Menu

مرحلة التوحش في ظل غياب الحدود بين المجزرة والمفخرة                    

حمدي فراج

حمدي فراج

خاص - بوابة الهدف

 

    لم يكن مهما ما قاله نتنياهو عن تحرير أربعة من مختطفيه، من أنها عملية ناجحة نوعية معقدة بطولية، إلخ.. فهو في التحليل الأخير رئيس الوزراء وحكومة حرب الإبادة التي دخلت شهرها التاسع دون أن يبدو لها ملمح واحد من ملامح الانتصار "المطلق" وتحقيق أهدافها "أهدافه"، بل من الواضح أنه كما لو أنه كان ينتظر بفارغ الصبر شيئاً من هذا القبيل يضحك به على نفسه ومن بعد على "شعبه" من أنه انتصر أو على الأقل بدأ مشوار الانتصار بعد طول انتظار وبعد سلسلة طويلة و عديدة من الخيبات والهزائم الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، الداخلية والإقليمية والدولية، حتى وصل الأمر أن يُصار لاعتقاله شخصياً بتهمة "مجرم حرب"، ويتم اعتماد جيشه على قائمة العار الأممية في قتل أطفال فلسطين. 
   الأكثر أهمية وملحوظية من ردة فعل نتنياهو، كانت ردة فعل الرئيس الأميركي بايدن في صحبة الرئيس الفرنسي ماكرون في قصر الإليزيه، حيث أشادا بعملية "الإنقاذ الآمن" التي راح في جريرتها "الآمنة" نحو ألف شخص بين قتيل و جريح (276 شهيداً و698 جريحاً). أكثر من عدد ضحايا مجازر كفر قاسم و دير ياسين وقبية مجتمعات. أي لإنقاذ آمن هذا الذي يدفع فيه 69 إنساناً حياتهم مقابل كل مخطوف؟ يصدر هذا الكلام البذيء المفضوح الطافح بالدم والعنصرية عن زعيمين كبيرين لأمتين عظيمتين، الأول سليل الحرية والديمقراطية، والثاني سليل "الإخاء والمساواة". بل قيل أن الجيش الأميركي شارك في المجزرة المشهودة، ونُقل عن مسؤول في الإدارة الأميركية لموقع أكسيوس أن "خلية المختطفين الأميركية الموجودة في الأراضي الفلسطينية ساعدت في تحرير المحتجزين الأربعة من قبضة حماس". لا يفوت الجزار أن يغير ملابسه فيرتدي دور الوسيط بين إسرائيل وحماس، وفي بعض الأوقات، لبس زي الضامن، لم ينطل ذلك على ملايين الأمريكيين الذين خرجوا ضده لكشف حقيقته الإجرامية في حرب الإبادة التي يشنونها على الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة. ولقد تترجم ذلك في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالأغلبية الساحقة، مجلس الأمن بالفيتو الأميركي ثلاث مرات، محكمة العدل الدولية بالإبادة الجماعية، محكمة الجنايات الدولية بجرائم الحرب، أعرق الجامعات الأميركية والأوروبية.
   أما نتنياهو، الذي لم يمر على "انتصاره" 24 ساعة ، فقد أفسد عليه فرحته المصطنعة، شريكاه في حكومة الحرب غانتس وإيزنكوت، عندما قدما استقالتيهما من هذه الحكومة التي يتقاسمها مع الفاشييْن بن غفير وسموترتش، كي يستمتعوا بالنصر الوهم. 
        يوم واحد قبل المجزرة "المفخرة" أعادت "هآرتس" نشر ما كان الحاخام المفكر يهوشع ليفوفيتش (مات 1994 ورفض تسلم جائزة الدولة من اسحق رابين)  قوله: "إن العزة الوطنية والنشوة في أعقاب حرب الأيام الستة مؤقتة، وستنقلنا من نزعة قومية صاعدة إلى القومجية المتطرفة، ثم إلى المرحلة الثالثة، مرحلة الوحشية، بينما المرحلة الأخيرة ستكون نهاية الصهيونية". ووصفت الصحيفة الفيلسوف "بأنه كان بعيد النظر، فالعد التنازلي لانهيار إسرائيل قد بدأ.