Menu

"عمولات ضخمة ونقود تالفة.. استغلال بشع لجيوب المواطنين"

تقريرمافيا العُملة في غزة: كيف يبتلع تجار الأزمات رزق الفقراء؟

أحمد زقوت

أرشيفية..

خاص_ بوابة الهدف الإخبارية

يشكو المواطنون في قطاع غزة من أزمة شح السيولة النقدية، ويواجهون صعوبةً بالغة للحصول على أموالهم من حساباتهم البنكية، ويتعرضون لاستغلال وابتزازٍ كبيرين من قبل تجار "الأموال النقدية" الذين ينهشون رزق المواطنين جراء فرض نسبة مالية كبيرة كـ "عُمولة" مقابل حصول المواطنين على أموالهم نقدًا، ما يفاقم من أوضاعهم المعيشية بشكلٍ مأساوي.

المواطنون في غزة يدفعون فاتورة الحرب في كل شيء، ويعيشون أزمات خانقة متعددة من غلاء الأسعار واستغلال إلى جانب حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال عليهم، ولا يتوقف الحد عند تحويل الأموال وخصم منها بنسبة تصل إلى 20% واستلامها نقدًا فقط، بل يستلمون أوراقًا نقديةً تالفة جراء تدمير الاحتلال الأنظمة المصرفية والمالية في القطاع خلال عدوانه منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وكذلك منع الاحتلال دخول ونقل الأموال للقطاع، ما يجعل ذات الأوراق متداولة من يدٍ لأخرى، الأمر الذي يسبب اهتراء الأوراق النقدية.

التجار رفعوا نسبة العُمولة تدريجيًا

يواجه الموظف الحكومي محمد الحواجري في شمال قطاع غزة، صعوبةً بالغةً للحصول على أمواله من حسابه البنكي، نتيجة عدم توفر السيولة النقدية، ويروي لـ "بوابة الهدف الإخبارية" تفاصيل رحلة الاستغلال والابتزاز الذي تعرض له من قبل تجار "الأموال النقدية"، قائلًا: "يودع في حسابي البنكي راتبي مطلع كل شهر، وفي أول ثلاثة أشهر من الحرب لم أتمكن من الحصول على أموالي بسبب إغلاق المصارف والبنوك، لكن الوضع ضاقَ حينها ولم يكن في يدي سيولة مالية وبدأت البحث عن تجار العُملة للحصول على جزء من أموالي المودعة".

وحول عملية التحويل يضيف الحواجري ، "أفتح حساب التطبيق البنكي عن طريق الإنترنت، وأحوّل المبلغ المراد إلى تاجر العملة ويقوم خلالها بخصم جزء من المال المحوّل بحسب ما هو متفق عليه بيننا، ثم يعطيني ما تبقى من المال وقد تكون أوراقًا نقديةً قديمة وممزقة"، مبينًا أنّ "المواطنين في قطاع غزة مضطرون للجوء إلى تلك الطريقة حتى يتمكنوا من سد احتياجاتهم الكبيرة في ظل استمرار الحرب".

ويتهم الحواجري "تجار العُملة"، باستغلال المواطنين لحاجتهم الكبيرة للأموال النقدية، مشيرًا إلى أنّه "في بداية الحرب فرض التجار نسبة عُمولة لا تتجاوز 5% في أسوأ الأحوال للحصول على الأموال نقدًا، وكنت مضطرًا وقتها لذلك فقمت بسحب مبلغ من المال أسد به جوع أطفالي"، موضحًا أنّ "طول أمد الحرب، جعلت التجار يرفعون نسبة العُمولة من قيمة المبلغ المرسل تدريجيًا، إذّ وصلت مع نهاية شهر أغسطس الجاري إلى 20%، مبررين استغلالهم عدم توفر سيولة نقدية في القطاع"

وضرب الموظف الحكومي، مثالًا رقميًا على عمليات التحويل والخصم، إذ بين أنّه قام بتحويل مبلغًا ماليًا يقدر بـ (3600 شيقلا) وهي عملة محلية أي ما يقارب (1000 دولار)، ثم قام التاجر بخصم عملة بنسبة 20% من المبلغ المحوّل أي ما يبلغ (720 شيقلاً) وهو ما يعادل (200 دولا)، وهذا يعدّ استغلالًا كبيرًا".

المرسل والمستلم يتحملان هامشًا من الخسارة

أمّا المغترب محمد أبو عودة، وهو يعيش في ألمانيا، يحاول مساعدة عائلته من خلال إرسال حوالات مالية إليهم في غزة لتلبية احتياجاتهم اليومية، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشونها في محاولة منه وعددٍ من الأشخاص خارج القطاع الوقوف مع عائلاتهم.

ويقول أبو عودة لـ"بوابة الهدف"، "عند إرسال الأموال من بلدٍ لآخر، في العادة يتم اقتطاع تكلفة عملية التحويل في البلد المرسلة منه الأموال، وليس البلد المرسل إليها"، مبينًا أنّه "في الظروف العادية وقبل عدوان الاحتلال كانت غزة تضم عديداً من المصارف التي توفر خدمات التحويل كـ"ويسترن ينيون" و"مونيغرام"، بالإضافة إلى وجود عديد من شركات تحويل الأموال المعتمدة، وكانت الحوالات الدولية إلى القطاع تستغرق عبرها نحو 24 ساعة، ومن ثم يزور المستفيد أحد الفروع المعتمدة للمكاتب أو المصارف ويوقع على استمارة استلام الحوالة بعد إبراز وثيقة إثبات الشخصية ليستلم المبلغ المالي المُرسل إليه".

ويؤكّد المغترب أبو عودة، أنّ "المرسل والمستلم يتحملان هامشاً من الخسارة من إجمالي المبلغ بسبب هذا الاقتطاع، وعدم توفر الدولار في غزة، والفروقات في سعر الصرف عند التسليم بالشيكل"، لافتًا إلى أنّه "في بداية الحرب أرسلت مبلغًا ماليًا لعائلتي وعند إرسالي من البلد المقيم فيه دفعت نسبة عُمولة على المبلغ، لكنني تفاجأت عند تواصلي مع عائلتي في غزة أنّ نسبة اقتطاع تجار العُملة للمبلغ كانت بنسبة 20%، ليكون محصلة المبلغ بعد عملية التحويل خسارة 500 دولار من قيمته، وهي عُمولة سحب المبلغ نقدًا، إضافة إلى فارق أسعار الصرف بين العملات خصوصًا الشيكل والدولار".

نقاط الاستلام خطيرة على الأرواح

ويقول حامد من شمال القطاع شقيق المغترب محمد: "قبل الحرب كان من السهل جدًا استلام الأموال لوجود البنوك ومكاتب الصرافة، بل كانت في بعض الأحيان عملية التحويل والاستلام تجري بذات الوقت"، موضحًا أنّه "في أجواء الحرب والدمار الذي شهدته كافة القطاعات المصرفية بغزة، جعلت عملية استلام الأموال المحوّلة من الخارج صعبةً للغاية، إذّ يمر بتفاصيل معقدة جدًا وأنّه لولا شدة حاجتنا للمبلغ لما قبلنا بالابتزاز ورضخنا للأمر الواقعي، حيث لا يوجد مكان محدد لاستلام الحوالات المالية، إضافة لنسبة العُمولة الكبيرة على استلام المبلغ، إلى جانب المخاطر الشديدة عند عملية الاستلام، حيث قصف الاحتلال العديد من نقاط استلام الأموال وأدى إلى استشهاد عدد كبير من المواطنين والتجار".

ويبين حامد، أنّ "فصل جيش الاحتلال بين المحافظات الشمالية والجنوبية في القطاع، صعّب من عملية استلام وتحويل الأموال، إذ أنّ الأموال في شمال غزة شحيحة للغاية، ولا يمكن تسلُم مبالغ كبيرة فيها، لذلك لجأت العائلات إلى إجراء عملية تحويل الأموال بنظام أشبه بالمقايضة، أي لدى المقيم في الجنوب أموالًا يمكن إعطائها لشخص مقيم في نفس المكان، بشرط العملية ذاتها في الشمال".

عٌملات مُمزقة تؤرق الغزيين

وتنتشر العملات تالفة وممزقة بين المواطنين في قطاع غزة، مما يجعل عملية تداول تلك الأوراق النقدية صعبة ويثقل الهموم على كاهلهم، حيث لا يقبلها الباعة لأنهم غير قادرين على إيداعها في البنوك.

وحول صعوبة التعامل بالأوراق النقدية المهترئة، يقول المواطن وسيم عليان، لـ "بوابة الهدف"، إنّ "العملات الورقية المتوفرة في الأسواق قديمة وممزقة، وعندما أعطيها للباعة يرفضونها بذريعة أنّها تالفة ولا يمكن قبولها لدى التجار الكبار لأنّه لا يمكن استبدالها لأنّ البنوك مغلقة"، مضيفًا أنّ "عدم دخول السيولة النقدية يؤثر سلبًا على نفسية المواطنين لأنّه لا خيار آخر لديهم سوى قبول تلك الأوراق التالفة، ما يجعلهم في أزمة مالية حقيقية".

ويبين عليان، أنّه في عدة مرات اضطر إلى دفع جزءٍ من المال كي يرضى بها البائع والتاجر لأنّه في حاجة ملحة لتوفير احتياجاته، لافتًا إلى أنّ العملات الممزقة لها علامة خاصة وهي لاصق أبيض ويتم تداولها بالأسواق.

تجار العُملة يفتعلون أزمة مالية

واستفاد تجار العُملة وبعضهم دخل حديثًا في هذا المجال لتوفر "سيولة نقدية" لديهم، ما جعل البعض يتهمونهم بنشر الفوضى المالية في القطاع، بل بعض هؤلاء التجار عملوا في جنوب القطاع على استلام مبالغ مالية كبيرة من بعض الصرافات الآلية والبنوك التي كانت تعمل هناك قبل شن الاحتلال عملياته البرية في تلك المناطق، وذلك لعلمهم بإمكانية إغلاق البنوك والصرافة ما يعني استغلال حاجة المواطنين في الحرب بافتعال أزمة مالية ما يدُر عليهم ربحًا كبيرًا.

التجار يتذرعون!

خليل (اسم مستعار) أحد أصحاب مكاتب الصرافة قبل الحرب، يقول إنّ "بعض تجار العُملة في جنوب القطاع عملوا على تعميق الأزمة المصرفية والمالية، إذّ عمل العديد منهم على سحب الأموال النقدية من البنوك والصرافات الآلية، وخصوصًا الأموال الأجنبية مثل الدولار، وهم ليسوا بحاجاتها بل من أجل احتكارها لتدر عليهم ربحاً كبيرًا".

ويضيف خليل لـ "بوابة الهدف"، أنّ "بعض التجار كانوا يحولون مبالغ كبيرة إلى أقاربهم ومعارفهم المقيمين في الجنوب من أجل سحبها، الأمر الذي يستنزف المنظومة المصرفية، لأنّهم يعلمون أنّ الأهالي سيلجؤون مضطرين إلى خدماتهم بالنسبة التي يريدونها من قيمة المبلغ".

النسبة متغيرة من تاجر لآخر..

حاولت "بوابة الهدف" معرفة ردود فعل تجار العُملة حول الاتهامات الموجهة إليهم من قبل المواطنين باستغلالهم وابتزازاهم ماليًا برفع نسبة الخصم للمبالغ المراد استلامها نقدًا، يقول أحدهم والذي رفض ذكر اسمه: إنّ "عملية الحصول على أموال نقدية معقدة للغاية ولا تصل الأموال إلينا بطريقة سهلة، فالأمر يبدأ من أنّ تجار الأموال النقدية المتوفرة لديهم يقومون ببيعنا السيولة التي بحوزتهم بنسبة مالية معينة، ما يدفعنا إلى زيادة نسبة الفائدة التي يتم تحصيلها من المواطنين".

ويوضّح التاجر، أنّ "النسبة التي يتم اقتطاعها متغيرة من تاجرٍ لآخر، إذ تتراوح ما بين 12 إلى 25 في المئة، إضافة إلى عدم توفر السيولة ونحن نعمل من أجل الربح والكسب، لذلك لا يوجد أمام المواطن سوى خيار واحد وهو الرضوخ للأمر الواقع، مؤكدًا أنّ "العديد من أصحاب السيولة النقدية دخلوا هذا المجال منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي".

محلل اقتصادي: الاتجار بالسيولة ونسبة العُمولة ترجع إلى ضمير التجار

ويرى رئيس قسم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية الدكتور نائل موسى، أنّ "أزمة السيولة في قطاع غزة مرتبطة بحالة الحرب الإسرائيلية وحصاره للقطاع منذ بداية العدوان"، مشيراً إلى أنّه "لأكثر من 320 يومًا من الحرب يمارس الاحتلال حصارًا اقتصاديًا محكماً على القطاع المصرفي في غزة، حيث دمر الكثير من مكاتب ومقار المصارف".

ويؤكّد موسى لـ "بوابة الهدف"، أنّ "أزمة السيولة النقدية لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد والمواطن الفلسطيني، حيث لا يستطيع الحصول على أمواله من البنوك، ويضطر للجوء إلى تجار العُملة والسوق السوداء للحصول على الأموال المالية التي يريدها"، موضحًا أنّ "نقص السيولة يؤدي إلى رفع أسعار البضائع والسلع بشكل جنوني، وتعود إلى كثرة الطلب وقلة العرض بالأسواق، وجشع بعض التجار، فهذه الفئة تبرز في كل أزمة وفي كل بلد وهذا ما يدفع ثمنه المواطن الغزي، الأمر الذي يجعل المواطنين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية".

ويلفت المحلل الاقتصادي، إلى أنّ "منع الاحتلال دخول الأموال إلى قطاع غزة أدى إلى تداول عملات نقدية قديمة ويعرضها للتلف نتيجة عدم استبدالها من النظام المصرفي"، مبينًا أنّ "شح الأوراق النقدية في السوق دفع البعض ممن يتملكون السيولة بالاتجار بالمال وبالنسبة التي يريدونها، إلى جانب تناقص السيولة لأنّ جزء منها خرج للخارج من المسافرين عبر تنسيقات الشركات التي تقاضت أكثر من5000 دولار على الفرد الواحد وهو ما يشبه عملية الشراء من الخارج".

ويضطر المواطنون إلى دفع عُمولة كبيرة جداً مقابل الحصول على تحويلات من الخارج أو سحب أموالهم من الحسابات البنكية، كما لجأت المكاتب إلى التلاعب بشكل كبير في سعر صرف الشيكل مقابل الدولار، إضافة إلى تحكم التجار ووكلائهم في السيولة، أي أن هؤلاء احتكروا السيولة لكي يُحققوا الربح جراء العُمولات الكبيرة وغير المشروعة، إذ ظهرت المعاملات غير المشروعة، كالاستغلال والاحتكار، كما ظهرت طبقة جديدة من تجار الحروب، وفق رئيس قسم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية.

ويشير موسى، إلى أنّ "عملية تدفق الأموال للمصارف والبنوك تمر بعمليات معقدة، ومعظمها تعمل من خلال أموال المودعين، وسحب الأموال من الصرافات الآلية من قبل التجار يعني سحب تلك الودائع ما يعرضها لأزمة السيولة النقدية، ما يجعلها غير قادرة على دفع الأموال لعملائها، وخلال الحرب عطّل الاحتلال عمل تلك المصارف"، مبينًا أنّ "الأمر يعود إلى ضمير التجار خصوصًا الذين يبررون استغلال المواطنين بأنّه يخاطرون بشكل كبير في تحصيل السيولة النقدية، وهو ما يعارض الانتماء الوطني والأخلاقي لهم، وهذا يؤكد أن المواطن الغزي هو الضحية الأولى في كل شيء".

تبعية اقتصادية وفقًا لاتفاقية باريس

وبشأن تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد "الإسرائيلي"، عقّب المختص الاقتصادي، بأنّ الاحتلال يتحكم باقتصاد غزة وجميع مصادر دخول السيولة، نظراً إلى الارتباط الكبير وسيطرته على المعابر الحدودية مع غزة، لافتًا إلى أنّه وفقًا لبروتوكول اتفاقية باريس الاقتصادية، فإنّ السيولة تأتي من البنك المركزي "الإسرائيلي" للبنوك عبر سلطة النقد الفلسطينية، لكن منذ السابع من أكتوبر الماضي، يقوم الاحتلال بإغلاق المعابر، ومنع دخول البضائع، ومنع ادخال السيولة مما أدى لإغلاق البنوك بالقطاع.

ووفقاً لاتفاق باريس، فإن العُملة المهترئة يتم تحويلها للجانب "الإسرائيلي" لاستبدالها بعُملة جديدة، موضحًا أيضا إلى حل هذه الأزمة يكون عبر سلطة النقد من خلال مخاطبتها للمؤسسات الدولية ذات الصلة والبنك المركزي "الإسرائيلي" والمحاكم الاقتصادية بالخارج لتنفيذ ما ينص عليه اتفاق باريس واتفاقية جنيڤ الرابعة حول إدخال السيولة لقطاع غزة".

سلطة النقد تجد بدائل لنقص السيولة

وفي مطلع أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت سلطة النقد الفلسطينية التي تشرف على (القطاع المصرفي، وتعمل بمثابة المستشار المالي الرسمي للسلطة الفلسطينية)، عن تعذر فتح فروع البنوك لعمليات السحب والإيداع في محافظات قطاع غزة كافة، بسبب القصف والظروف الميدانية القاهرة وانقطاع التيار الكهربائي والواقع الأمني.

وأكدّت النقد في بيانها، أنّ أزمة السيولة تفاقمت مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي عن الخدمة، مشددةً أنّها تتابع شكاوى مواطنين تعرضوا للابتزاز والاستغلال مقابل حصولهم على تحويلات مالية خارجية، رافضة علميات الابتزاز واستغلال المواطنين في ظروفهم القاسية.

وفي محاولة سلطة النقد إيجاد حلولًا بديلة أطلقت في 11 مايو/أيار الماضي، خدمة الدفع الفوري إلكترونياً باستخدام التطبيقات البنكية والمحافظ الإلكترونية والبطاقات البنكية، بحيث سيكون تنفيذ الحوالات الفورية مجانياً على طرفي العلاقة بحيث لن يتحمل المُرسل والمستفيد أية تكلفة، وهو ما سيخفف من الأزمة الحادة الناتجة عن نقص السيولة في قطاع غزة، مما أدى إلى انهيار دخل آلاف الأسر.

مركز حقوقي: أزمة السيولة تؤثر على الفئات الأكثر هشاشة اقتصادياً

وبشأن منع الاحتلال وصول السيولة النقدية للمصارف والبنوك في غزة، قال مركز الميزان لحقوق الإنسان، إنّ"الاحتلال يمنع وصول (الشيقل) الذي يشكل عملة التداول الرئيسية في فلسطين، وبذلك تنتج أزمة السيولة المالية غير المسبوقة في قطاع غزة"، مبينًا أنّ أزمة نقص السيولة تؤثر على مناحي الحياة بشكلٍ مباشر، وتضاعف من التحديات التي تواجه الغزيين بشكل يومي، وتحول دون قدرتهم على سحب أموالهم من البنوك سواء رواتب وأجور الموظفين أو صناديق التوفير والودائع أو تلقي التحويلات الخارجية.

ويجدر بالإشارة إلى أنّ أكثر من يعاني بسبب هذه الأزمة هم الفئات الأكثر هشاشة اقتصادياً، والتي لم تستطع تلقي مخصصاتها منذ بداية العدوان، مثل منتفعي الشؤون الاجتماعية، وأسر الشهداء والجرحى والأسرى؛ ما يتطلب تدخلاً ضرورياً عاجلاً في ظل عدم وجود أي مورد مالي آخر لهذه الأسر، وفقًا للمركز الحقوقي.

خلاصة القول، تبين أنّ المواطنين في قطاع غزة يعيشون حربًا اقتصادية حادة إلى جانب حرب الاحتلال، إذّ مع شحّ السيولة النقدية، وإغلاق المصارف ومكاتب الصرافة، وفي ظل غياب الدور الرقابي على تجار العُملة، تنتشر الفوضى المالية في القطاع، حيث يتلاعب أصحاب "السيولة النقدية والأموال" ويتحكمونّ في السوق المالي ويجنون أرباحًا ضخمة جراء تلك الأزمة المالية، ما يتطلب من الجهات المعنية دوراً فاعلًا في مواجهة هذا الاحتكار والاستغلال لجيوب المواطنين ونهش أرزاقهم دون حسيب ولا رقيب.