمة باستقدام تعزيزات كبيرة بهدف إرهاب أهلنا المتجمعين في قرية مسعدة في الجولان العربي السوري المحتل، واعتداءاتها الوحشية التي أدت إلى إصابة نحو مئة شخص من أهلنا واعتقال عدد آخر، إنما تؤكّد مجددًا أنّ الإرهاب كان وما زال نهجًا متأصلاً لدى سلطات الاحتلال، وهي التي تستمر في ازدراء قواعد القانون الدولي وتهميش أحكام ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها التي تؤكّد بشكلٍ لا لبس فيه أنّ الجولان كان وسيبقى عربيًا سوريًا، وأنّ احتلال للجولان لاغٍ وباطل".

وشدّدت الوزارة، أنّ "وقفة العز التي سطّرها أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل تؤكّد مجددًا أنّ الاحتلال زائل لا محالة، وأنّ مشاريع الاحتلال ومخططاته الاستيطانيّة أضعف من أن تزحزح الانتماء الوطني الراسخ لأهلنا في الجولان وأعجز من أن تفلح في تأخير عودة الجولان كاملاً إلى الوطن".

ويُشار إلى أنّ الجمهوريّة العربيّة السوريّة تؤكّد دائمًا أنّ الجولان المُحتل جزءٌ لا يتجزأ من أراضيها، وتعمل على إعادة كل ذرةٍ من ترابه إلى الوطن بكل الوسائل المتاحة باعتباره حقًّا أبديًّا لا يسقط بالتقادم، كما تؤكّد دعمها لأهله في مقاومتهم الاحتلال ورفضهم سياسة نهب الأراضي والممتلكات التي يتبعها الاحتلال في الجولان بما في ذلك إقامته المستوطنات على أراضيه

وفي الثالث من ديسمبر 2020، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة مُجدّدًا وبالغالبية على سيادة سـوريـا على الجولان السوري المُحتل، واعتبار كل إجراءات الاحتلال الصهيوني فيه "باطلة ولاغية"، حيث يُطالب القرار "إسرائيل" بـ"الانسحاب من كامل الجولان السوري المحتل، حتى خط 4 حزيران/ يونيو عام 1967"، وأن "تمتثل للقرارات المتعلّقة بالجولان"، وفي حينه صوّت لصالح مشروع القرار 88 دولة، بينما اعترضت عليه 8 دول، بالإضافة لكيان الاحتلال، فيما امتنعت 62 دولة عن التصويت.