Menu

رحلة نزوح لا تنتهي..

تقريردير البلح: إخلاء المستشفى الوحيد بجنوب القطاع وحصر الأهالي في منطقة ضيقة

أحمد زقوت

نزوح..

خاص_ بوابة الهدف الإخبارية

في مساحةٍ ضيقةٍ حصر جيش الاحتلال المواطنين والنازحين في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، إذّ باتت المدينة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالنازحين، حيث تضمّ حاليًا نحو مليون نسمة من إجمالي عدد سكان القطاع البالغ عددهم مليونين و300 ألف شخص.

يهربُ الأهالي من مكانٍ لآخر وما أنّ يمكثوا فيه بعض الأيام يطالبهم الاحتلال عبر منشوراته بالإخلاء رغم أنّه قال على الأماكن السابقة إنّها "آمنة"، أين يذهب المواطنون في ظل عدم توفر مكان واحد آمن؟، هكذا حال السكان الذي يعانون في كل مرةٍ من أوامر الإخلاء المتكررة رحلة نزوح قاسية.

النازح محمد الدلو، يقول لـ "بوابة الهدف الإخبارية": "نزحت من مدينة غزة في بداية الحرب وفق أوامر جيش الاحتلال بعد إلقائه منشورات تطالبنا بالإخلاء إلى جنوب القطاع، ظنّا منّا أنّها آمنة، لكنّ بعد شهرين بدأ الاحتلال عملياته البرية في المناطق الجنوبية، وبدأتُ كغيري برحلة نزوح مستمرة دون توقف من مكانٍ لآخر".

ويضيف الدلو، أنّه "لا يوجد مكان آمن للذهاب إليه بعد مطالبة الاحتلال بإخلاء مدينة دير البلح التي كنت نازحًا إليها من شرق مدينة خانيونس والتي دخلها الاحتلال قبل فترة وجيزة وما زال فيها"، مشيرًا إلى أنّ "اكتظاظ السكان وتكدسهم في منطقةٍ ضيقة مفتقرة للحد الأدنى من الحياة الآدمية يجعل أوضاعنا مأساوية للغاية".

ويلفت النازح الدلو، إلى أنّ الاحتلال يكذب مراراً وتكراراً على المواطنين بتصنيف بعض المناطق إنسانية أي "آمنة"، لكن ما أواجهه منذ بدء الحرب يؤكّد أنّ كل قطاع غزة منطقة موت وخطر محقق على أرواح السكان وخصوصًا النازحين الذين يصفون خيامهم في الشوارع والأرصفة والمقابر وساحات الملاعب وعلى السواحل رغم الأجواء الحارة".

ولم يكتفِ جيش الاحتلال بحصر هؤلاء النازحين في مكانِ صغير، بل طالبهم بإخلاء عدة مناطق منها بلوك "128" والذي يقع فيه مستشفى شهداء الأقصى الوحيد الذي يعمل في جنوب القطاع بكامل قدراته، استعدادًا لشن عمليات عسكرية بتلك المنطقة، ما أجبر السكان على التكدس في غرب المدينة، وجعل الأهالي في معاناة مستمرة بلا توقف.

بدوره، يؤكّد الناطق باسم مستشفى شهداء الأقصى خليل الدقران لـ "بوابة الهدف"، أنّ "الاحتلال طالب بإخلاء المنطقة رغم علمه المسبق بأنّها آخر المستشفيات بجميع إمكانياتها، بل يعرف أيضًا أنّها تفتقر بشكل كبير إلى الأدوية والمستهلكات الطبية، خصوصًا في أقسام الطوارئ وغرف العمليات، نظرًا لطول أمد الحرب المتواصلة لأكثر من325 يومًا"، مبينًا أنّ المستشفى تقع في وسط مدينة دير البلح التي قد صنفها سابقًا أنّها ضمن المناطق "الإنسانية الآمنة"، وشرق المدينة تقع عمليات عسكرية لجيش الاحتلال، وغربها يوجد آلاف المواطنين والنازحين الفارين من قصفه ونيرانه".

ويلفت الدقران، إلى أنّ "الكوادر الطبية في قطاع غزة مُنهكة ومُتعبة، بسبب العمل المُستمر على مدار الساعة، وبعضهم لا يخرجون من المستشفيات ويقدمون خدماتهم للمرضى والجرحى في كل لحظة"، لافتًا إلى أنّ "دعم المؤسسات الطبية الدولية تراجع مؤخرًا، نتيجة منع الاحتلال إدخال أي مواد طبية للقطاع".

ويشدد الدقران، على أنّ الطواقم الصحية مستمرة في عملها بمستشفى شهداء الأقصى وتقديم خدماتها لعشرات الجرحى الذين ما زالوا يتلقون العلاج، بينهم 7 أشخاص في غرفة العناية المكثفة، مشددًا على ضرورة حماية المستشفى وكوادره والمرضى.

من جانبها، تؤكّد بلدية مدينة دير البلح، خروج 25 مركزاً للإيواء وعدد من المنشآت الحيوية عن الخدمة بعد تهجير قسري لـ 250 ألف مواطن خلال الـ 72ساعة الماضية، إثر إخلاء الاحتلال لأحياء جديدة في المدينة، مشيرةً إلى أنّ "قرار الاحتلال بالإخلاء يُخرج المستشفى الحكومي الوحيد الذي لا زال يعمل في جنوب قطاع غزة عن الخدمة".

وتشير البلدية، في بيانها، إلى أنّه "خرجت 4 آبار مياه جديدة عن الخدمة ليصبح عدد الآبار غير المتاحة 14 بئراً كانت تغذي ما يقارب 70 % من الموجودين في المدينة، وأنّ الإخلاء الأخير يهدد خزان المياه الرئيس في المدينة ما سيفاقم كارثة الحصول على الماء".

وتلفت البلدية، إلى أنّ مؤسسات الإغاثة الدولية التي كانت تقدم الخدمة للأهالي غادرت المنطقة بعد قرار الإخلاء، داعيةً المجتمع الدولي للتدخل العاجل؛ لتمكين طواقم الخدمة الإنسانية العاملة في الميدان الإنساني من بلديات ومستشفيات وجمعيات إغاثة من القيام بواجبها الإنساني لتقديم الخدمة المطلوبة منها للمواطنين.

من جهته، يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة لـ "بوابة الهدف"، إنّ "عدد السكان الموجودين في الوقت الحالي بمدينة دير البلح يقدر بمليون شخص، حيث كان عدد المقيمين في المدينة قبل العدوان قرابة 100 ألف شخص، إذ باتت المدينة الأعلى كثافة سكنية في العالم".

ويبين الثوابتة، أنّ الاحتلال قلص المنطقة التي يدعي أنها "إنسانية وآمنة" إلى 36 كيلومتراً مربعاً، أي ما يقدر بأقل من 10% من إجمالي مساحة القطاع، بعد تهديد أجزاء من مدينة دير البلح تحديداً بعد منتصف أغسطس/ آب الجاري.

وعلى صعيد القطاع الصحي، يؤكّد مدير المكتب الإعلامي، أنّ "الاحتلال يستهدف بشكل متكرر المستشفيات والمراكز الصحية التي تقدم خدماتها للمواطنين والتي كان آخرها مطالبته بإخلاء المنطقة التي تقع ضمنها مستشفى شهداء الأقصى"، لافتًا إلى أنّ "الاحتلال دمر بشكلٍ مباشرٍ 160 مؤسسة صحية في قطاع غزة منذ عدوانه، وأخرج 34 مستشفى عن الخدمة من أصل 35، ما عمق من حجم الأزمة الصحية في القطاع".

وخلال عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، ركز على استهداف المستشفيات والمراكز الصحية، ما أدى لإخراج معظمها عن الخدمة، لا سيما مجمع الشفاء الطبي الذي يعّد أكبر المستشفيات في القطاع، ما جعل حياة المرضى والجرحى في خطر كبير.