أروع وأبشع المجازر ارتكبها الكيان الصهيوني بدعم أميركي في مخيم النصيرات.
لا يهم إن كان لحم الأطفال والنساء والشيوخ مشوياً أم مقطعاً، المهم النموذج الغربي في كيفية تنفيذ المجازر بمعزل عن فظاعة النتائج لاستدراج التنازلات.
هذه القاعدة الحضارية المريعة مارستها ثقافة الولايات المتحدة كنموذج للحصول على تنازلات من الخصم في معاركها في فيتنام والعراق وأماكن أخرى لم تسلم من مفاعيل الحضارة الأميركية. هكذا فعلت في فيتنام عام ٧٢ - ٧٣ عندما قصفت بلا هوادة بطائرات الـ"B52" وبقنابل النابالم، هانوي وأزهقت ٢١ ألف ضحية في بضعة أيام لإجبار الفيتناميين على التنازل على مائدة المفاوضات وكانت هذه وجهة نظر كيسنجر عبقري السياسية الأميركية.
نفس التجربة كررتها مع الجيش العراقي وهو في طريقه للخروج من الكويت عام ١٩٩١ فأحرقت باليورانيوم ألفي آلية ودمرت وأحرقت من فيهم، وكررت تجارب مماثلة في حربها في العراق عام ٢٠٠٣، وفي أفغانستان
فرنسا دمرت وأحرقت ٤٥ ألف جزائري عام ٤٥ في يوم واحد عندما تحرك الجزائريون في أعقاب الحرب العالمية الثانية وطالبوا بالاستقلال.
إنه قانون ثقافة الغرب في تعاطيه مع الصراعات التي ينفذها على الدول والشعوب، المزيد من القتل والضغط بالمجازر والمزيد من الحرب والحرق والدمار وتقطيع أوصال البشر لأجل هدف حتى ولو كان رمزياً.
هذا ما فعلته إسرائيل في مخيم النصيرات، مذبحة مروعة ذهب. ضحيتها حوالي ٦٠٠ بين قتيل وجريح في سبيل الحصول على أربعة أسرى، ليس مهماً كم قتلت من الفلسطينيين وإنما المهم أن نتناياهو حقق نصراً ولو جزئياً بكلفة دم فلسطيني عالية تطبيقاً لنظام وثقافة وحضارة الغرب الذي يمثل نموذجه في منطقتنا. فإما أن تقبلوا العيش معنا كالعبيد وإما أمامكم أحد حلين، الموت أو الهجرة.
أكثر من مئة عام والغرب يقصفنا بشكل يومي بحضارته المزيفة التي تعبر عن مصالحه الرأسمالية الجشعة وليس عن قيمة كما يدعي، بدليل كمية الجرائم التي ارتكبها بحق الشعوب التي عارضته أو اختلفت معه فكان الدوس على القيم المدعاة لحساب المصالح. لذلك رأينا الغرب بكليته يندفع إلى المنطقة للدفاع عن النموذج الذي زرعه، واليوم بعد مجزرة النصيرات يعلن كل من بايدن وماكرون أن إسرائيل أولاً.
لست أدري إلى أي مدى سيستمر العرب في تصديق النفاق الغربي بعد أن دمر أوطانهم في العراق وسوريا واليمن وليبيا و السودان ولبنان وفلسطين. أما آن الأوان بعد أن يستوعبوا الدرس؟