Menu

نتيجة تواصل عدوان الاحتلال..

محلل اقتصادي لـ "الهدف": الاقتصاد في غزة يتهاوى ويتكبّد خسائر غير مسبوقة

أحمد زقوت

خاص _ بوابة الهدف

عمد الاحتلال الصهيوني منذ الساعات الأولى لعدوانه المستمر على قطاع غزة لأكثر من عشرة أشهر على وقف الحركة الاقتصادية، إذّ دمر معظم القطاعات الحيوية مثل المحال التجارية والمنشآت الصناعية، وألحق بها أضرارًا جسيمة غير مسبوقة، إلى جانب تجريفه لمساحاتٍ زراعية واسعة خلال توغله البري في جميع أنحاء القطاع، ما أدى لمفاقمة الواقع المعيشي والإنساني الذي يعيشه السكان، خصوصًا في ظل الحاجة الماسة لتوفير لوازم الحياة المختلفة.

وفي أوائل شهر آيار/ مايو الماضي سيطر جيش الاحتلال على معبري رفح وكرم أبو سالم التجاري جنوبي شرقي القطاع خلال عمليته العسكرية على مدينة رفح، إلى جانب إغلاقه حاجز بيت حانون/إيرز في بداية الحرب، ما جعله المتحكم الوحيد في معابر القطاع وتحديدًا حركة الشاحنات والمساعدات الإغاثية للقطاع الذي يعيش تحت حصار صهيوني لأكثر من 17 عاماً.

وبشأن الخسائر الاقتصادية التي تكبدها قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يؤكّد المختص في الشأن الاقتصادي أيهم أبو غوش، لـ "بوابة الهدف" أنّه "من المبكر حصر الخسائر الناجمة عن عدوان الاحتلال المستمر على الفلسطينيين في القطاع، إلا بعد حصر كافة الأضرار من مختلف جوانبها المباشرة وغير المباشرة"، موضحًا أنّ "مخطط الاحتلال المعلن هو تهجير الفلسطينيين من أرضهم، لذلك يمارس جميع أشكال الحصار والضغط والتجويع عليهم".

ويشير أبو غوش، إلى أنّ جيش الاحتلال دمر كافة مقومات الحياة في القطاع، فعلى الصعيد الصحي، عطّل كامل المستشفيات العاملة نتيجة تدميرها، أمّا على صعيد الحركة التعليمية فقد توقفت بشكل تام في غزة، بسبب تدمير عدد كبير من المدارس والمرافق التعليمية، وهذا ما سيصعب فيما بعد معالجة الفاقد التعليمي للطلبة خصوصًا ونحن على أبواب دخول عام دراسي جديد، إلى جانب أبناء الثانوية العامة الذين لم يقدموا هذا العام اختباراتهم والتي تعتبر مرحلة مهمة في حياتهم للانتقال إلى التعليم الجامعي، ما يعني خسارة كافة الجيل التعليمي سنة دراسية كاملة.

ويبين أبو غوش، أنّ "البيانات الإحصائية تشير إلى أنّ الاقتصاد الفلسطيني خسر ما نسبته (27%) مقارنة بالأشهر الأولى الأربعة قبل الحرب، أما في القطاع فقد خسر الاقتصاد بنسبة (86%) من إنتاجه الطبيعي قبل الحرب، ما يبين حجم الدمار الكبير الذي لحق بالقطاع الاقتصادي في غزة"، لافتًا إلى أنّ "هذه الخسائر تؤثر بشكل كبير على الناتج المحلى الإجمالي الفلسطيني، إذ أنّ الاقتصاد الغزي يشكل ربع اقتصاد الضفة ويصل إلى نسبة (3 مليار دولار) سنويًا، في مقابل (14 مليار دولار) سنوياً بالضفة".

انكماش اقتصادي كبير

ويقول أبو غوش لـ"الهدف"، استنادًا إلى بعض الأرقام الصادرة من عدة مؤسسات رسمية والتي تعد مؤشرًا لحجم الخسائر في القطاع، فإنّ "الأشهر الأربعة الأولى من عدوان الاحتلال خسر الاقتصاد الفلسطيني (2.3 مليار دولار) نتيجة تعطّل دورة الإنتاج الاقتصادي فقط، دون الخسائر التي لحقت بالأصول نتيجة تدمير المنشآت التجارية والمصانع"، مضيفًا أنّ "الخسائر لا تقل عن (7 إلى 8 مليار دولار) على مدى عشرة أشهر من الحرب المتواصلة، إذا أسقطنا تلك الخسائر في الأشهر الأربعة الأولى على باقي الفترات اللاحقة في الدورة الإنتاجية الاقتصادية في القطاع".

وبشأن المنشآت التجارية، يلفت المختص بالشأن الاقتصادي، إلى أنّه وفقًا لمركز الإحصاء الفلسطيني، فقد كانت عدد المنشآت العاملة في فلسطين (176) ألف منشأة اقتصادية، منها (56) ألف منشأة في قطاع غزة والتي تعطلت بشكل شبه كامل نتيجة العدوان، أمّا (120) ألف منشأة في الضفة والتي تراجعت بشكل كبير وبعضها تم إغلاقها والأخر تراجع مداخلها بنسب متفاوتة، ما يؤثر على نسبة الانكماش في الاقتصاد الفلسطيني بنسبة (12%)، والتي قد تصل في نهاية العام من نسبة (20%) إلى (30%) إذّ تعتبر نسبة مرتفعة، بحسب تقديرات بعض المؤسسات الرسمية.

ارتفاع في معدلات البطالة والفقر

وبخصوص تأثير عدوان الاحتلال على معدلات البطالة والفقر، يشير أبو غوش، إلى أنّ "نسبة البطالة قبل العدوان كانت في قطاع غزة أقل من (50%) أمّا بعد العدوان تتراوح بين (80%) إلى (90%) وهو معدل غير مسبوق على الإطلاق، وخصوصًا أنّ الأيادي العاملة التي تعمل في الوقت الحالي هي من قطاعي الصحة والإغاثة الإنسانية"، مبينًا أنّ "نسبة البطالة كانت في الضفة المحتلة أقل من (15%) مع الشهور الأولى للعدوان، وحالياً وصلت النسبة إلى (32%) نتيجة تضرر بعض المنشآت الاقتصادية، وعدم السماح للعمال الفلسطينيين بالعمل داخل الخط الأخضر والذي يقدر عددهم (200) ألف عامل، وهذا يعني فقدان خُمس الوظائف التشغيلية من القوى العاملة في فلسطين، والتي يقدر عددهم بـ(مليون و100 ألف) ما يؤدي كذلك لارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير جدًا، إلى جانب تراجع مستويات دخل الأفراد".

وحول المبالغ المالية المتوقعة لإعادة إعمار قطاع غزة، يؤكّد أبو غوش، أنّ "التقديرات الدولية ستحتاج من (40) إلى (50) مليار دولار بالحد الأدنى، وهذه المبالغ تعتبر مأهولة وضخمة للتمكن من إعادة الإعمار، ما يعني الاحتياج إلى ثلاثة أضعاف من الناتج المحلي الفلسطيني في سنة واحدة".

الاحتلال يتكبّد خسائر كبيرة

والخسائر الاقتصادية لم تنحصر على الجانب الفلسطيني فقط، بل تكبد أيضًا اقتصاد الاحتلال خسائر مباشرة، وتتمثل في تكلفة الحرب التي تزيد عن (100) مليار دولار بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على بدء الحرب في القطاع، وهو ما يوازي ربع الناتج المحلي "الإسرائيلي" في عام واحد، كما تكبد خسائر غير مباشرة تتعلق بهروب المستثمرين، وخفض التنصيف الائتماني، ما يُشكل بيئة طاردة وغير مستقرة للاستثمارات الأجنبية والتي تعتبر أحد محركات اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش.

حرب على البنية التحتية

وفي الإطار، أكد تقرير صدر عن البنك الدولي والأمم المتحدة في إبريل/ نيسان الماضي، حول خسائر البنية التحتية والطرق في القطاع، أنّ "كلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في غزة تُقدر بنحو (18.5) مليار دولار، أي ما يعادل (97%) من إجمالي الناتج المحلي للضفة الغربية وقطاع غزة معاً عام 2022م".

وخلص التقرير، إلى أنّ الأضرار التي لحقت بمرافق ومنشآت البنية التحتية تؤثر على جميع قطاعات الاقتصاد ومنها النقل والطرق، حيث تشكل المباني السكنية (72%) من الكلفة، في حين تشكل البنية التحتية للخدمات العامة، مثل المياه والصحة والتعليم (19%)، أما الأضرار التي لحقت بالمباني التجارية والصناعية فتشكل (9%) من هذه الكلفة.

وقد خَلَّفَ الدمار كمية هائلة من الحطام والأنقاض تقدر بنحو (40 مليون طن)، وقد تستغرق إزالتها والتخلص منها سنوات حسب التقرير، الذي أكد أنّه مع تدمير أو تعطيل (92%) من الطرق الرئيسية، وتدهور البنية التحتية للاتصالات، أصبح إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان صعباً للغاية.