Menu

محاولات التصفية والبديل الفلسطيني

بوابة الهدف الإخبارية

الرئيس عباس

عودة المبادرة الفرنسية المتجددة لدفع عملية التسوية بين دولة الاحتلال والفلسطينيين، وما اعلن عن نية الادارة الامريكية نيتها طرح خطة للتسوية قبل نهاية 2016، تثير الكثير من التساؤلات حول نوايا الطرفين تجاه القضية الفلسطينية، وبالأخص تلك النوايا المتعلقة بالرغبة الغربية بالاستفادة من الحالة العربية المتشرذمة وما تشهده المنطقة لفرض تصفية القضية الفلسطينية.

ان التصريحات الاخيرة لنائب الرئيس الامريكي جو بايدن خلال زيارته للأراضي المحتلة ولقاءاته مع قادة الكيان الصهيوني، والتي تتبنى منطقهم، الذي يطلب الامن دون أي مقابل يقدم للفلسطينيين، والتفاوض مقابل التفاوض فحسب.

من المؤكد ان المبادرة الفرنسية لا تلبي الطموح الوطني الفلسطيني، وان ماضي الادارة الامريكية وطريقة ادارتها لعملية التسوية لا تمنح اي فلسطيني على الاطلاق الراحة والاطمئنان تجاه الدور الامريكي في عملية التسوية والخطط والمبادرات المرتبطة بهذا الدور.

ومن المهم هنا التذكير بالجهد الغربي الحثيث لحشد تأييد عربي لهذه المساعي، وان أي تجاوب عربي مع هذا الجهد سيسهل مهمة خنق الفلسطينيين، وزيادة الضغوط عليهم، فالدور العربي في عملية التسوية الذي لم يفيد الفلسطينيين سابقا لن يفيدهم حالياً بل وسيكون أكثر ضرراً في ضوء المتغيرات على أولويات التناقض التي طرأت على مواقف بعض البلدان العربية، واستحضار الدور العربي الآن لن يكون للضغط على دولة الاحتلال بالتأكيد، بل يحمل بجانب مخاطر التضييق على الفلسطينيين لتقديم تنازلات مباشرة، مخاطر اخرى تتصل بالمسعى الغربي لايجاد تسوية اقليمية للقضية الفلسطينية تتجاوز الحقوق الفلسطينية وتذيبها في اطار هذه التسوية لمشاكل المنطقة وحالات الاشتباك الملتهبة فيها.

ولكن الاهم ان التفاعل الفلسطيني الرسمي ايجابا مع هذه المبادرات يعطي مؤشرا سلبيا، فأي تعاطي مع هذه المبادرات يشكل تجاوز لقرارات المجلس المركزي الفلسطيني، وللإجماع الوطني الفلسطيني، بل ويتعدى ذلك ليشكل تسهيلا للجهد الغربي لخنق الانتفاضة وتصفية القضية الفلسطينية.

والمطلوب اليوم ازاء هذه المحاولات، بجانب الابصار الجيد لمعطيات هذه المرحلة، هو مغادرة حالة الشرذمة والانقسام الفلسطيني – الفلسطيني، والانطلاق جديا لتثبيت سياق فلسطيني بديل عن كل مارثونات التفاوض الذي لن يرتد على الفلسطينيين سلباً، سياق ينطلق من برنامج يعكس البعد التحرري الوطني والديمقراطي للنضال الوطني الفلسطيني، وبناء وحدة وطنية جادة بمؤسسات تمثيلية يعاد بنائها ديمقراطياً، والاحتكام إلى الشراكة في التقرير بالقضايا الوطنية.

ان التشبث الآن بخيار الشعب الفلسطيني المنتفض بوجه الاحتلال، بالمقاومة، بكل اداة ممكنة، وبملاحقة الاحتلال دوليا، وكذلك بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني ومؤسسات منظمة التحرير بوقف التنسيق الامني، وتطوير ادوات المواجهة مع المحتل الصهيوني، هو السبيل الناجع لمواجهة هذه المرحلة البائسة عربيا ودوليا.

فالذهاب نحو التفاوض مجددا الان يعني بالتأكيد نسف كل هذه الخيارات وما قطعه الفلسطينيون من خطوات فيها، وما قدموه من تضحيات مثمرة في هذا الاتجاه.