Menu

رفح والحديث المخادع

حلمي موسى

خاص - بوابة الهدف

 

 

كتب حلمي موسى*

 

 

في الماضي كانوا يقولون: عندما تفلس الحكومة تبحث عن الدفاتر القديمة. وإسرائيل خصوصاً بعد المواجهة المكشوفة مع إيران عادت وبقوة تتحدث عن مهاجمة رفح وكأن عملية في رفح ستنهي الحرب المستمرة منذ ما يقرب من سبعة شهور ولا تزال مفتوحة على حرب إقليمية. ومع ذلك كان هناك، حتى في إسرائيل ذاتها، من اعتبر أن الحديث عن مهاجمة رفح وكأنها سدرة المنتهى هو في جوهره حديث مخادع ولا يكفل نصراً لمردديه. ومن المؤكد أن الحديث عن مهاجمة رفح ينطوي على نوع من التهديد مرتبط بالاتصالات لتبادل الأسرى والتي يبدو أنها متعثرة خصوصاً بعد إعلان مسؤولين إسرائيليين عن رفض حماس للمقترح الأميركي ومضاعفة مطالبها.

وإجمالاً ما إن انتهى التوتر الإسرائيلي بخصوص الرد الصاروخي الإيراني حتى عادت قوات الاحتلال لمهاجمة القطاع شماله وجنوبه ووسطه بقوة أكبر. بل إن عدداً من المعلقين الإسرائيليين اعتبر أن أحد احتمالات رد إسرائيل على الهجوم الإيراني يمكن أن يكون استغلال التحالف الدولي والإقليمي ضد إيران لمهاجمة المعسكرات الوسطى واجتياح رفح. وهكذا أمس في اليوم 193 للحرب وجه الجيش غاراته نحو رفح في ظل أنباء -ليس صدفة أن وسائل إعلام أميركية انفردت بها- تفيد بتأجيل إسرائيل مهاجمة رفح بسبب الهجوم الإيراني.

وهكذا نشرت شبكة CNN أمس أن الهجوم الإيراني ليلة السبت أجل خططاً إسرائيلية لبدء العملية البرية في رفح. وكان مقرراً، وفق التقرير، أن يقوم سلاح الجو الإسرائيلي، بإلقاء منشورات على أجزاء من رفح، لإخلاء السكان منها. ومعروف أن الولايات المتحدة ودول عديدة في العالم حثت إسرائيل على عدم العمل في رفح خشية وقوع كارثة إنسانية فيها جراء تواجد أكثر من مليون نازح في شريط ضيق في رفح. وكانت مصادر مصرية قد قالت أنه بسبب رغبة إسرائيل في الضغط على حماس في مفاوضات تبادل الأسرى تزيد ضغطها على رفح وتهدد بمهاجمتها.

وكانت الطائرات الإسرائيلية قد ألقت في الأيام الأخيرة منشورات على رفح تطالب السكان بالتعاون معها لتحديد الأسرى الإسرائيليين هناك. وسبق لوسائل إعلام إسرائيلية أن قالت أن جزءاً من الأسرى الإسرائيليين باتوا في رفح كما أن جانباً من قيادات حماس والمقاومة صاروا هناك. وضمن محاولتها الإيحاء بمهاجمة رفح، أشاعت إسرائيل أنباء بأنها اشترت 40 ألف خيمة استعداداً لإخلاء مئات آلاف النازحين من رفح إليها في منطقة قريبة من خانيونس.

وبما يناقض ذلك، كان وزير الثقافة والرياضة الليكودي، ميكي بار زوهر قد أبلغ الكنيست: "إننا قررنا تقليص شدة القتال في غزة لأننا نرغب في التوصل إلى صفقة". وشدد بار زوهر عندما توجه في حديثه لأحد المعارضين في الكنيست قائلاً: "ماذا تعتقدون، أن الحكومة هكذا اتخذت قراراً بتقليص شدة القتال؟ السبب يكمن في أننا نرغب في التوصل إلى صفقة". وكان اجتماع الكنيست أصلاً قد عُقد خلال إجازة الكنيست للبحث في وضع الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة.

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد تحدثت عن مفاوضات التبادل بأنها تشرف على الانهيار حيث أن حماس رفضت المقترح الأميركي الأخير وطالبت بخمسين أسيراً فلسطينياً بينهم 30 من ذوي الأحكام المؤبدة مقابل كل مجندة إسرائيلية. كما طالبت حماس بـ30 أسيراً فلسطينياً مقابل كل مدني محتجز. وفضلاً عن ذلك تطالب بتعهد إسرائيلي بإنهاء الحصار المفروض على القطاع وبدء عملية إعادة الإعمار وانسحاب القوات الإسرائيلية وعودة النازحين إلى بيوتهم في شمال غزة.

واعتبر مسؤول إسرائيلي أن حماس تتذرع بذرائع واهية لزيادة مطالبها ولتقليص عدد الأسرى الإسرائيليين المراد الإفراج عنهم في المرحلة الأولى من 40 إلى 20 أسيراً. وقال هذا المسؤول أن حماس تدعي أن جزءاً من الأسرى الأربعين ضمن المرحة الأولى لم يعودوا على قيد الحياة أو أنهم ليسوا تحت إمرة حماس. ومعروف أن المرحلة الأولى تتعلق بأسرى إسرائيليين من كبار السن فوق 50 عاماً أو النساء والصبية وخمس مجندات.

وعودة إلى مهاجمة رفح. وبعد الجدال الذي دار في الماضي حول ما إذا كان صحيحاً كلام نتنياهو حول تاريخ محدد لمهاجمة رفح، فقد قررت الحكومة إلزام وزير الحرب بإجراء نقاش في الجيش حول الهجوم البري على رفح. وقد أجرى يؤآف غالانت أمس نقاشاً في الجيش حول موضوع الاستعداد لمهاجمة رفح والخطوات المدنية المطلوبة قبل الهجوم. وفي النقاش الذي أدير بمشاركة مدير عام وزارة الحرب الجنرال إيال زامير ومنسق أنشطة الجيش في المناطق المحتلة الجنرال غسان عليان شدد وزير الحرب على أنه وفقاً لقرار مجلس الوزراء ينبغي الاستعداد لتنفيذ سلسلة عمليات قُبيل بدء العملية البرية، مع التشديد على وجوب إخلاء النازحين من رفح وتوسيع طرق إدخال الغذاء والعتاد الطبي لقطاع غزة.

 

*كاتب صحفي من غزة