Menu

تسرق المياه لصالح المستوطنين

تقريرشركة "ميكروت" تجعل صيف أهالي بيت لحم والخليل أحر من الجمر

أحمد زقوت

خاص _ بوابة الهدف

يستخدم الاحتلال الصهيوني ملف "المياه" بالضفة المحتلة لابتزاز أبناء شعبنا الفلسطيني، كشكلٍ جديدٍ من أشكال العدوان المستمر، فقد خفضت شركة "ميكروت" للمياه التابعة للحكومة الصهيونية الأسبوع الماضي من كميات المياه لمحافظتي الخليل وبيت لحم بنحو 6 آلاف كوب يوميًا، في وقت تشهد فيه البلاد أجواء صيفية ملتهبة.

هذه ليست المرة الأولى، التي تلجأ فيها هذه الشركة الحكومية الصهيونية إلى مثل هذا الإجراء في ذروة أيّام الصيف، فقد فعلت ذلك قبل سنوات عندما أقدمت الشركة، التي تسطو على المياه الفلسطينيّة الجوفية، على ذات الخطوة بحق مدينتي نابلس وسلفيت في سياق سياسة الضغط والتعطيش والعقوبات الجماعية.

وبشأن أسباب خفض كميات المياه، قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقريره الأسبوعي، إنّ "الاعتبارات التي تدفع دولة الاحتلال إلى خفض كميات المياه بين الحين والآخر عن مدن وقرى الضفة الغربية، واضحة، فهذا جزء من آليات الضغط على الجانب الفلسطيني، وهي في الوقت نفسه توفّر كميات أكبر من المياه للمستوطنات لأغراض الاستهلاك المنزلي والصناعي والزراعي بهدف تطوير وتوسيع هذه المستوطنات، فهي سياسة عنصرية واضحة والأرقام تعكس هذه السياسة بوضوح".

وأشار المكتب الوطني، إلى أنّ "معدل استهلاك الفرد "الإسرائيلي" من المياه يزيد بثلاثة أضعاف عن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني، إذ بلغت حصة "الإسرائيلي" نحو 300 لتر في اليوم، أما حصة المستوطنين في الضفة الغربية فيتضاعف إلى أكثر من 7 أضعاف استهلاك الفرد الفلسطيني، وذلك نتيجة السيطرة "الإسرائيلية" الكاملة على أكثر من 85 بالمئة من المصادر المائية الفلسطينية".

ولفت تقرير المكتب الوطني، إلى أنّ "دولة الاحتلال تبرر سياستها هذه بالادّعاء بأن هذا ما تم الاتفاق عليه مع الجانب الفلسطيني في الاتفاقية المرحلية "أوسلو" التي تم التوقيع عليها بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1995 دون الأخذ بالاعتبار بأنّ مفعول تلك الاتفاقية كان لخمس سنوات فقط وبأنه منذ التوقيع على تلك الاتفاقية ازداد عدد السكّان الفلسطينيين بنحو 75% بينما بقيت كميات المياه المخصصة للفلسطينيين على حالها، فدولة الاحتلال لا تسيطر على مصادر المياه الجوفية الفلسطينية فقط، بل تسيطر من خلال الأوامر العسكرية على مصادر المياه السطحية أيضًا".

الأزمة تتفاقم

وعن بداية أزمة المياه، يقول مسؤول سلطة المياه في جنوب الضفة الغربية عصام عرمان، في حديثٍ لـ "بوابة الهدف"، إنّه "منذ بداية شهر تموز الجاري تفاجئنا بتخفيض وقطع كميات كبيرة من المياه، خصوصًا في خطوط المياه الرئيسية لدير شعر وترقوميا المغذية لمحافظة الخليل، مما ينذر بتفاقم الأزمة المائية في المحافظة التي شهدت خلال الأسابيع الماضية انقطاعات متكررة في المياه نجم عنها خسارة كميات كبيرة من المياه بلغت ما يزيد عن أكثر من 40000 كوب".

ويضيف عرمان: "قرار شركة "ميكروت" سيؤدي إلى تخفيض 20٪ في كميات المياه لمحافظتي الخليل وبيت لحم"، موضحّا أنّ "هذا التخفيض من الشركة يأتي تحت ذرائع وجود مشاكل فنية تواجهها في محطة الضخ، وهي مجرد حجج تهدف في النهاية الى تعطيش المواطنين الفلسطينيين".

وحول نصيب الفرد من المياه، يشير عرمان، إلى أنّ "نصيب المستوطن يفوق المواطن الفلسطيني بسبعة أضعاف في كمية المياه، لأنّ الاحتلال يسرق المياه لصالح المستوطنات المحاذية للقرى والمدن الفلسطينية"، لافتًا إلى أنّه "تم التواصل مع شركة "ميكروت" للتوقف عن هذه الممارسات التي تكون دائمًا على حساب أبناء شعبنا في الوقت الذي لا يوجد فيه أي تغير يذكر على المستوطنات غير الشرعية، إلا أنها مازالت ماضية في سياستها التعسفية مما أدى إلى أزمة مائية تشهدها المحافظة".

ويؤكّد عرمان، أنّ "سلطة المياه لديها عدة آبار، وتنتج من 100 إلى 150 كوب ماء في الساعة، وهناك العديد من الطلبات المرفوعة ضمن الإجراءات الرسمية لحفر آبار جديدة للاستفادة منها".

عنصرية مقيتة

من جهته، يؤكّد رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، أنّ "البلدية تفاجأت بقرار شركة "ميكروت" القاضي بتخفيض كميات المياه المزودة لمحافظتي الخليل وبيت لحم"، مشيرًا إلى أنّ "الكمية التي كانت ترد قبل التخفيض غير كافية ولا تفي بالمطلوب حسب المقاييس العالمية".

ويبين أبو سنينة، في تصريحات صحفية، أنّ "طواقم البلدية عملت جاهدةً على تفقد خطوط المياه والآبار والمضخات، حيث لم يكن هناك أي خلل يُذكر، والهدف الرئيسي أصبح جليًا وهو زيادة كميات المياه المزودة للمستوطنين على حساب حصة محافظتي الخليل وبيت لحم".

ويوضّح أبو سنينة، أنّ "هذه الخطوة تؤكد عنصرية الاحتلال المقيتة في موضوع المياه الذي يُعدّ عصب الحياة"، مؤكدًا أنّ "المياه الجوفية هي مُلك للشعب الفلسطيني وتتم سرقتها والسيطرة عليها من قِبل الاحتلال، وبالتالي التحكم فيها وبالكميات المزودة لمحافظات الوطن".

ويبين رئيس بلدية الخليل، أنّ "تخفيض كمية المياه الواردة إلى محافظة الخليل سينعكس سلبًا على فترة انقطاع المياه عن المواطنين"، لافتًا إلى أنّ "دورة توزيع المياه تصل حالياً إلى 21 يومًا، وبعد التخفيض ستصبح الدورة 23 يومًا وربما ستصل أحيانا إلى 30 يوماً وأكثر".

ويعتبر أبو سنينة، أنّ "تخفيض كمية المياه لمحافظتي الخليل وبيت لحم، خطوة ستجر المنطقة إلى ما لا يُحمد عُقباه"، مؤكّدًا أنّ "المواطن لن يقف مكتوف الأيدي أمام حرمانه من المياه في حين يرى بأم عينه تنعم المستوطنين بها".

ويٌشار إلى أنّ رئيس الوزراء محمد اشتية، حذّر من خطورة ما أقدمت عليه شركة "ميكروت" الصهيونية للمياه، من تخفيض حاد لحصص المياه المخصصة لمحافظتي الخليل وبيت لحم.

وقال اشتية، في جلسة الحكومة، إنّ "هذا إجراء عنصري تمييزي خطير يحرم أبناء شعبنا في هاتين المحافظتين من أبسط حقوقهم في المياه، بينما تضاعف دولة الاحتلال كميات المياه لصالح المستوطنين المستعمرين، علماً أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه لا يزيد على 72 لترا يوميا، بينما "الإسرائيلي" يستهلك 320 لترا يوميا".

وتستمر شركة المياه الصهيونية "ميكروت" بالسطو على مياه الفلسطينيين، وتزويد المستوطنات بمياه مسروقة من مصادر فلسطينية، وذلك في إطار عقاب جماعي مفروض من قبل الاحتلال الصهيوني لمفاقمة معاناة المواطنين وإجبارهم على ترك أراضيهم.