Menu

تقريرفتح الاحتلال مطار "رامون" أمام أبناء شعبنا في الضفة وغزة.. خطوةٌ عنصرية بغلاف "التسهيلات"

مطار رامون الاحتلالي

خاص بوابة الهدف

أثيرت في الأيّام القليلة الماضية، قضيّةُ سماح سلطات الاحتلال الصهيوني لأهالي قطاع غزّة بالسفر من خلال ما يُسمّى مطار "رامون"، وذلك بدءًا من تاريخ 5 يوليو/ تموز القادم، وتنظيم رحلاتٍ سياحيّة من القطاع إلى تركيا ذهابًا وإيابًا.

ورغم أنّ سلطات الاحتلال لم تعلن الأمر بشكلٍ رسمي، إلّا أنّ شركات سياحة فلسطينيّة أصدرت إعلانات عديدة على صفحاتها الرسميّة بمواقع التواصل الاجتماعي تفيد باعتزام إطلاق رحلاتٍ جويّة لأهالي قطاع غزّة والسفر من مطار "رامون" تجاه الأراضي التركيّة كل يوم أربعاء.

هذه الإعلانات التي نشرتها شركات السياحة، جاءت بعد ساعات من خبر أوردته القناة 12 العبريّة؛ إذ ادّعت فيه أنّ "هناك موافقة على تسيير رحلتين ضمن برنامج تجريبي لسكّان قطاع غزّة عبر مطار رامون، ويشترط للأشخاص الراغبين في السفر الحصول على تصريحٍ أمني "إسرائيلي".

هذا الأمر أثار حفيظة الكثيرين، ومنهم الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، التي أصدرت بيانًا أكّدت فيه اليوم، الإثنين، أنّ عودة الحديث عن مخطّطات العدوّ لتشغيل مطار "رامون" لسكّان الضفّة وغزّة سيُفشلُها شعبُنا الفلسطينيّ.

ورأت الشعبيّة، أنّ مخاطرَ هذه الخطوة الصهيونيّة تهدفُ إلى عزل شعبنا عن عمقه وامتداده العربي، داعيةً إلى رفض السفر عبر مطار "رامون" باعتباره تكريسًا لوقائعَ يفرضُها الاحتلالُ ضمنَ مخطّطات الضمّ والإلحاق والتبعيّة، فيما طالبت السلطةَ الفلسطينيّةَ واللجنةَ الإداريّة في غزّة لاتّخاذ الإجراءات اللازمة، التي تُفشل مخطّطات العدوّ ومنعه من استغلال حاجة المواطنين للسفر، وإلى بذل جهودٍ مع الأشقاء لتخفيف معاناتهم في السفر عبر معبري رفح والكرامة.

وتعقيبًا على ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو في مقابلةٍ مع "بوابة الهدف الإخباريّة"، أنّ "هذا التوجّه الاحتلالي يأتي في سياق خدمة حكومة اليمين المتطرّف، فلا يُمكن لحكومة نتنياهو القيام بأي شيءٍ إيجابي تجاه الفلسطينيين من دون عائدٍ سياسي كبير على هذه الحكومة المعروفة بعدائها الكامل تجاه الفلسطينيين، وهذه الخطوة جاءت لترتيب أولويات الحكومة التي ضُربت في العمق خلال المواجهات والمقاومة الشرسة التي تواجهها في الضفة الغربيّة، من خلال التركيز على الجبهة الشماليّة والملف النووي الإيراني في ذيل الأولويات، ويعملون الآن على "تحييد" قطاع غزّة من خلال تقديم رشاوى سياسيّة لقطاع غزّة من أجل ضمان الهدوء وعدم خلق حالة من الإزعاج لدولة الاحتلال".

ويُؤكّد سويرجو، أنّ "الاحتلال يُحاول تثبيت معادلة مفادها أنّه لا يوجد أي خطرٍ من الجبهة الجنوبيّة؛ لأنّ هذه الجبهة تقبل بهذه الرشاوى السياسيّة، إلى جانب أنّ هذه الخطوة – السفر من خلال رامون – تضرب المصالح الاستراتيجيّة للشعب الفلسطيني في العمق من خلال توتير العلاقة، خاصّة مع جمهورية مصر العربيّة والأردن"، مُشدّدًا أنّ "المطلوب أن يكون هناك موقف فصائلي جامع في مواجهة هذا التوجّه، كما فعلت اليوم الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين".

خطوة ستضر بفكرة المقاومة:

ويُشدّد سويرجو خلال حديثه مع "الهدف"، أنّ "موقف الجبهة الشعبيّة الذي أصدرته ودعت فيه أبناء شعبنا لرفض السفر من خلال "رامون"، هو موقفٌ متقدّم، ووضع العربة أمام الحصان، سواء أمام حكومة نتنياهو، أو أمام حكومة غزّة، المطلوب منها موقف واضح من هذا الإجراء وألّا تتصرّف فقط باعتبارها حكومة، بل عليها النظر جيدًا في المصالح الاستراتيجيّة للشعب الفلسطيني، وألّا تنسى أنّها حكومة مقاومة، وأنّ هذه الخطوة ستضر بفكرة المقاومة التي يتبنّاها أبناء شعبنا بقوّة الآن في الضفة، وعليها أن تتنبّه أنّ "تحييد" قطاع غزّة هو ضربة كبيرة لتصاعد قوّة المقاومة في الضفة الغربيّة".

وفي رسالةٍ لأبناء شعبنا في القطاع، يُؤكّد سويرجو، أنّه "وبكل تأكيد لا خير يأتي من دولة الاحتلال، وعلينا مواجهة كل الخطوات التي يقوم بها الاحتلال المسؤول الأوّل عن قطاع غزّة، كونه يفرض حصارًا مشدّدًا عليه من الجهات كافة، وأي "تسهيلات" تقدّم هي من ضمن القانون الدولي كون قطاع غزّة يقبع تحت الاحتلال".

ومن ضمن المواقف الرافضة لهذا المشروع، حذّرت الجبهة الديمقراطيّة لتحرير فلسطين، من خطورة التعامل مع المخطط "الإسرائيلي" لتشغيل مطار "رامون" لسفر الفلسطينيين من الضفة وغزّة.

وشدّدت الديمقراطيّة في بيانٍ لها، أنّ دولة الاحتلال رأت نتاج التفاهمات الأمنية ومقاربات تقليص الصراع والحل الاقتصادي تقدّم تسهيلات اقتصاديّة ومعيشيّة استعاضةً عن الحل السياسي مقابل الحفاظ على "أمنها".

توجّهات لها أهداف اقتصاديّة

وفي السياق، يقول المحلل السياسي محمود مرداوي لـ"بوابة الهدف"، إنّ "هناك هدفًا اقتصاديًّا للاحتلال من وراء هذا الأمر، وخاصّة أنّ مطار "رامون" عند افتتاحه لم يذهب لاستخدامه أحد من الصهاينة، واتّضح أنّه بعيد عن المستوطنين، ومطار "بن غوريون" أقرب لهم نظرًا لوجوده في منطقة "اليهوديّة" وهي أرض فلسطينيّة الأصل وقريبة من اللد، وبعد أن صرف الاحتلال ما يزيد عن مليار دولار على تدشين مطار "رامون" لا يريد أن تذهب هذه الأموال في الهواء، ويريد استثماره بشتى الطرق، وإذا تمكّن من قطع خط سفر " الأردن تجاه تركيا" سواء من جنوب الضفة أو من قطاع غزّة، فإنّه يحيي هذا المرفق ويُبرّر الإنفاق المكلف جدًّا على هذا المطار".

ويُضيف مرداوي: "في كل الأحوال، الاحتلال يريد ربط الفلسطيني سواء في قطاع غزّة أو في الضفة الغربيّة بمرافقه الحيويّة حتى يتذرّع ويدّعي أنّه يوفّر ويُسهّل كل ظروف السفر للفلسطينيين، وأنّ مطلب الفلسطينيين بالاستقلال وبحقهم في السفر والتنقّل بحريّة له حل وهو تنقّلهم من خلال مطارات ومرافق وقطاعات الاحتلال المختلفة، إلّا أنّ كل ذلك لا يُغيّر من المعادلة شيء، حيث إنّ الإجراءات الأمنيّة المشدّدة ستبقى كما هي، أي من لا يستطيع السفر من خلال معبر رفح أو من خلال جسر الملك حسين أو أي مخرج آخر لن يستطيع السفر من مطار "رامون" إلى خارج فلسطين".

مشروع احتلالي يجب محاربته

ويُؤكّد مرداوي، أنّ "الفرصة التي يُراد لها أن توفّر عائدات تعوّض الإنفاق على هذا المرفق وسد الأبواب أمام مطالب الاستقلال والحريّة لشعبنا الفلسطيني، لذلك المطلوب تمكين شعبنا من موارده وتوفير ميناء ومطار مستقل وخط يربط الضفة الغربيّة بقطاع غزّة، وهذا يحتاج إلى نضال طويل من شعبنا، وعلينا أن نكون على وعي تام بأنّ كل هذه التي تقدّم على أساس أنّها "تسهيلات" هي بمثابة توثيق ربط الفلسطيني بالمحتل، لذلك فإنّ مطار "رامون" لا يختلف عن "بن غوريون" فجميعها مرافق احتلاليّة يريد الاحتلال منها أن يحكم شعبنا وفق أجندته ورغبته، ولا يريد لشعبنا أن يأخذ حريته في الخروج والدخول إلى فلسطين، والتبادل التجاري والخبرات مع الدول الأخرى التي تريد الاستثمار في فلسطين، ولكن لا تريد التعامل مع الاحتلال".

كما يُشير مرداوي في ختام حديثه مع "الهدف"، إلى أنّ "على الفلسطيني أن يبقى ملتصقًا بأهدافه ويعمل من أجل تحقيقها، وألّا يوثّق الارتباط مع الاحتلال والاعتماد عليه، حتى لو كان الأمر في ظاهره "تسهيلات" لبعض المسافرين، ولكنّه في مضمونه هو ترسيخ للاحتلال، وعلينا محاربة هذا المشروع الاحتلالي بشكلٍ يُعيد لنا حقّنا في الحريّة والتصرّف، وأن نفعل ما نريد وفق هويتها وحقّنا في وطننا".

خطوة فتح مطار "رامون" أمام الفلسطينيين، وإلى جانب الدوافع الاقتصاديّة للاحتلال من ورائها، فإنّ الأخطر هي الدوافع السياسيّة وتأكيد سياسة الفصل العنصري التي يمارسها الاحتلال ليل نهار بحق شعبنا، ما يستدعي تضافر كل الجهود الوطنيّة رسميًا وشعبيًا من أجل إحباط هذا المشروع العنصري.