Menu

ما هو بند "حجة المعقولية" والتعديلات القانونية المثيرة للجدل؟

حيدر العيلة

"حجة المعقولية" أو "سبب عدم المعقولية"، هو أحد البنود في "القانون الإداري الاسرائيلي" (البديل للدستور) الذي يسمح للمحاكم بممارسة المراجعة القضائية لقرارات السلطات التنفيذية، ومن خلاله تستطيع المحكمة العليا إبطال قرارات صادرة عن السلطة التنفيذية بسبب مخالفته لمعيار "المعقولية" حسب تقدير المحكمة العليا.

ويعتبر معيار المعقولية جزءا من آلية الضوابط والتوازنات، وهو أداة مهمة تستخدمها المحكمة لحماية حقوق الجمهور ضد القرارات التعسفية للحكومة وسلطات الدولة التنفيذية.

ماهي أهداف حكومة نتنياهو من وراء محاولة تشريع التعديلات القانونية؟

بعد انتخابات نوفمبر 2022، ونجاح نتنياهو بتشكيل تحالف من الأحزاب اليمينية، الأكثر تشددا في تاريخ "إسرائيل"، عبرت حكومته عن رغبتها في إحداث تعديلات على سلطات القضاء، الإصلاح القضائي، وخاصة المحكمة العليا، فقوى اليمين ترى أن المحكمة العليا تقف عثرة أمام تحقيق أهدافها، في السيطرة التامة على كل مفاصل الدولة، من خلال تشريع القوانين التي تخدم تلك الأهداف ومنها قانون درعي وقانون حصانة رئيس الوزراء وقانون التغلب وحجة المعقولية وتضييق صلاحيات المحكمة العليا تحديدا، والتحكم في تعيين القضاة، وغيرها من القوانين، وأيضا ترى قوى اليمين أن المحكمة العليا يسارية التوجه ولا تمثل كل شرائح المجتمع بشكل عادل، كما يقول هؤلاء، مشيرين إلى أنها تتعسف في استخدام السلطة المتاحة لها. وخلال الفترة الأخيرة، طالب أعضاء أحزاب اليمين في إسرائيل بإجراء تعديلات على القضاء وخاصة المحكمة العليا، لكونها تعارض توجهات هذا الاتجاه ومشاريعه.

لكن استطلاعا للرأي أجري أخيرا أظهر أن 66 في المئة من الإسرائيليين يرون أن المحكمة يجب أن تبقى متمتعة بسلطة إلغاء أي قانون، إذا كان يتعارض مع القوانين الأساس، وهي البديل للدستور، (فإسرائيل كيان لا دستور له حتى الآن).

وبالنسبة للعرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام ٤٨ ستسهم مخططات الحكومة الجديدة في ترسيخ سياسات التهويد والتمييز العنصري وكذلك توسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإلغاء وسائل "الحماية" القانونية المدنية للفلسطينيين في الضفة و القدس .

أبرز النقاط في التعديلات القانونية التي يسعى نتنياهو وفريقه لإقرارها:

▪ سحب السلطات من بين يد قضاة المحكمة العليا، بوصفها مراقبا على الكنيست (البرلمان) والحكومة.

▪ تقليص صلاحية المحكمة العليا في إسقاط القوانين التي ترى أنها غير قانونية وغير معقولة.

▪ وفقا لهذه التعديلات، فإن بوسع أعضاء البرلمان "الكنيست" وبأغلبية بسيطة رفض قرارات المحكمة العليا وإبطالها.

▪ تمنح التعديلات المقترحة السياسيين صلاحية أكبر في تعيين القضاة، بخلاف ما هو معمول به حاليا، وهو لجنة تضم 9 قضاة من جهات متعددة مثل نقابة المحامين والحكومة والبرلمان والجهاز القضائي.

▪ إلغاء معيار ما يعرف بـ "المعقولية"، إذ تُعطي هذه الحجة الصلاحية للمحكمة لإلغاء أي قرارات حكومية ترى أنها غير منطقية.

 ما هو بند حجة (المعقولية)؟

يحق للمحكمة العليا إبطال أية قرارات تتخذها الجهة التنفيذية بسبب مخالفتها لروح القانون، أو لكونها تعسفية، أو غير منطقية.

وبند المعقولية مشتق من القانون البريطاني، وتعمل به بعض الدول، بما في ذلك "إسرائيل"، التي ورثت النظام القانوني للانتداب البريطاني، وتبلورت “النسخة الإسرائيلية” من "حجة المعقولية" في بداية الثمانينات، ثم وسعتها المحكمة العليا كجزء من زيادة الرقابة القانونية وتحقيق الشفافية.

يسمح بند حجة المعقولية، في شكله الحالي، برفض القرارات التي لا تعطي “الوزن الواجب للمصالح المختلفة التي يجب على السلطة الإدارية مراعاتها في قرارها”. ومثال على استخدام المحكمة العليا لمعيار المعقولية القرار الأخير الذي أقرته المحكمة بإبطال قرار رئيس الحكومة بتعيين آرييه درعي وزيرا في الحكومة كونه مخالف "للمعقولية"، حيث أبطلت المحكمة تعيين آرييه درعي، رئيس حركة شاس، وزيرا في حكومة الائتلاف الحالية، وحسب القرار الذي أصدرته المحكمة، فإن درعي لن يكون قادرا على أن يكون وزيرا في الحكومة الإسرائيلية، بسبب إدانته بقضايا جنائية وسيتعين عليه الاستقالة.

وكتبت رئيسة المحكمة القاضية إستير حيوت، في قرارها أن "درعي أدين بمخالفات فساد خطيرة، والتعيين يتجاوز حدود المعقولية بشكل واضح، والقرار بشأن تعيين درعي وزيرا في الحكومة هو قرار يتجاوز حدود المعقولية بشكل متطرف، وهو الأمر الذي يلزم نتنياهو بإقالته".

كان يمكن لنتنياهو أن لا ينصاع لقرار المحكمة، ولكن سيسجل علية أنه أول رئيس وزراء خالف الأعراف القانونية، ولم ينصاع للقانون، والحكومة التي لا تنصاع للقانون، هي حكومة غير قانونية، ولن يكون بإمكانها مطالبة المواطنين بالانصياع للقانون.

وفي وقت سابق قال رئيس معسكر الدولة بيني غانتس: "الحكومة التي لا تحترم حكم المحكمة لن تكون شرعية" ولن نعترف بها، وسنعمد إلى إسقاطها عبر العصيان المدني. ومثال آخر على قيام المحكمة العليا باستخدام حجة المعقولية هو إلغاء المحكمة لقانون أقره الكنيست، فقد ألغت المحكمة العليا في "إسرائيل"، قانونا سنّه الكنيست، يُشجع العمال الأجانب على مغادرة البلاد.

ووفقا لحكم القضاة، فإن مصادرة المساهمات الاجتماعية للعمال الأجانب، الذي عملوا بشكل قانوني ولم يغادروا "إسرائيل" في الوقت المحدد، هي عقاب "غير معقول"، وألزم القاضي الكنيست والحكومة، صياغة اتفاق آخر في غضون ستة أشهر، وإلا سيتم إلغاء القانون.

ورغم الاحتجاجات الكبيرة المتواصلة، ما زال الائتلاف الحكومي، بقيادة نتنياهو، متمسكا بتمرير مشاريع قوانين "إصلاح القضاء" وسط تلويح حركات الاحتجاج الكبيرة بـ "شل الدولة" حال أقدم نتنياهو على ذلك.

وكان عددا من رؤساء الأركان السابقين ورؤساء سابقين للأجهزة الأمنية، الموساد والشاباك، قد أعربوا عن خشيتهم من أن تؤدي القوانين التي يدفع بها الائتلاف الحاكم تحت اسم "الإصلاحات القضائية" إلى حرب أهلية، واصفين التعديلات القضائية التي تعتزم الحكومة تمريرها بـ"تغيير للنظام" وتغيير معالم الدولة "الديمقراطية".