Menu

تقريرسباق ضد الزمن: مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية بعد أكتوبر 2023

قائمة المستوطنات في ويكيبيديا

خاص" بوابة الهدف الإخبارية

منذ السابع من أكتوبر 2023، وبينما تواجه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة وعقوبات غربية محدودة تتعلق بسياساتها الاستيطانية، استمرت عمليات الاستيطان في الضفة الغربية بوتيرة متصاعدة. هذه السياسات الاستيطانية لم تتوقف بل زادت من وتيرتها رغم العقوبات، مما يعكس تحديًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

يُعد هذا التوسع جزءًا من استراتيجية إسرائيلية أوسع لتغيير التركيبة السكانية والجغرافية في الضفة الغربية لصالح السيطرة الكاملة على الأرض، ما يؤدي إلى تقويض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقبلية.

التوسع الاستيطاني بعد 7 أكتوبر 2023

منذ اندلاع العمليات العسكرية في السابع من أكتوبر 2023، واكبت إسرائيل سياساتها الاستيطانية بزيادة ملحوظة في وتيرة البناء ومصادرة الأراضي. استغلت الحكومة الإسرائيلية الظروف الأمنية والسياسية غير المستقرة لتكثيف نشاطاتها الاستيطانية. شهدت تلك الفترة إقامة عدد كبير من البؤر الاستيطانية الجديدة وتوسيع المستوطنات القائمة، خاصة في المناطق المحيطة بمدينة القدس والخليل، بالإضافة إلى مناطق في شمال الضفة الغربية مثل نابلس وجنين.رغم الإدانات الدولية والعقوبات التي فرضتها بعض الدول الغربية، لم تتوقف إسرائيل عن نشاطها الاستيطاني. بل على العكس، كان هناك تحدٍ واضح للضغوط الدولية، حيث استمرت في توسيع المستوطنات وتجريف الأراضي الفلسطينية في مختلف المناطق. في بعض الحالات، تم منح تراخيص جديدة لبناء وحدات استيطانية في مناطق تعتبرها السلطات الإسرائيلية "حيوية" لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية.

أثر العقوبات الغربية

العقوبات الغربية، التي فرضت للحد من التوسع الاستيطاني، لم تكن كافية لردع إسرائيل عن مواصلة نشاطها. أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو أن العقوبات كانت في الغالب رمزية أو محدودة التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي.

العديد من الدول الغربية، ورغم انتقاداتها المتكررة للاستيطان، لم تقطع علاقاتها الاقتصادية أو العسكرية مع إسرائيل، مما أعطى الأخيرة الضوء الأخضر لاستمرار سياساتها.

علاوة على ذلك، فإن الدعم الأمريكي المستمر لإسرائيل، على الرغم من الخلافات حول قضايا الاستيطان، أعطى الحكومة الإسرائيلية ثقة أكبر في استمرار خططها. هذا الدعم الأمريكي، الذي غالبًا ما يغلب على الانتقادات الغربية، يعزز من قدرة إسرائيل على تحدي الضغوط الدولية دون خوف من عواقب اقتصادية أو سياسية خطيرة.

تاريخ الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية

لفهم هذا الواقع الحالي، من الضروري إلقاء نظرة على تاريخ الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967. منذ ذلك الحين، اعتبرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الضفة الغربية جزءًا لا يتجزأ من "أرض إسرائيل الكبرى"، وبدأت بتنفيذ سياسات واسعة النطاق تهدف إلى تغيير الواقع الديمغرافي في المنطقة لصالحها.في العقود التي تلت حرب 1967، بدأت إسرائيل في إنشاء مستوطنات مدنية وعسكرية في الضفة الغربية، بهدف ربطها بالأراضي التي تم ضمها إلى القدس المحتلة.

خلال فترة السبعينات والثمانينات، توسع النشاط الاستيطاني بشكل ملحوظ، حيث شهدت هذه الفترة بناء العديد من المستوطنات الكبيرة مثل "أرئيل" و"معاليه أدوميم"، والتي أصبحت اليوم من أكبر المستوطنات في الضفة الغربية.

في التسعينات، ورغم توقيع اتفاقيات أوسلو التي كان من المفترض أن تمهد الطريق نحو حل الدولتين، استمر الاستيطان في النمو بوتيرة سريعة. الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تعتبر اتفاقيات أوسلو ملزمة لتجميد الاستيطان، بل اعتبرت أنها وسيلة لتعزيز السيطرة على الأرض، وبالتالي استمرت في توسيع المستوطنات القائمة وإنشاء بؤر استيطانية جديدة.

الحاضر والمستقبل اليوم

 تواجه المنطقة واقعًا معقدًا حيث يواصل المستوطنون المتطرفون، بدعم من الحكومة الإسرائيلية، اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم. تستمر مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، في ظل عدم وجود أي مؤشرات على نية إسرائيل وقف هذه السياسات. ما يزيد الأمر سوءًا هو أن هذه السياسات الاستيطانية لا تستهدف فقط الفلسطينيين بشكل مباشر، بل تعزز أيضًا من تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة، مما يجعل إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا أمرًا مستحيلًا.

إن استمرار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، رغم العقوبات الغربية والضغوط الدولية، يعكس تصميم إسرائيل على تغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي في المنطقة بما يخدم مصالحها. هذا الواقع الجديد، إذا ما استمر، سيؤدي إلى تقويض أي فرصة لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وسيزيد من التوترات والصراعات في المستقبل.

تحتاج الدول الغربية والمجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية وفعالية لوقف هذه السياسات الإسرائيلية، وإلا فإن حلم إقامة دولة فلسطينية قد يتبدد إلى الأبد.