Menu

انتفاضة الجامعات أخطر جبهة لنزع الشرعية الأممية عن الكيان

نواف الزرو

نواف الزرو

خاص - بوابة الهدف

 

كتب نواف الزرو*

 

هي جبهة حربية أخرى تعتبرها المؤسسة الإسرائيلية  بكل عناوينها، الأمنية، العسكرية، السياسية، الاعلامية، الاكاديمية وغيرها. وأخطر جبهة تفتح ضد “إسرائيل” بعد العسكرية، بل إنها جبهة تشكل تحدياً وخطراً استراتيجياً على مستقبل تلك الدولة المختلقة، فاعتبرها نتنياهو “معادية للسامية” وقال فيها: "المتظاهرون يطالبون بالقضاء على إسرائيل، ويهاجمون الطلاب اليهود، ويهاجمون أعضاء هيئة التدريس اليهود، وهو ما يذكرنا بما كان يحدث في الجامعات الألمانية في الثلاثينيات" عربي بوست-رويترز: 2024/04/24

بينما دعا وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت إلى وقف المظاهرات الداعمة لقطاع غزة في الجامعات الأميركية، وزعم غالانت في منشور عبر منصة “X”، أن “المظاهرات التي تشهدها الجامعات في الولايات المتحدة ليست معادية للسامية فحسب، بل هي أيضاً تحريض على الإرهاب”، ودعا السلطات في الولايات المتحدة الأميركية إلى التحرك، من أجل حماية اليهود ووقف المظاهرات في الجامعات، فيما ادعى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أن “يهود الشتات يعانون حالياً من موجة شديدة من معاداة السامية في المجتمعات والجامعات في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم”، وأضاف بن غفير في منشور عبر منصة “X”: “طلبتُ من قائد الشرطة يعقوب شبتاي صياغة خطة مساعدة، لإنشاء قوات دفاع محلية من شأنها حماية الجاليات والمؤسسات اليهودية في الخارج، من خلال الدعم المهني، بما في ذلك خطة تدريب وتقديم استجابة تكنولوجية لعمليات التأمين”.

 

ناهيكم عن سلسلة أخرى من الكتابات والتعليقات الإسرائيلية التي تعتبرها بمثابة زلزال يضرب المكانة الاسرائيلية الصهيونية في الولايات المتحدة.

إلى جانب ذلك، تواجه إسرائيل حملة مقاطعة أكاديمية غير مسبوقة على مستوى الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الأميركية والبريطانية خاصة، والأوروبية بشكل عام، وتتصاعد هذه الحملة مع مرور الوقت، وفي سياق ذلك يتم طرد العلماء الإسرائيليين من المجموعات البحثية وإنهاء التعاون معهم كما يتم رفض مقالاتهم  العلمية، كما يتم إلغاء محاضرات الباحثين والعلماء الإسرائيليين في المؤتمرات.

وهناك شبه إجماع إسرائيلي على أنها جبهة تمهد إلى حد كبير لـ”نزع الشرعية الأممية عن إسرائيل”، وهناك قلق وهلع وهواجس وجودية أخذت تتفاقم وتتسيد الجدل السياسي الإسرائيلي في ظل هذا المناخ الدولي الأممي الناهض المناهض لـ”إسرائيل المجرمة”، ولـ”إسرائيل العنصرية -دولة الأبتهايد - في العالم”، وأخذت هذه الهواجس تنعكس تباعاً في أدبياتهم السياسية على نحو متصل. فالمظاهرات والمسيرات والاعتصامات وقوافل التضامن المليونية مع غزة والشعب الفلسطيني التي تتواصل منذ أكثر نحو سبعة شهور، تحولت إلى جبهة إعلامية أخلاقية قانونية تثير القلق والرعب لدى المؤسسة الصهيونية، وخاصة في بُعدها الأخلاقي والقانوني، وكذلك الحملات الشعبية المدنية التضامنية مع فلسطين، التي انتشرت على امتداد المساحة الأميركية والأوروبية، ترعب من جهة ثانية الدولة الصهيونية.

   فالإجماع السياسي الأمني الأكاديمي والإعلامي الإسرائيلي، أن الفلسطينيين ومعهم حلفاؤهم في العالم، نجحوا في فتح جبهة جديدة، جبهة الحراكات الطلابية، وجبهة شرعية وجود إسرائيل، لم تعهدها “إسرائيل” على مدى عقود عمرها الماضية، ولم تكن واردة في حساباتهم بأنها ستشكل تهديداً استراتيجياً لمستقبل دولتهم، إلى جانب التهديدات الاستراتيجية، وهي كثيرة ومتشعبة.

   فها هو رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو يعلن في أقرب تصريح له أن إسرائيل تتعرض لهجمات تهدف إلى نزع الشرعية عن مجرد وجود الدولة والسيادة اليهودية والحدود، متطرقاً إلى تصريحات أيقونة الإعلام الأميركي على مدى ستين عاماً هيلين طوماس، التي دعت اليهود للعودة إلى بولندا أو المغرب، وقال: ”إن هذه هي دولة اليهود، وإن هذه التصريحات تعني تفكيك المشروع الصهيوني“، والكاتب أري شافيت يقول في”هآرتس” أن نزع الشرعية هو التحدي الوجودي الأكبر لإسرائيل، مضيفا: ”إنها حرب قانونية لم نشهدها مع الفلسطينيين من قبل”، ويقول الجنرال احتياط عاموس جلبوع في معاريف: “إن هناك أربعة جبهات ضد إسرائيل يوجد بينها اتصالات متبادلة: المعركة الإعلامية، المعركة القانونية، المعركة السياسية التي وصلت ذروتها بالاعتراف الاممي بالدولة الفلسطينية، وأخيراً، المعركة الاقتصادية بالمقاطعة الفلسطينية للبضائع الإسرائيلية، وكذلك بالحملة الشعبية والرسمية الأوروبية لمقاطعة بضائع المستعمرات اليهودية“.

ونضيف من جهتنا جبهة خامسة وهي العسكرية التي يسجل فيها الفلسطينيون إنجازات صمودية في وجه أعتى آلة حربية إجرامية على وجه الأرض، ثم يعود جلبوع بعد نحو ستة شهور ليكتب في معاريف، الغاية البعيدة لهذه الحرب هي إسقاط إسرائيل عن خريطة دول العالم، أو على الأقل جعل دولة إسرائيل تكف عن كونها دولة يهودية ذات سيادة، والغايات المتوسطة لها اثنتان: الأولى شيطنة الإدولة بواسطة العيب الذي لا ينقطع عليها، بحيث تفقد الدولة شرعيتها الدولية؛ والثانية الإفضاء إلى أن تفقد إسرائيل بالتدريج قدرتها على الدفاع عن نفسها وأن ترفع يديها تسليماً سلفاً في مواجهة كل عدوان عنيف وتقبل إملاءات استسلام مختلفة”، ويؤكد المحلل ألوف بن في هآرتس: “إن الانتفاضة البيضاء الفلسطينية  تسعى إلى عزل إسرائيل دولياً”، ويلحق بهم دوري غولد في إسرائيل اليوم قائلا: ”إن المعركة في مواجهة سلب الشرعية الاسرائيلية شرسة”، ويوثق معهد رئوت في دراسة له: ”إن الاحتجاجات ضد إسرائيل في العالم تزعج الإسرائيليين ويعتبرونها تهديداً استراتيجياً “.

وبناءً على كل ذلك نعتقد أنه على كافة القوى الحية في العالم أن تحشد المزيد من طاقاتها باتجاه واحد: تزع الشرعية الدولية-الأممية عن إسرائيل المارقة المجرمة.

 

*كاتب فلسطيني