Menu

"ربينا وكبرنا على حُبّ الوحدات"

تقريرأزمةٌ متصاعدة.. استقالاتٌ في نادي الوحدات الأردني رفضًا للتطبيع

أحمد نعيم بدير

جماهير نادي الوحدات

عمَّان _ خاص بوابة الهدف

أحدث مجلس إدارة نادي الوحدات الأردني جلبةً كبيرة، وذلك بعد أن أعلن مشاركة النادي في بطولة تستضيفها أبو ظبي متهمة بالتطبيع، التي من المقرر أن تجمع الفريق الأردني بنظيره "أهلي دبي" الإماراتي في 15 آب/ أغسطس، ضمن الملحق المؤهل لمسابقة دوري أبطال آسيا، وذلك رغم كل النداءات والمناشدات التي طالبت إدارة النادي بعدم المشاركة في هذه المباراة.

التطبيع خيانة..

وفور ذلك، قدّم 6 على الأقل من مجلس الإدارة المنتخب استقالةً جماعية بعد التصويت على قرار المشاركة، وهم: حاتم أبو معيلش، وأبو علاء العبسي، ووليد السعودي، وغصاب خليل، وعوض الأسمر، ومخلد الكوز، مُعلنين بصوتٍ عالٍ أنّ "التطبيع خيانة"، فيما تعني هذه الاستقالات أنّ إدارة النادي أصبحت غير شرعية، ولا ذات أهلية قانونية؛ أي أنّها سقطت إداريًّا؛ لأنّ قانون الأندية الأردني ينص أنّ هذه الاستقالات تجعل مجلس الإدارة منحلًّا، ومن ثَمَّ على وزارة الشباب المبادرة لتشكيل لجنة إدارة مؤقتة على أن تُجرى انتخابات جديدة لاحقًا.

وبالتوازي، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتغريدات الداعمة لأعضاء مجلس إدارة النادي الذين قدّموا استقالتهم رفضًا للتطبيع، وسخطًا على قرار إدارة النادي الذي "يشوّه تاريخ النادي العريق".

المشاركة تخرق معايير المقاطعة

في هذا السياق، يؤكّد منسق "تجمّع اتحرّك" لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع في الأردن محمد العبسي لـ"بوابة الهدف الإخباريّة"، أنّه "وبعد أن وردت معلومات جديدة، تفيد بأن نادي شباب "أهلي دبي" قد لعب "وديًّا" قبل أيّام مع نادي عيروني طبريا "الإسرائيلي"، فتلك المعلومة كافية لتنسف كل المعلومات التي بُنيت عليها المعايير والأسس المتعلقة بمناهضة التطبيع فيما يتعلق باللاعب "مؤنس دبور"، الذي كان قد لعب سابقًا مع منتخب الكيان الصهيوني، ومن ثمَّ ووفقًا لمعايير المقاطعة ومناهضة التطبيع، فإنّ مشاركة نادي الوحدات ضد نادي شباب أهلي دبي تعدّ خرقًا لمعايير المقاطعة".

ويرى العبسي خلال حديثه، أنّ المطلوب من نادي الوحدات، أوّلًا، الإعلان عن إلغاء اتفاقية التوأمة فورًا مع نادي أهلي دبي، وإدانة الفعل التطبيعي واستنكاره، الذي قام به باللعب مع فريق صهيوني، كذلك إدانة واستنكار أي مواجهة لأندية عربية مع أندية صهيونية، وكل ما يندرج تحت التطبيع الرياضي.

ما المطلوب من نادي الوحدات؟

وأضاف العبسي، أنّ المطلوب أيضًا من النادي "التأكيد على أنه لن يلعب بمحض إرادته مع أيّ نادي مطبّع، أو أن يُبرم اتفاقيات أو يقيم علاقات مع أنديّة متورّطة في التطبيع، والتأكيد على رفضه كل أشكال التطبيع، وأنه لن يكون أداةً لاستخدام أحد لإقحامه في التطبيع".

وشدّد العبسي خلال حديثه مع "الهدف"، على أنّ "المسؤوليّة الوطنيّة والأخلاقيّة تُحتّم علينا فيما لو التزم النادي بما هو مطلوب منه، أن نكفّ عن اتهامه وتجريمه، بل أن نؤدي الدور الإيجابي بالرقابة عليه وعلى جميع مؤسساتنا الوطنية من أندية وجمعيات وهيئات ثقافية... إلخ، وحمايتها من الاستهداف والوقوع في التطبيع".

وأشار العبسي، إلى أنّه "لطالما كانت مسؤولية ودور لجان مقاومة التطبيع توعويّة بالدرجة الأولى، لا تُبرِّر التطبيع، ولا تنزلق في تمييع معايير مناهضته تحت أيّ اعتبار، وفي الوقت نفسه، فإنّها ترتكز على أسس ومنهجيّة، والأهم من ذلك، أن لا ينحصر دورها في زيادة أعداد المُطبِّعين وتعليق مشانق لهم، بل يجب أن تكسب كل من أعلن عدوله عن أفعاله التطبيعيّة، هذا فيما لو كان "مُطبّعًا"، فالمكسب للجان مقاومة التطبيع هو عودة كل من ارتكب خطيئة التطبيع عن الأفعال التطبيعيّة والاعتذار عنها، أو كل من تعامل مع المُطبِّعين، ومن ثَمَّ الخاسر هو الاحتلال، وذلك كون العدو يسعى دائمًا لكسر الحاجز العدائيّ والنفسيّ المفروض عليه، ومن ثَمّ يشعر بأنّه اقترب أكثر من حلمه المتمثّل ليس فقط بوجوده، بل بـ"مشروعيّة" وجوده".

الشارع الأردني يرفض تبييض صورة الاحتلال

وإلى جانب الأعضاء الستة الذين استقالوا من مجلس إدارة نادي الوحدات، أعلنت الفنانة الأردنية جولييت عواد استقالتها من عضوية نادي الوحدات الشرفية، على خلفية قرار مجلس الإدارة المشاركة في الملحق الآسيوي أمام أهلي شباب دبي "الإماراتي" الذي يضم بين صفوفه لاعبًا يمثّل الكيان الصهيوني.

وعبر صفحتها الرسمية، كتبت عواد: "أنا الفنانة الأردنيّة جولييت عواد أعلن استقالتي كعضو شرف من نادي الوحدات".

وأضافت عواد في منشورٍ آخر: "أندونيسيا خسرت تنظيم كأس العالم للشباب، وخسرت مليارات الأموال واستقبال حدث تاريخي من أجل الشعب الفلسطيني، رغم أنّها دولة غير عربيّة، لكنّها كسبت احترام العالم".

أمّا حركة "بي دي إس" الأردن، فكانت قد أكَّدت في بيانٍ لها، أنّ هذه "المشاركة وفي هذه المباراة تعدّ تطبيعًا استنادًا إلى معايير المقاطعة، خاصّة أنّ النادي الإماراتي سبق أن لعب وديًّا مع نادٍ من الكيان الصهيوني، ما يعد "تغطية لجرائم الاحتلال وتبييضًا لصورته، وهو ما يرفضه الشارع الأردني، ولذلك ندعو النادي للمقاطعة التامة للمباراة".

الوضع القانوني للنادي بعد استقالة الأغلبيّة

ومن جهته، قدّم الخبير القانوني وعضو الهيئة العامة لنادي الوحدات وعضو الاحتياط المحامي محمد دغمش، توضيحًا للحالة القانونيّة لنادي الوحدات الذي تأسّس عام 1956؛ إذ قال إنّه "وبعد بيان النادي المخزي بالمشاركة المطبّعة، وبعد قيام أعضاء الإدارة الشرفاء بتقديم استقالاتهم احتجاجًا على القرار، فإنّ الوضع القانوني لإدارة النادي هو دعوة أعضاء الاحتياط".

وتابع دغمش وهو أحد أعضاء الاحتياط الأربعة: "أنا شخصيًّا منهم وأرفض الدخول بهذه الإدارة المعيبة والمطبّعة، لذلك قانونيًّا من المفترض إجراء انتخابات تكميليّة لإكمال مجلس الإدارة، ولكن وبعد وصول عدد الأعضاء المستقيلين إلى 6 فإنّ الإدارة تُحل ويتم تشكيل لجنة مؤقّتة إلى حين الانتخابات".

خالد كردغلي يرفض اللعب: سوريا ترفض التطبيع

وتواليًا لمواقف الرفض، أعلن لاعب منتخب سوريا ونادي الوحدات الأردني، خالد كردغلي، رفضه المشاركة في المباراة التي تجمع فريقه ونادي شباب الأهلي دبي الإماراتي في ملحق بطولة دوري أبطال آسيا 2023.

وشدّد كردغلي في تصريحاتٍ صحفيّة، أنّه أبلغ إدارة نادي الوحدات موقفه بعدم المشاركة، وذلك في ظل وجود لاعب يمثّل كيان الاحتلال في صفوف النادي الإماراتي.

وأكّد كردغلي، أنّه برّر موقفه لإدارة النادي بالاستناد إلى الأنظمة والقوانين السورية التي تمنع كل أشكال التطبيع، ومنها الرياضي.

نادي الوحدات تأسّس في مخيّم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في الأردن عام 1956م، مركزًا شبابيًّا للمخيم، وظلّ تابعًا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وذلك قبل أن ينتقل لإشراف وزارة الشباب والرياضة الأردنيّة عام 1966م، حيث صعد إلى مصاف دوري الدرجة الممتازة عام 1975؛ وفاز بأوّل بطولة دوري عام 1980، ثم توالت البطولات والعصور الذهبيّة.

أمّا د. موسى العزب، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبيّة الديمقراطي الأردني، قرأ هذه التطورات من زاويةٍ أخرى؛ إذ أكَّد أنّ "الوحدات ليس فصيلًا مقاتلًا ولا حزبًا سياسيًّا، وإنّما مجرّد نادٍ رياضي انتزعت منه أصناف الدسم الاجتماعي والثقافي والسياسي كافةً، مع الإبقاء على "الفطبول".. واستهدف مثلما استهدفت النقابات المهنية والعمالية من قبلها، وأدخل إلى مجال التدجين والسيطرة".

وتيرة استهداف المخيم الفلسطيني ترتفع

وأشار العزب في تصريحٍ له، إلى أنّ "الحكومات المتعاقِبة، لا تستطيع أن تتعايش مع وجود قوى منظمة، فتعمل على تفتيتها وإضعافها، وفي الإطار العام، ترتفع وتيرة استهداف النادي حاليًّا مع استهداف المخيم الفلسطيني داخل وخارج فلسطين، وصورة النادي "الرمز" التي ما يزال البعض يحاول إسباغها على النادي ليست أكثر من وهمٍ عند هؤلاء الأحبة، بينما يتم استغلالها من قبل المغرضين لإبقاء جمرات إشعال نار الفتنة والضغائن الإقليمية والهوياتية من وقتٍ لآخر".

ورأى العزب، أنّه "من الواضح أنّ قرار المشاركة مفروض على النادي من خارجه، واستقالة "الأغلبيّة" من مجلس الإدارة تؤكّد ذلك، ودون تسرّع، وردود فعل غير مدروسة، من قبل الجميع.. وبدل الاستقالة، على أعضاء مجلس النادي، والذين يشكّلون الأكثرية أن يصمدوا، ويدافعوا عن سيادة واستقلاليّة قرار النادي، ويكشفوا عن طبيعة الضغوط التي تمارس على مجلسه، فهذا دورهم وواجبهم، ونحن نقدّر موقفهم ونقاء ضمائرهم، وعلى المدى القريب يجب أن نعمل على هذا الموضوع، كشفه، ورفضه، وعلى المدى المتوسّط والبعيد يجب العمل على فهم طبيعة عمل منظمات المجتمع المدني، وتعزيز دورها.. وحالة المخيمات واستهدافها، ومحاولات تصفية دورها ورمزيتها، في إطار المؤامرة الأشمل لتصفية القضية الفلسطينيّة، من خلال ضرب عناصر قوتها واستمراريتها".

المُطالِع للآراء والمواقف الشعبيّة بعيدًا عن آراء بعض أبناء طبقة "النخبة والمثقفين" أصحاب "وجهات النظر"، نرى أنّ كل هذه الخروقات لجدار رفض التطبيع هي أقل من أن تُسقط هذا الجدار الشعبي العربي الرافض لفكرة وجود الكيان، وما يُحافظ ويُسهم على متانة هذا الجدار وصلابته هو الاستمرار في فضح كل مطبعٍ مهما كان وزنه ومكانه وجنسيته، فلسطينيًّا كان أم عربيًّا، وحتى لا تُخذل الجماهير التي تصدح حناجرها دائمًا في الملعب: "ربينا وكبرنا على حُب الوحدات، مش قِصة دوري ولا كأس وبطولات.. حُب وولاء وقلعة للوفاء".