Menu

إنهاء الاحتلال خلال عام

الجمعية العامة تتحدى "إسرائيل" : قرار حاسم لإنهاء الاحتلال خلال 12 شهراً

جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤

الهدف الإخبارية - نيويورك

تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً في 18 سبتمبر 2024، يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية خلال 12 شهراً. القرار، الذي جاء على خلفية فتوى محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية لاستمرار سياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، حظي بدعم 124 دولة، بينما صوتت ضده 14 دولة، وامتنعت 43 عن التصويت. من بين الدول المعارضة للقرار كانت الولايات المتحدة، إسرائيل، والأرجنتين، فيما شكّل تصويت عدد من الدول الأوروبية لصالح القرار تحولاً لافتاً في المواقف الدولية.

السياق القانوني للقرار

القرار الأممي يستند إلى رأي استشاري أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو الماضي، والذي اعتبر استمرار وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 غير قانوني. الفتوى طالبت بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في أسرع وقت ممكن، والتوقف الفوري عن توسيع المستوطنات، وإجلاء المستوطنين من الأراضي المحتلة. كما ألزمت الفتوى إسرائيل بتقديم التعويضات للمتضررين من ممارسات الاحتلال.

أشارت محكمة العدل الدولية في فتواها إلى أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناشئ عن وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعدم تقديم أي دعم من شأنه الإبقاء على هذا الوضع. وتأتي هذه الفتوى كجزء من الجهود الدولية المستمرة لمساءلة إسرائيل على انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين.

أبرز نصوص القرار الأممي

يرحب القرار الأممي بفتوى محكمة العدل الدولية، ويطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة دون تأخير، مع تحديد مهلة قدرها 12 شهراً للانسحاب الكامل من تلك الأراضي، بما في ذلك المجالين الجوي والبحري الفلسطينيين. كما يطالب القرار بوقف الأنشطة الاستيطانية الجديدة فوراً، وإجلاء جميع المستوطنين من الأراضي المحتلة، وتفكيك أجزاء من الجدار العازل الذي بنته إسرائيل.

القرار لا يكتفي بالمطالبة بإنهاء الاحتلال فقط، بل يشدد على ضرورة استعادة الفلسطينيين للأراضي والممتلكات التي استولت عليها إسرائيل منذ عام 1967، بما في ذلك الممتلكات الثقافية والأصول التي جرى الاستيلاء عليها من الفلسطينيين والمؤسسات الفلسطينية. كما يتناول القرار قضية اللاجئين الفلسطينيين، ويطالب بالسماح بعودة النازحين الفلسطينيين إلى أماكن إقامتهم الأصلية، بالإضافة إلى التعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة الاحتلال.

المسؤوليات القانونية الدولية

يشدد القرار على ضرورة عدم اعتراف الدول الأعضاء بأي تغييرات تطرأ على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، سواء كانت تلك التغييرات في الطابع المادي أو التركيبة الديمغرافية. ويدعو إلى التمييز بين أراضي إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة في التعاملات الدولية، بما في ذلك المعاهدات الاقتصادية والتجارية. ويشير القرار إلى أهمية اتخاذ خطوات فعلية لمنع استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية، ووقف نقل الأسلحة والمعدات التي تستخدمها إسرائيل في الأراضي المحتلة.

كما يطالب القرار بفرض عقوبات على الأشخاص المتورطين في استمرار الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول. وينص على ضرورة مساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها للقانون الدولي، سواء من خلال التحقيقات الوطنية أو الدولية. ويدعم القرار جهود المساءلة من أجل ضمان العدالة لجميع الضحايا، ويشدد على أهمية منع وقوع مثل هذه الجرائم في المستقبل.

المتابعة الدولية والإجراءات المطلوبة

القرار يدعو إلى عقد مؤتمر للدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة، وفقاً للمواد المتعلقة بفرض العقوبات على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي. كما يطلب من حكومة سويسرا، بصفتها الوديعة لاتفاقيات جنيف، القيام بالتحضيرات اللازمة لعقد المؤتمر في أسرع وقت ممكن.

إلى جانب ذلك، يطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، تقديم تقرير إلى الجمعية العامة خلال ثلاثة أشهر حول مدى التزام إسرائيل والدول الأخرى بتنفيذ أحكام القرار، بما في ذلك انتهاكات محتملة لأحكامه.

ردود الفعل الدولية

على الرغم من دعم عدد كبير من الدول الأوروبية للقرار، إلا أن بعض الدول امتنعت عن التصويت أو صوتت ضده، مثل الولايات المتحدة التي انتقدت رأي محكمة العدل الدولية، واعتبرت القرار غير متوازن. موقف الولايات المتحدة ليس جديداً؛ فقد كانت دائماً إلى جانب إسرائيل في الساحة الدولية، مستخدمة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد العديد من القرارات التي تدين إسرائيل.

أما في السياق الأوروبي، فإن تصويت دول مثل فرنسا وإسبانيا وأيرلندا لصالح القرار يعكس تحولاً ملموساً في الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية. وفي المقابل، امتنعت دول مثل المملكة المتحدة عن التصويت، مما يشير إلى الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

تداعيات القرار على الأرض

يأتي هذا القرار في وقت تتصاعد فيه الانتهاكات الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية، سواء من خلال توسيع المستوطنات أو الاقتحامات المتكررة للمدن الفلسطينية. وعلى الرغم من أن القرار لا يمتلك قوة قانونية ملزمة، إلا أنه يعكس موقف المجتمع الدولي المتزايد ضد سياسات الاحتلال.

يظل تنفيذ القرار وتطبيق أحكامه على الأرض مرهوناً بالإرادة الدولية ومدى الضغط الذي يمكن أن تمارسه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على إسرائيل. ومع ذلك، يعد القرار خطوة أخرى نحو تعزيز الجهود الدولية لإنهاء الاحتلال وضمان حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.